ورقة بحثية: تحديات إفريقية وتركية تنعكس على “القمة الثالثة” لاحتواء القارة

- ‎فيعربي ودولي

قالت ورقة بعنوان "القمة التركية- الإفريقية الثالثة ومُستقبل العلاقات بين الجانبين" نشرها موقع الشارع السياسي على الإنترنت إن "مستقبل تركيا في إفريقيا مرهون بمدى إدراكها الأخطار الناشئة والتبعات الأمنية والاقتصادية التي تعجّ بها القارة، تجنبا لتأثيرات تلك الاختلالات الداخلية في إفريقيا وانعكاساتها على مستقبل حضورها في المنطقة من جهة، واقتصادها وسياساتها الداخلية من جهة ثانية، انطلاقا من سياسة “صفر مشاكل” التي تتبعها تركيا".

 

تحديات إفريقية

وأوضحت الورقة أن مشكلات تركيا الداخلية تؤثر في محاولات احتواء إفريقيا مشيرة إلى مجموعة من التحديات التحديات الأمنية وتزايد المنافسين واللاعبين الكبار في القارة، لاسيما في القرن الإفريقي، هذا إلى جانب تبعات جائحة كورونا الاقتصادية، والتي قضت على أحلام شركات تركية كثيرة نحو التوسع في إفريقيا، سواء بسبب ضعف إمكاناتها الاقتصادية لتلك الدول أو من جراء تداعيات الأزمة المالية التركية، وتهاوي الليرة، هذا فضلا عن الأوضاع الداخلية لدول القارة الإفريقية، من حيث عدم الاستقرار السياسي والأمني، وتأثير التداخل الخارجي المضاد للحضور التركي في القارة، وهو ما قد يؤثر على مستقبل التموضع التركي.

سياسات جديدة
وأشارت الورقة إلى أن "أنقرة تنتهج سياسات أكثر جدية وإصرار على مضاعفة دبلوماسيتها الناعمة في العواصم الإفريقية، وسياسة العمق الإستراتيجي التركية تجاه إفريقيا آخذة في التوسع، وتنطلق من مبدأ “الاستمرار والتغيير”، فالتغيير هو وضع سياسات أساسية للرؤية المعرفية الناظمة للتوجه التركي الخارجي، وليس فقط إقامة تحالفات شكلية مؤقتة، لأن الاستجابة للتحديات الداخلية والخارجية تتطلب إدراكا مسبقا ومعرفة عميقة لمنافسيها الكبار، وتحدياتها الجيوإستراتيجية".
وأوضحت أن الاستمرارية من تركيا تجاه إفريقيا "أحد عناصر رؤية السياسة الخارجية التركية تتمثل في تذليل العقبات واحتواء التحديات وعدم الاستسلام للظروف المحيطة بمناطق حضورها، وهو ما يمنحها مناعة في التكيُّف مع المتغيرات الجديدة في الدول الإفريقية، كثيرة الغليان والتقلبات السياسية، خصوصا في الصومال التي يواجه الحضور التركي فيها تحديا أمنيا بسبب تهديدات حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، إلى جانب مخاوف سياسية من وصول خصوم تركيا إلى الحكم بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما قد يخيِّب آمال تركيا لضمان مستقبل وجودها في منطقة القرن الإفريقي أمنيا وإستراتيجيا".

مُخرجات القمة
وعن نتائج القمة التي عُقدت أخيرا، قالت إن "أولها كان توقيع مذكرة تفاهم للفترة الممتدة من 2022 إلى 2026 نحو تعزيز التعاون مع إفريقيا في مجالات التجارة والاستثمار والسلام والأمن والحكومة، إلى جانب التعليم والشباب، وتنمية المرأة، والبنية التحتية، والتنمية الزراعية، وتعزيز الشراكة في النظم الصحية المختلفة، كما تمثلت أحد أهم مخرجات القمة في دبلوماسية اللقاحات؛ والتي برزت في تعهُّد أردوغان بإرسال 15 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا إلى إفريقيا".
وأضافت أن تركيا تسعى من خلال هذه القمة إلى أن تعزز حضورها داخل القارة عبر الاستثمارات المختلفة في مجالات البنية التحتية والصحة وكذلك الطاقة، والبحث لها عن منفذ للانخراط – بشكل أو آخر– في إطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية".
وأوضحت أن "هناك رغبة تركية واضحة المعالم في تقديم الدعم وتبادل الخبرات حيال تلك الاتفاقية، والنقطة الأهم هي في تطوير التعاون مع إفريقيا ضمن قطاع الدفاع من خلال فتح 37 مكتبا عسكريا لأنقرة داخل الدول الإفريقية، إلى جانب فتح سوق جديدة أمام المنتجات العسكرية المختلفة في ضوء وجود توترات عند عدد من الدول حاليا". وتترجم ذلك بصفقات عديدة مثل صفقة المسيرات التركية من طراز “بيرقدارTB2” مع المغرب وكذلك إثيوبيا، حيث دعمتها تركيا بصفقة طائرات مشابهة، بالإضافة إلى كل من تونس وأنجولا".

 

القمة الثالثة
وتعتبر قمة شراكة إفريقية تركية والتي استضافتها العاصمة التركية أنقرة في 17 ديسمبر 2021، القمة الثالثة من نوعها؛ إذ سبقها عقد قمتان في عام 2008 وعام 2014، في إطار مساعي تركيا لترسيخ علاقاتها الإستراتيجية طويلة الأمد مع دول القارة الإفريقية.
وتسعى تركيا إلى مضاعفة جهود التعاون التركي الإفريقي في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية، على الرغم من التحديات الأمنية والسياسية التي تزداد في مناطق الحضور التركي، خصوصا الصومال وإثيوبيا وليبيا.
واختتمت أعمال القمة السبت 18 ديسمبر، لتكون إحدى أهم روافع تمدد تركيا في القارة السمراء ، وقد حظيت هذه القمة بمشاركة 16 رئيس دولة إفريقية، و102 وزير إفريقي، بينهم 26 وزيرا للخارجية، وهو ما قد يمثِّل اختبارا حقيقيا لمدى التأثير التركي في القارة التي لا تزال تئن من جراحات الماضي، وتواجه موجات القحط والجفاف في شرقيها ومخاوف من تمدد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في قلبها، وتداعيات المتحور أوميكرون في جنوبها، وهو ما قد يُنهك اقتصادات الدول الإفريقية التي تعتمد مداخيلها على حركة التنقلات والسياحة والتبادل التجاري العابر بين القارات والمحيطات.

https://politicalstreet.org/4793/?fbclid=IwAR3BRHasVRnEdOA8hXVzTaoEf_bd7mW5LOIZxxRfk8PdCRBEBO1BYHWWqLM