اعتبر مراقبون أن قرارت أغلب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الاعتراف بالـ 15 مارس يوما عالميا ضد الإسلاموفوبيا، والذي تزامن مع الذكرى السنوية لهجوم من يميني مسيحي متطرف في 2019 على مسجدين في نيوزيلندا؛ فخلّف 51 قتيلا من المسلمين وعشرات الإصابات، يؤكد أن كراهية الإسلام اتسعت رقعتها ، ويراها المسلمون في غير بلاد الإسلام والتي يشكلون فيها أقلية وتظهر جلية عند وقوع هجمات أو اتخاذ قرارات سياسية لوصم المسلمين.
ورأى مراقبون أن واقع المسلمين عند علوهم كانوا يحافظون على التعايش مع غير المسلمين ويحمون النصارى والكنائس كما في القدس بعد تحريرها من قبل صلاح الدين.
واستعرضت صحف غربية أجنبية انتشار خطاب الكراهية الموجه ضد الإسلام والمسلمين ليس فقط لدى فرنسا والهند كمثالين واضحين بل في كندا وكوريا الجنوبية.
ولتورطهما في التضييق على المسلمين، اعترضت فرنسا والهند على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة تدشين يوم لمكافحة كراهية الإسلام «إسلاموفوبيا»، والذي وافقت عليه غالبية دول العالم، حيث أيد القرار 55 دولة ذات أغلبية مسلمة في منظمة التعاون الإسلامي ومقرها الرياض، بما في ذلك السعودية وإيران ومصر وتركيا وقطر وسوريا والجزائر والمغرب والعديد من الدول الأخرى في الخليج وشمال إفريقيا.
ميدل إيست آي
ولفت موقع ميدل إيست آي البريطاني إلى أن ممثلي فرنسا والهند ليس هم فقط من تحدث ضد القرار، رغم عدم معارضة اعتماده بالإجماع.
إلا أن "الاتحاد الأوروبي" كتلة من 27 دولة أوروبية لديها صفة مراقب دائم في الأمم المتحدة، أيد مخاوف مندوب فرنسا في الأمم المتحدة دي ريفيير، من القرار إلا أنه لا يمتلك حق التصويت.
وأعرب الاتحاد الأوروبي، في بيان أمام الجمعية العامة، عن قلقه إزاء كثرة الأيام الدولية، وقال إن "التركيز على الإسلاموفوبيا كان تكرارا غير ضروري بعد أن اعتمدت الأمم المتحدة عام 2019 يوم 22 أغسطس يوما دوليا لإحياء ذكرى ضحايا أعمال العنف القائمة على الدين أو المعتقد".
وعلق ريان فريشي، الباحث في منظمة “Cage”، وهي مجموعات حقوقية تدافع عن المجتمعات المسلمة المتأثرة بسياسات مكافحة الإرهاب، لموقع “ميدل إيست آي” أن المعارضة الفرنسية لقرار الأمم المتحدة “لم تكن مفاجأة”.
ودعا الممثل الدائم للهند تي إس تيرومورتي، في كلمة أمام الجمعية العامة الأمم المتحدة، إلى إدانة “الإرهاب من الأديان” بدلا من إفراد الإسلاموفوبيا، مشيرا إلى التمييز ضد الهندوس والسيخ والبوذيين.
جلوب آند ميل
وقال تحقيق أجرته صحيفة (Globe and Mail) الكندية إن "انتشار جرائم الكراهية قد أصبح على نطاق واسع في عموم البلاد، حيث تراوحت النسبة بين 6 % إلى 38 %، بحسب ترجمة للناشط حسن قطامش على تويتر".
وأضاف التحقيق أنه خلال الفترة التي تغطيها بيانات الصحيفة من (2013 : 2020) تضاعف عدد الجرائم الكندية التي تنطوي على الكراهية أو التحيز إلى أكثر من الضعف، لتصل إلى 2669 جريمة في عام 2019 وحده.
وأشارت الصحيفة إلى تضاعف الجرائم ضد السود، الذين تقول الشرطة إنهم "دائما أكثر الأعراق استهدافا لجرائم الكراهية بشكل متكرر".
وقال خبراء الشرطة إن "الحالات التي تم الإبلاغ عنها للحكومة الفيدرالية، تقلل إلى حد كبير من نطاق وحجم مشكلة جرائم الكراهية المتزايدة في البلاد مضيفة أن هناك فجوة دراماتيكية بين الأشخاص المكروهين الذين يقولون إنهم يواجهون في جميع أنحاء البلاد، وما تنتهي به الأمر إلى الشرطة بالتحقيق فيه".
ونبهت الصحيفة إلى تقرير من "الدراسة الاجتماعية العامة للإحصاء الكندي" حول الإيذاء قال إن "ما يقرب من 250.000 شخص تعرضوا لحوادث بدوافع الكراهية خلال 2019، بتحليل أداء أكبر 13 قوة بلدية وإقليمية في كندا، 6 منها لديها عدة ضباط متفرغين لحل جرائم الكراهية".
وبحسب سلسلة من التغريدات عبر (@HasanQatamish) نوهت الصحيفة إلى تصريحات الضحايا الذين قالوا إن "أكثر من نصف هذه الأحداث 130.000 كانت عنيفة، وأنه خُمس هؤلاء الأشخاص، فقط 48000 قاموا بالاتصال بالشرطة المحلية".
ولفتت الدراسات الإحصائية، إلى أنه في كثير من الأحيان، فإن جرائم الكراهية لا يتم الإبلاغ عنها للشرطة -وحتى عندما يفتح الضباط قضية- فإن دافع الكراهية الذي يحفز المعتدي يتم استبعاده من الإجراءات الجنائية، مضيفة أنه حتى البلاغات عن جرائم الكراهية والتي تحقق فيها الشرطة، يتم التلاعب بدوافعها ".
كوريا الجنوبية
والتفت تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" إلى تناول انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في كوريا الجنوبية قال "أصبح الخلاف على بناء مسجد نقطة مفصلية، وجزءا من ظاهرة أكبر تتصاعد لدى الكوريين الجنوبيين، وغالبا ما يتحمل المسلمون وطأة هذه المخاوف العنصرية".
وأضاف أنه "أثار وصول 500 طالب لجوء يمني إلى جزيرة جيجو في عام 2018 أول سلسلة من الاحتجاجات المنظمة المناهضة للمهاجرين في كوريا الجنوبية".
وعلى الفور استجابت الحكومة لدفع هذه المخاوف التي تتمثل في أن يقوم طالبو اللجوء بإيواء الإرهابيين، فمنعت اللاجئين اليمنيين من مغادرة الجزيرة.
واعتبر زعيم شبكة اطردوا اللاجئين لي هيونج أو شبكة وطنية مناهضة للهجرة تعارض بناء المساجد في كوريا الجنوبية مهاجما المسلمين أن قواعدهم الخاصة بالحجاب وحدها هي سبب كافٍ لعدم دخول بلادنا أبدا.
وتعهد يون سوك يول ، المرشح المحافظ البارز في الانتخابات الرئاسية بمنع المهاجرين.
وتصاعد الأمر في مدينة دايجو ، ثالث أكبر مدينة حضرية في كوريا الجنوبية عندما بدأ حوالي 150 مسلما، معظمهم من الطلاب في جامعة كيونغ بوك الوطنية، في بناء مسجد في مكان قريب من الموقع المؤقت للصلاة منذ حوالي عام، عندما اكتشف جيرانهم الكوريون الأمر، أنكروا الأمر وغضبوا بشدة.
وكتب كوريون على لافتات احتجاجية أن المسجد سيحول الحي إلى "جيب للمسلمين وحي فقير ممتلأ بالجريمة" وسيجلب المزيد من الضوضاء و رائحة الطعام من ثقافة غير مألوفة، كما سيؤدي إلى طرد السكان الكوريين .
وعلقوا لافتة كبيرة مقابل موقع المسجد المقترح "الكوريون أولا"
وقال كيم جيونج سوك ، وهو مواطن كوري يبلغ من العمر 67 عاما ويعارض إنشاء المسجد "لا يمكن أن يكون لدينا منشأة دينية جديدة في منطقتنا المزدحمة، يوجد في الحي بالفعل 15 كنيسة مسيحية، بما في ذلك واحدة على بعد حوالي 30 ياردة من مكان المسجد" .
وكالة يونهاب الكورية الجنوبية الرسمية للأنباء نشرت في 20 مارس الجاري تحقيقا بعنوان " تزايد ظاهرة التخوف من انتشار الإسلام في كوريا الجنوبية " وقالت "تنتشر ظاهرة الإسلاموفوبيا مؤخرا، حيث تتواصل النزاعات بين السكان المحليين والمسلمين في البلاد حول بناء المنشآت الإسلامية".
وأصدرت الرابطة الكورية لدراسات الشرق الأوسط تقريرا حول الوضع الراهن للتوزيع الجغرافي للمساجد في كوريا الجنوبية فإنه تم بناء ما لا يقل عن 150 مسجدا حتى الآن، بما في ذلك المصليات الصغيرة، في جميع أنحاء البلاد منذ عام 1976 عندما بُني مسجد سيئول المركزي في العاصمة، وقدرت "الرابطة" أن هناك حوالي 200 ألف مسلم في كوريا الجنوبية حاليا.
مؤيدو القرار
الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حسين إبراهيم طه، قال إن "القرار سيعزز الوعي العالمي بتهديد الكراهية والتعصب ضد المسلمين".
غير أن هذه المنظمات بدأت تخرج عن التضامن مع المسلمين المضطهدين، فقالت "رابطة شباب مسلمي الصين" إنه "في الآونة الأخيرة، أعرب مسلمو الصين عن غضبهم الشديد واستيائهم من دعوة وزير الخارجية الصيني لاجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، لأن الاجتماع لم يشر إلى اضطهاد الحزب الشيوعي الصيني وقمعه للمسلمين الصينيين في السنوات الأخيرة. غضب أئمة وعلماء المساجد في عموم الصين بذلك".
أما الأكاديمي السعودي مهنا الحبيل فنشر مقالا بعنوان "إعلان اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا" وقال إن "القرار كان جهدا من الرئيس الباكستاني عمران خان المميز، مضيفا أن حديثه على المنصات يستحق الشكر والتقدير، وهو أيضا يُذكر بأهمية الإفادة من أي مساحة رسمية ممكنة في الدول المسلمة.
وقال إن "العبور الناجح لاستثمار هذا اليوم يحتاج تعاضدا من مؤسسات إعلامية كبرى كقناة الجزيرة على سبيل المثال، فتفعيل هذا اليوم يربط ما بين المسلمين وذاتهم والتذكير بالمنهج الأخلاقي الذي يحتاجونه لأنفسهم والآخرين".
ولذلك سجل الاتحاد الأوروبي والهند وفرنسا تحفظهم على القرار، وكل هذه الدول المتحفظة ضمن سياق الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا، وكذلك الهند تحت حكم حزب باراتي جاناتا المتطرف، تعيش مجتمعات المسلمين فيها حملات كراهية ممنهجة برعاية رسمية ضمنية أو صريحة".