هل فكّرتَ يومًا في معنى أن يكونَ عندكَ بيتٌ تملك مفاتيحه وتستطيعُ دخولَه متى شئتَ وتُلقي فيه وعثاء التّعب وتلقي نفسَك بلا تحفّظٍ على فراشِه وأرائكه؟
هل تفكّرتَ قليلًا في حالكَ لو لم يكن عندكَ جدرانٌ تسترك وسقفٌ يظلّك ونوافذ تنظرُ إلى المطر والثّلج من خلفها وأنت تنعمُ بالدّفء والأمان؟
إنّ من أعظم نِعم الله تعالى التي لا نتفكّرُ فيها كثيرًا ولا نستشعرُ قيمتها على الحقيقة بسبب الاعتياد وطول الإلف؛ نعمة البيت.
نعمة أن يكونَ لكَ بيتٌ تسكنُ فيه؛ تسكنُ فيه نفسكَ من قلق التشرّد، وتسكنُ فيه جوارك من تعب اليوم ومشاقّ العمل، فلو تفكّرتَ قليلًا في حال المشرّد الهائم على وجهه بلا مأوى لعلمتَ معنى أن يمتنّ الله تعالى على عباده أن جعلَ لهم البيوتَ سكنًا كما قال في سورة النّحل: "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا"
نعمةُ الشّعور بالأمن التي لا يجدها من فقد بيتَه، الأمن من المستقبل المجهول، والأمن من وحوش البشر، والأمن من جوائح الطبيعة ومفاجآتها؛ هي نعمةٌ لا يجدها إلّا من كان له بيتٌ ولو منحوتًا في الجبال؛ كما بيّن الله تعالى في سورة الحجر: "وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ"
ما أعظمَ نعمةَ البيت لمن وجدها، وما أقلّ الالتفات إليها من غير فاقدها.