نشر موقع "المعهد المصري للدراسات" ورقة بعنوان "دلالات وأهداف زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط" للباحث الفلسطيني د. عدنان أبو عامر، أكد فيها أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة في الفترة من 13 إلى 16 يوليو 2022، وسط أجندة مزدحمة يحملها، بين إعلان التطبيع مع السعوديين، والطلب من الأخيرة ضخ مزيد من النفط في السوق العالمية، وإنشاء حلف عسكري لمواجهة النفوذ الإيراني، وبين كل ملف وملف هناك ملفات أخرى.
واشار الباحث إلى أنه "سيكون صعبا إعلان التطبيع مع السعودية دون أن تكون واشنطن في قلبه، دون توفر ضمانات بحدوث ذلك، مع تضارب بعض المصالح السعودية الأمريكية، خاصة بسبب أسعار النفط، مع العلم أن التفاؤل الإسرائيلي من زيارة بايدن، يغلب عليه الحذر، لأنه لن تكون هناك قفزة مثيرة نحو اتفاق تطبيع كامل، بل خطوات صغيرة تراكمية".
جملة أهداف
ومن واقع الرصد الصهيوني عبر وسائل الإعلام المعبرة عنهم، أشار ابو عامر إلى أن الأجندة المتعددة؛ أهمها تحقيق انخفاض في أسعار النفط من خلال التزام واضح من السعودية بزيادة الإنتاج مع مرور الوقت، لأن من وجهة نظر الإدارة، فإن مثل هذا الالتزام، حتى لو لم يكن له تأثير فوري على الأسعار، لكنه سينقل الاستقرار الذي سيكون له تأثير طويل المدى.
وأضافت لذلك؛ تعزيز إجراءات التطبيع الإقليمي، خاصة مع السعودية، من خلال عملها على “خارطة طريق للتطبيع” بينهما، مع اجتماع مسؤولين عسكريين كباراً من الكيان ونظرائهم بالسعودية التقوا في مصر برعاية الولايات المتحدة، على أن يناقش بايدن مع مضيفيه خلال زيارته رؤية لإنشاء نظام دفاعي مشترك ضد الصواريخ والسفن، وهو يرى أن من المهم له في الفترة التي تسبق انتخابات التجديد النصفي، منحه هذا الإنجاز.
وأضاف الباحث أنه "تزامن قد لا يكون لمصلحة بايدن، الذي حدد موعد زيارته قبيل استقالة نفتالي بينيت من رئاسة الحكومة، وهو لا يريد أن يرى البتة بنيامين نتنياهو في مقعد رئاسة الحكومة بعد نوفمبر لأنه يعني قضاء العامين المتبقيين من ولايته الأولى في مناكفات مع إسرائيل هو في غنى عنها".
مصلحة حزبية
وقال الباحث إن الصهاينة يدركون أن زيارة بايدن القادمة لها مغزى سياسي داخلي، لا يقل أهمية عن الجوانب الخارجية والدولية، ففي نوفمبر 2022 ستجرى الانتخابات النصفية لمجلسي الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة، ووضع بايدن والديمقراطيين ليس جيداً، حيث تبلغ نسبة شعبيته 40% فقط، وهذه درجة غير كافية، ويشير تاريخ الانتخابات في الولايات المتحدة أن الحزب الذي يمثل البيت الأبيض يخسر مقاعد في انتخابات التجديد النصفي، وهي نوع من الاستفتاء على أداء الرئيس في أول عامين من ولايته.
وتوقعت هذه الأوساط الصهيونية فشلا كبيرا في انتخابات الكونجرس المقبلة قد يؤثر على الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وبالتالي فإن بايدن لديه اهتمام كبير بزيارة قبل الانتخابات النصفية لتعزيز دعم المرشحين الديمقراطيين، وستساعد زيارته بإيصال رسالة أن الولايات المتحدة لا تنوي مغادرة المنطقة، وأنها ملتزمة بحماية حلفائها..
وأشار إلى ان ذلك من خلال؛ زيادة الاتفاقات الأمنية، والاعتراف المتبادل بين الدول، وتمكين الحجاج المسلمين من فلسطينيي 48 من السفر مباشرة من مطار بن غوريون إلى مكة المكرمة، وتوفير ضمانات لحرية الملاحة "الإسرائيلية" في مضيق تيران، وأن يكرر بادين التزامه المعلن بأن إيران لن تمتلك أبداً أسلحة نووية، ووضع خطة عملية لضمان ذلك؛ والمبادرة لصياغة اتفاقية لتحقيق ذلك، وضمان أن تكون إسرائيل شريكاً كاملاً في التحالفات التي تبنيها الولايات المتحدة كجزء من منافسة القوى الأخرى.
ولفت إلى مصلحة صهيونية من ذلك في "تجديد الحوار مع السلطة الفلسطينية، ليس بالضرورة كمفاوضات سياسية، ولكن كخطوة شاملة لتعزيز حكمها، وتحسين نسيج الحياة على غرار “خطة مارشال” لإنعاشها، مع أن التنمية الاقتصادية المتسارعة في الضفة الغربية ستفيد الكيان أيضاً، لأنها ستسمح بمشاركة السعودية والخليج في تطوير بناها التحتية ومشاريعها الكبيرة، بزعم أنها ستساعد على استقرار الوضع الأمني".
وأن المقابل من الكيان، "وقف نقل التكنولوجيا والابتكار إلى الصين، لأنه مصلحة أمنية أمريكية عليا، فضلا عن موقف أكثر وضوحا انحيازا للجانب الغربي ضد روسيا في الحرب على أوكرانيا".
محطة السعودية
وقال الباحث إن بايدن يرغب "بالعودة لواشنطن وبيده الإنجاز الرئيسي بالاتفاق مع السعودية على زيادة إنتاج النفط بشكل كبير، وتدفقه للأسواق العالمية، وهو يعلم أن السعودية والإمارات تتمتعان بقدرة إنتاجية إضافية تبلغ عدة ملايين برميل يومياً، حيث يسعى لخفض سعر برميل النفط، وتقليل اعتماد أوروبا على روسيا، وتقويض النفوذ الاقتصادي لموسكو وقوتها المالية، وتقليل عائدات إيران في محاولة للمساعدة في دفع المفاوضات بشأن الاتفاق النووي".
وقالت محافل صهيونية إن "السعودية تسعى للحصول على ضمانات قوية للتدخل الأمريكي العميق في الخليج، وحفظ أمنها في مواجهة ما تصفه التهديد المتزايد من إيران، ومبعوثيها، ولا زالت في الخلفية تلك “الصدمة” السعودية من الهجوم الإيراني على بنيتها التحتية النفطية الحيوية في سبتمبر 2019، وإحجام إدارة ترامب في حينه عن الرد عليها".
تحالف دفاعي
وأضافت الورقة أن بايدن ينوي "الإعلان عن تحالفه الدفاعي الجديد في المنطقة، بعد إقامة تحالفات إقليمية حول العالم للتعامل مع التهديدات القديمة والجديدة، فقد شكّل تحالفات دفاعية مهمة في آسيا: أولاها التحالف الناطق باللغة الإنجليزية AUKUS، وهو اختصار لأستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وثانيها التحالف الرباعي ويضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند، وثالثها مجموعة رباعية أخرى من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والهند، ويُطلق على التحالف باللغة الإنجليزية I2U2، وهو مسعى أمريكي واضح مع الهند لربط التحالفات الآسيوية بتحالف الشرق الأوسط، على أن يكون لتل أبيب مكانة مركزية فيها، وقد تم تصميم التحالفات لتطوير تعاون هادف في مختلف المجالات العسكرية والأمنية، ولم تخف الصين تخوفها من أن هذه التحالفات موجهة ضدها، وانتقدتها بشدة.
وتحدث الباحث عن رغبة صهيونية في الاستفادة من الفرص الاستراتيجية التي تأتي مع زيارة بايدن، مثل بالسماح لطيرانها باستخدام أجواء السعودية مقابل موافقتها على اتفاق الأخيرة مع مصر على نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير.