في ظل غضب شعبي متراكم من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والتعاطي الفاشل لنظام السيسي مع كافة تفاصيل الحياة المصرية في الفترة الأخيرة، اضطر نظام السيسي، وبعد تقارير مخابراتية راصدة لاقتراب انفجار الشعب المصري، تراجع مجلس نواب السيسي عن إقرار قانون الأحوال الشخصية الجديد المقدم من الحكومة، تحت ضغوط اجتماعية وأراء باتة لشيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء الرافضين لمواد القانون المخالف لأحكام الشريعة الإسلامية.
وكشفت تقارير إعلامية عن إبلاغ رئيس مجلس النواب حنفي الجبالي لأعضاء اللجنة التشريعية بعدم مناقشة القانون خلال الدورة البرلمانية المنعقدة حتى يوليو المقبل، متذرعا بالتفرغ لإقرار موازنة العام المالي الجديد.
وأبلغ الجبالي رئيس اللجنة البرلمانية للشؤون التشريعية، إبراهيم الهنيدي، ورئيس لجنة التضامن الاجتماعي عبد الهادي القصبي، وطالبهما بنقل تعليمات إلى أعضاء اللجنتين بعدم التحدث لوسائل الإعلام عن أي اقتراحات لتعديل قانون الأحوال الشخصية (الأسرة) حتى انتهاء الدورة.
وشدد الجبالي بقوله "لا مجال لمناقشة أي تعديلات مقترحة على قانون الأحوال الشخصية، خلال الفترة الباقية من الدورة البرلمانية، بسبب انشغال لجان البرلمان بمناقشة بنود الميزانية الجديدة للدولة، تمهيدا لاعتمادها قبل بدء العام المالي في الأول من يوليو المقبل".
ورفض جبالي مناقشة التعديلات على قانون الأسرة إلا بعد أخذ رأي الأزهر الشريف، وإعلان موافقته على اقتراحات التعديل بعد منح رأيه الشرعي الخاص بحذف اقتراحات، أو إضافة أخرى أو إجراء تعديلات عليها، في ضوء التزام مجلس النواب المادتين الثانية والسابعة من الدستور، وتمسكه بتجنب الصدام مع المؤسسة الدينية الأهم في البلاد.
وتنص المادة الثانية من الدستور المصري على أن "مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" فيما تخوّل المادة السابعة الأزهر الإشراف على كل جوانب التشريع لكونه المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم".
ومن المرجح مناقشة القانون في نهاية العام الجاري، شرط أن يعلن الأزهر موقفه الصريح منه.
وتتضمن رؤية المجلس القومي للمرأة نقاطا كثيرة مثيرة للجدل تميل غالبيتها لمصلحة حقوق النساء، ومنها الحق في الكد والسعاية، واستقلال الذمة المالية للزوجين، والتحقق من موافقة الزوجة الأولى على الزواج الثاني لرجلها، ومنح الولاية للمرأة الراشدة بحسب اختيارها ومصلحتها، بما يشمل عقد زواجها بنفسها.
كذلك عرضت هذه الرؤية لإمكان كشف الحسابات المصرفية للزوج، وضمان الحقوق المالية للمرأة في المتعة والمؤخر، وعدم سقوط حضانة الأبناء بالنسبة إلى الأرمل أو الأرملة، وإلغاء أحكام الطاعة التي تمنح الزوج حق رفع دعوى.
يشار إلى أن تجميد مشروع قانون الأسرة الذي قدمته الحكومة إلى البرلمان في فبراير 2021، يعود إلى اعتراض الأزهر على الكثير من مواده، ولا سيما تلك المتعلقة بتنظيم الخطبة، وعقد الزواج وآثاره وأحكامه، والطلاق والنفقة والحضانة، لكن مواضيعه طُرحت مجددا للنقاش بعدما قدم نواب اقتراحات لتعديل القانون، إثر عرض مسلسل "فاتن أمل حربي" خلال شهر رمضان الأخير.
وأثار المسلسل الذي أدت الممثلة نيللي كريم دور بطلته، جدلا كبيرا خلال عرضه، باعتباره يدين تشريعات مصرية خاصة بالمرأة المعيلة، وحقوقها بعد الطلاق، ما رفع سقف التوقعات لدى البعض بإمكان تغيير بعض القوانين، وهو ما حصل بعد عرض فيلم "أريد حلا" للممثلة الراحلة فاتن حمامة دور البطولة فيه عام 1979، حين جرى تعديل قانون الأحوال الشخصية.
يشار إلى أنه في 10 مايو الجاري، قال السيسي في مداخلة تلفزيونية إن "المرأة المصرية مظلومة، وقضايا الأحوال الشخصية من أخطر القضايا التي تواجه المجتمع، وتؤثر بمستقبله في شكل أو آخر" وجدد دعوته إلى إعداد تشريع جديد للأحوال الشخصية يُلزم الجميع بحل قضايا الأسرة، وذلك بمشاركة الحكومة والبرلمان والأزهر وكل مؤسسات المجتمع، من أجل الوصول إلى قانون متزن وعادل يراعي مصالح الجميع".
بينما يرى الأزهر ضرورة التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية، في أي قوانين إنطلاقا من الرؤية الإسلامية والقانون والدستور الثابت، على عكس رؤية السيسي وجماعات الفيمنست لتغريب المجتمع المصري بشتى الوسائل، مستخدمين حقوق المرأة كباب للعلمنة على الرغم من توسيع الشريعة الإسلامية لحقوق المرأة وصيانتها بشكل متوازن.