كتب سيد توكل:
"برورووم" عبارة وردت في فيلم قديم للفنان إسماعيل ياسين، عندما سأله الشاويش «عطية»: "شغلتك علي المدفع إيه يا عسكري؟"، فلم يعرف ماذا تكون شغلته علي المدفع فتفوه بأي كلام متلعثم والسلام.. ليخرج لنا هذه الحكمة الغراء والدرة البلقاء وقال "برورووم"، هذه اللقطة المعبرة من هذا الفيلم الضاحك تنطبق على وظيفة وزراء خارجية الانقلاب منذ عبدالناصر مرورا بالسادات ومبارك ورئيس الانقلاب الحالي عبدالفتاح السيسي.
سياسيا، كان لشكري موقف واضح من ثورة 25 يناير 2011، وهو قوله إن جماعة الإخوان المسلمين اختطفتها، ويرى أن انقلاب 30 يونيو ثورة تصحيح لها، غير أن تلك التصريحات دائما ما كان يواجهها شباب ثورة يناير بقولهم إنها صادرة من دبلوماسي عمل سكرتيرا عدة سنوات للرئيس المخلوع الذي قامت ضده الثورة.
الأمر الذي أكده أحد النشطاء، على صفحته بفيس بوك، حينما قال: "وزير خارجية العسكر كان بيقول في مؤتمر صحفي منذ قليل إن السياسة الخارجية المصرية لا بد أن تتوافق أو تسير تحت ظل الأمن القومي المصري، ولأن مفهوم الأمن القومي المصري نفسه مقفول عليه بالضبة والمفتاح في إحدى معسكرات الجيش أو في دهاليز وزارة الدفاع، فمصر ترجع إلى وضعها الطبيعي منذ محمد علي، دولة العسكر والعسكر فقط!".
شكري مولوتوف!
وعلى طريقة الحزب البلشفي الذي حكم الاتحاد السوفيتي، تظهر العلاقة بين "السيسي" و"شكري" مثل الديكتاتور "ستالين" الذي يدير كل شيء ووزير خارجيته "مولوتوف"، وهو ما أكدته قناة «مكملين» المؤيدة للشرعية، التي بثت حلقة خاصة عرضت خلالها تسريبات جديدة، احتوت هذه المرة عدة مكالمات بين وزير خارجية العسكر «سامح شكري» وهو يتلقى أوامر رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وتم بث المكالمات في برنامج "مصر النهاردة" مع المقدم محمد ناصر، وظهر فيها صوت "شكري" وهو يعرض بعض تحركاته على "السيسي ويستشيره" قبل أي تحرك للخارجية.
وعلى طريقة حديث مجند الأمن المركزي تحدث "شكري" مع "السيسي" عن بيان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الذي أدان اتهام داخلية الانقلاب لقطر بلعب دور في تفجير الكاتدرائية المرقسية في ديسمبر الماضي، إضافة للقاءات شكري مع شخصيات أمريكية في واشنطن؛ من ضمنهم نائب الرئيس الأمريكي ترامب، وفريق المرشحة الخاسرة هيلاري كلينتون.
وزير خارجية افتراضي!
وتضم المكالمات حوارا يستشير فيه شكري رئيس الانقلاب حول المشاركة في مؤتمر لوزان الخاص بالأزمة السورية، ومكالمة أخرى عن دور الكويت في محاولة تحسين العلاقات المصرية الخليجية، وموضوعات سياسية أخرى.
وتعددت تعليقات النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حول الوظيفة التي يؤديها وزير خارجية الانقلاب، سامح شكري، مع رئيسه السيسي، وعلق عبد الرحمن صالح: "وزير خارجية (مفترض)، يغير رأيه 180 درجة في أقل من لحظة، وسياسة خارجية لدولة مثل مصر لها مكانة (مفترضة)، تُقر شؤونها الخارجية في لحظة".
وعقب خالد النجار: "إحنا عارفين إنهم انقلابيين وعملاء ومنبطحين، مش جديد عليهم العمالة والوساخة، وتقديم فروض الولاء والطاعة لسيدهم الأمريكي".
وقالت سهيلة محمد: "عدينا كل مقاييس الفشل.. السيسي يدير الدولة بالتليفون، ولا يسمح لغيره بإدارة المشهد".
وعقبت ياسمين حامد: "التسريب ده أزال الغطاء عن سامح شكري، وتبين قد إيه هو شخصية مهزوزة، ولا يمتلك أي رأي (…) فهو أداة يحركها النظام الفاسد كما يشاء.. هو اختار لنفسه هذه المكانة المهانة، وفضل أن يعيش ذليلا مهانا".
دليل وزير البيادة!
ومن الفاشل "سامح شكري"، إلى طابور طويل ممتد من الفشلة الذين خدموا في سكرتارية العسكر أمثال "أحمد أبو الغيط"و "أحمد ماهر"، تطول القائمة ولا تكاد تنتهي، وبحسب مراقبين هناك عدة نصائح إرشادية تقدم لكل وزير خارجية منذ عبد الناصر إلى السيسي كيف يحتفظ بمنصبه في شلة الديكتاتور، على النحو التالي:
– اعرف حدودك مع بلحة:
تذكر أنك وزير في حكومة انقلاب عسكري حيث لا تغيير جوهرى في السياسات منذ عهد عبد الناصر، كل المطلوب منك كوزير خارجية "ملهوش اي لازمة" أن تقود وزارتك بدون كوارث أو فضائح.
– لست وزيرا منتخبا:
رأي المصريين فيك لا يجب أن يشغلك، ادخر طاقتك لإرضاء الديكتاتور رئيس الانقلاب لأنه هو الذي يعينك ويقيلك كما يشاء بدون إبداء أسباب.
– مجرد سكرتير عند بلحة:
الحكمة تقول إن هناك وزراء فاشلون ظلوا طويلا في مناصبهم ووزراء أكفاء تمت إقالتهم بعد شهور، إذن تذكر أن الكفاءة تحرج الديكتاتور الفاشل، وانك مجرد سكرتير للعسكر.
– إياك وشعبية بلحة:
وتقول الحكمة أيضاً انك إذا صدقت نفسك وتصرفت كوزير حقيقي، أو إذا حققت انجازات واكتسبت شعبية عند الناس، فان الديكتاتور سيطيح بك فورا لأن الإعجاب يجب أن يظل خالصا للديكتاتور الفاشل وحده دون سواه.
– مجِّد سيدك بلحة:
إياك أن تفعل شيئا بدون أن تؤكد أنه "بناء على توجيهات السيد بلحة"، امدح الديكتاتور دائما بحماس وبلا هوادة، امدحه في الوزارة والتليفزيون والصحف، امدحه في جلساتك الخاصة وفي مآدب العشاء وفي مجلس الوزراء أمام زملائك، امدحه حتى في بيتك مع زوجتك وأولادك، لقد فقد وزراء مناصبهم لأنهم تحدثوا في بيوتهم بما لا يليق فنقلت أجهزة الأمن للديكتاتور ما قالوه، "بلحة" يحب المديح جدا حتى لو تظاهر بالعكس!
– استلهم من بلحة الحكمة:
تقول الحكمة أنه حتى تكون وزير خارجية بدرجة "شخشيخة" بارع، يتعين عليك أن تدرس خطب الديكتاتور بتعمق وتستخرج منها المعاني، إذا ذكر "بلحة" تلك العبارات من مأثورات الكوميديا مثل :"مش عاوز أحلف، لكن أقسم بالله.. مرسي أخد السلم معاه فوق… موقعة الاهتزاز… كلامي بيعدّي على فلاتر… حضرتك يا رب"، كل هذه وأكثر، سارع بنتظيم ندوة في وزارتك بعنوان "نظرية السلم والفلاتر الجيوسياسية"!
افتتح الندوة بالثناء على نبوغ "بلحة" الذى كان أول من انتبه إلى وجود "الفلاتر" قبل مراكز الأبحاث الدولية والجامعات الغربية، ستجد بالطبع عشرات من أساتذة الجامعة مستعدين لحضور الندوة ليتنافسوا في مديح "بلحة" والإشادة برؤيته الثاقبة.
– امتدح تفاني بلحة:
عليك كوزير خارجية للعسكر أن تظهر على شاشات الفضائيات كل فترة، في حوار طويل واطلب من المذيع أن يسألك عن ذكرياتك مع سيادة الديكتاتور، أجب عن السؤال بحكاية حدثت عندما سافرت مع "بلحة" إلى الخارج وكان سيادته يعمل 18 ساعة يوميا وفي الصباح تكون أنت متعبا للغاية بينما يكون "بلحة" في منتهى اللياقة الذهنية!
– أنت مراقب من بلحة
أجهزة المخابرات هي التى تحكم مصر منذ عام 1952، لم تكن لتحصل على منصبك لولا موافقة المخابرات، هؤلاء أسياد البلد فعلا أى ضابط صغير في أمن الدولة أو المخابرات يستطيع أن يقيلك من منصبك بتقرير أمنى واحد، اسع إلى صداقة الضباط وتقرب إليهم، قد تجد بعضهم متعجرفا سخيفا، تحمل فهذا ثمن منصبك.
– اكسب إعلام بلحة:
الإعلاميون هم أذرع الانقلاب البارزة، وهم في نفس الوقت من سيتولون تلميع صورتك فاكسبهم إلى صفك، أغدق على الإعلاميين الذين يغطون أخبار وزارتك، نفذ طلباتهم وامنحهم "عضمة" واصطحبهم على حساب الوزارة في رحلاتك الخارجية، سيدافعون عنك وسيمنعون نشر كل ما يسيء إليك.