بسبب تآكل المساحة الزراعية.. مصر تواجه مجاعة في زمن الانقلاب
مع تآكل المساحة الزراعية وتدهور الإنتاجية.."سلة غذاء العالم" تواجه مجاعة في زمن الانقلاب
مع تآكل المساحة المنزرعة في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي، تواجه مصر أزمة في توفير السلع الاستراتيجية وعلى رأسها القمح والذرة وقصب السكر والموالح وفول الصويا والخضروات وغيرها ، ما يهدد بمجاعة تجتاح محافظات الجمهورية يكون ضحاياها الغلابة والفقراء الذين لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم اليومية .
وعلى طريقة الهزل في وقت الجد أعلنت حكومة الانقلاب أنها وضعت على رأس أولويات خطة التنمية لعام 22/23 تحقيق الأمن الغذائي، من خلال النهوض بالإنتاجية الزراعية .
وزعمت أنها تعمل على زيادة المساحة المحصولية خلال عام 2023/2022 لتتجاوز 19 مليون فدان ، مشيرة إلى أنها تستهدف زيادة إنتاجية بنجر السكر من 22 طنا /فدان إلى 25 طنا /فدان، وقصب السكر من 50 طنا /فدان إلى 52 طنا /فدان، القمح من 18 أردبا / فدان إلى 20 أردبا/فدان، والموالح من 11 طنا/فدان إلى 14 طنا / فدان وفق تعبيرها.
كما زعمت أنها تستهدف في إطار خطة عام 2023/2022 الارتقاء بنسـب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمواطنين، من خلال زيادة المساحات المزورعة وتحسين إنتاجها.
الاكتفاء الذاتي
هذه المزاعم تكشف أن حكومة الانقلاب تتجاهل التحديات التي تواجه القطاع الزراعي والتي تجعل من المستحيل تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، ومن أهم هذه التحديات محدودية الأراضي المتاحة للزراعة ، وتناقص نصيب الفرد منها والذي وصل إلى 2 قيراط للفرد مقابل فدان لكل فرد في فترات زمنية سابقة .
الواقع الأليم يكشف عنه تدهور الإنتاج الزراعي في زمن الانقلاب والذي بسببه أصبحت مصر التي كان يطلق عليها "سلة غذاء العالم" دولة مستوردة للغذاء سواء منتجات زراعية طبيعية أو مصنعة، ومع تزايد الفجوة اضطرت مصر لاستيراد محاصيل لم تكن مدرجة في قائمة الاستيراد مثل الفول المدمس الذي تم الإعلان عن استيراده قبل أيام بعد ارتفاعات متتالية في أسعاره.
وتؤكد بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن حالات التعدي على الأراضي الزراعية بلغت 2 مليون حالة خلال السنوات العشر الأخيرة.
وأكد الجهاز أن حالات التعدي على الأراضي الزراعية ارتفعت بصورة غير مسبوقة منذ ثورة 25 يناير 2011، خاصة في الثماني سنوات الأخيرة .
مؤشر خطير
حول هذه الكارثة قال الدكتور سيد عطية، رئيس الإدارة المركزية لحماية الأراضي، إن "وصول نصيب الفرد إلى 2 قيراط مقابل فدان لكل فرد في فترات زمنية سابقة، مؤشر من أخطر التحديات التي تواجه القطاع الزراعي".
وحذر «عطية» في تصريحات صحفية من أن تراجع نصيب الفرد من المساحة الزراعية يحتم الاتجاه إلى البديل، وهو زراعة الأراضي الصحراوية بأضعاف تكلفة زراعة نفس المحصول في الأراضي القديمة، خاصة في ظل الزيادة السكانية التي تتطلب المزيد من الإنتاج.
وأضاف أن نصيب الفرد من الأرض الزراعية أصبح فدانا واحدا لكل 13 نسمة، مشددا على ضرورة العمل على النهوض بقطاع الزراعة لأنه يمثل ركيزة أساسية في الاقتصاد القومي، حيث تبلغ نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 15%، كما يستوعب أكثر من 25% من القوى العاملة، إضافة إلى مساهمته الملموسة في تعظيم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية من خلال زيادة نسب الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة.
وأوضح «عطية» أنه وفقا لآخر التقارير الرسمية، يصل عدد الحائزين لمساحات أقل من فدان إلى 3,4 مليون حائز، بما يعادل نحو 70% من إجمالي عدد الحائزين، وهو ما يؤدي إلى ضعف كفاءة استغلال الأراضي الزراعية، وضعف إمكانية استخدام الميكنة الزراعية، وصعوبة تطبيق الدورة الزراعية وزيادة تكاليف الإنتاج.
وأشار إلى محدودية الرقعة الزراعية، خصوصا في ظل التعديات التي تمت على الأراضي في زمن الانقلاب، مما أدى إلى انحسار الرقعة القابلة للزراعة وتآكل مساحات كبيرة.
المحاصيل الاستراتيجية
وأكد حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب الفلاحين، أن الأزمة الحقيقية التي تواجه الزراعة وحكومة الانقلاب تتمثل في المحاصيل الاستراتيجية من الحبوب الزراعية وليس محصول القمح فقط موضحا أن مصر تستورد كميات كبيرة للغاية من الحبوب الزراعية بسبب عدم تغطية المنتج المحلي لحاجة السوق مما يجبرنا على استيراد العجز من الخارج.
وقال أبو صدام في تصريحات صحفية إن "الحرب التي تدور بين روسيا وأوكرانيا كشفت الأزمة التي تواجه مصر في زمن الانقلاب خاصة في محصول القمح وتوفير رغيف الخبز للمواطنين".
وشدد على ضرورة استصلاح مزيد من الأراضي الزراعية في المناطق الزراعية الجديدة لإنقاذ الموقف وزيادة الإنتاج الزراعي من أجل سد الفجوة التي تواجهها مصر ، خاصة بعد الأزمات التي تسببت فيها الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة فيروس كورونا المستجد وتوقف الاستيراد من بعض الدول ، بالإضافة إلى زيادة تكاليف الشحن البحري وارتفاع الأسعار.
فاتورة الاستيراد
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي إن "تقلص مساحة الأراضي الزراعية وتراجع الإنتاجية في زمن الانقلاب أدى إلى تصاعد فاتورة الاستيراد من الحبوب الزراعية وهو ما يكلف خزينة الدولة مليارات الدولارات مما أثر بالسلب علينا ، موضحا أن مصر تستورد تلك الكميات الكبيرة بالعملة الصعبة مما جعل هناك أزمة كبيرة في الاقتصاد المصري، خاصة أن الواردات تكون في سلع أخرى كثيرة وليس الحبوب الزراعية فقط".
وطالب الشافعي في تصريحات صحفية بضرورة دعم الفلاحين ومدهم بالمتطلبات التي يحتاجونها إلى جانب وجود سعر عادل لشراء المحاصيل من الفلاحين من جانب حكومة الانقلاب ، وذلك من أجل مواجهة هذه الأزمة التي تهدد بمجاعة في مصر .
وأضاف أن دعم الفلاحين يشجعهم على زيادة الإنتاج من المحاصيل الاستراتيجية وعلى رأسها القمح ، مؤكدا أن زيادة الإنتاج كفيل بتقليص فاتورة الاستيراد، وبالتالي توفير العملة الصعبة لمجالات وقطاعات أخرى وهذا يمثل أكبر دعم للجنيه المصري في مواجهة الدولار وغيره من العملات الأجنببة ووقف مسلسل ارتفاع الأسعار الذي وصل إلى درجة لا يستطيع معها أغلب المصريين الحصول على احتياجاتهم اليومية الأساسية.