فى مسألة التعدد [4].. «لسنا بدعًا من الأمم »

- ‎فيمقالات

 

تعدد الزوجات أمر مقرر فى الكتب السماوية كلها، فالتوراة فيها إثبات التعدد فى حق كثير من رسل الله (عليهم السلام) منهم: إبراهيم، ويعقوب، وداود، وسليمان، وموسى. والإنجيل ليس فيه نصٌ يحرِّم تعدد الزوجات. ينص العهد القديم على أن سيدنا إبراهيم (عليه السلام) كان يجمع أربع زوجات، بالإضافة إلى السرارى اللاتى كنَّ كثيرات العدد، ويعقوب (عليه السلام) تزوج من أربع نسوة، وجمع موسى (عليه السلام) بين اثنتين أو ثلاث نسوة، وكان لداود (عليه السلام) نحو 70 امرأة، أما سليمان (عليه السلام) فقد تزوج وتسرَّى بألف امرأة.

ويذكر العهد القديم أيضًا أن المرأة كانت ترسل جاريتها إلى زوجها فى حالة عجزها عن الحمل، مثلما فعلت السيدة سارة عندما أرسلت جاريتها هاجر إلى سيدنا إبراهيم، وكذلك أرسلت كل من (ليئة) و(راحيل) جاريتهما (زلفة) و(بلهة) إلى يعقوب (عليه السلام). ونصوص التوراة تأذن بالتعدد للجميع، رسلاً وأفرادًا، وقد ظل التعدد مباحًا فى اليهودية حتى جاء الحبر غرشوم الإشكنارى وأصدر قرارًا بتحريمه، وذلك فى القرن الحادى عشر؛ كان ذلك فى سياق الإصلاحات التى قام بها هذا الحبر فى القوانين اليهودية. أما النصارى فإنهم لم يحرموا التعدد حتى القرن السابع عشر، وقد تأثروا بالبلاد التى عاشوا فيها، ففى أفريقيا يبيحون التعدد، ويسمحون للقساوسة بالزواج، وفى أوروبا عكس ذلك، ولم تحرم المسيحية التعدد إلا بقانون مدنى لا بنص من كتابهم المقدس. وهناك بعض الطوائف المسيحية، تبيح التعدد -حتى الآن- مثل طائفة (المرمون) فى أمريكا، التى لا تحدد عددًا معينًا من الزوجات، أى تبيح التعدد بدون حدٍّ أقصى. «يضاف إلى ذلك أن أمر تعدد الزوجات ليس من تشريع الأديان السماوية فحسب، بل هو أمرٌ مستقرٌ فى سائر الحضارات، فالثابت تاريخيًّا أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور، بل كانت هذه الظاهرة منتشرة بين الفراعنة، وأشهر الفراعنة على الإطلاق هو رمسيس الثانى، كانت له ثمانى زوجات، وعشرات الجوارى، وأنجب أكثر من مائة وخمسين ولدًا وبنتًا، وأسماء زوجاته وأولاده منقوشة على جدران المعابد حتى اليوم.

وكان تعدد الزوجات شائعًا أيضًا فى الشعوب ذات الأصل «السلافى» وهى التى تسمى الآن بالروس والصرب والتشيك والسلوفاك، وتضم أيضًا معظم سكان ليتوانيا وأستونيا ومقدونيا ورومانيا وبلغاريا». [مركز الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية]. وإذا كانت الكنيسة قد منعت التعدد، فإنها قد أعطت الفرصة لانتشار البغاء، الذى أفرز مجتمعات مختلة نفسيًّا وأخلاقيًّا؛ ففى أمريكا وحدها 12 مليون طفل غير شرعى، 17 مليون شاذ جنسيًّا، 15 مليون شخص مصاب بالأمراض التناسلية، ومن بين كل خمس أسر هناك أسرة يُرتكب داخلها زنى المحارم!! إن هذه القيود المخالفة للشرع والفطرة، هى التى دفعت عددًا من مثقفى الغرب إلى انتقادها، والمناداة بتعدد الزوجات وعدم الاقتصار على زوجة واحدة؛ لما ينتج عن ذلك من اضطراب وبؤس.. • تقول «آنى بيزانت» في كتابها (الأديان المنتشرة فى الهند): «كيف يجوز أن يجرؤ الغربيون على الثورة ضد تعدد الزوجات المحدود عند الشرقيين ما دام البغاء شائعًا فى بلادهم؟! فلا يصح أن يُقال عن بيئة إن أهلها موحدون للزوجة ما دام فيها إلى جانب الزوجة الشرعية خدينات من وراء ستار، ومتى وزنّا الأمورَ بقسطاس مستقيم ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامى الذى يحمى ويحفظ ويغذى ويكسو النساء أرجح وزنًا من البغاء الغربى الذى يسمح بأن يتخذ الرجل المرأة لمحض إشباع شهواته، ثم يقذف بها فى الشارع متى قضى منها أوطاره». [موقع إسلام أون لاين، أحمد عطية الله].

ويقول الفيلسوف الإنجليزى «برتراند راسل»: «إن نظام الزواج بامرأة واحـدة، وتطبيقه تطبيقًا صــارمًا، قائم على افـــتراض أن عدد أفراد الجنسين متساوٍ تقريبًا، وما دامت الحــالة ليست كذلك، فإن فى بقائه قســوة بالغـة لأولــئك اللائى تضطــرهن الظروف إلى البقاء عانسات». [المصدر السابق]. • وتقول الأستاذة «لاندمان، أستاذة اللاهوت فى جنوب أفريقيا»: «ليس هناك سوى عدد محدود للغاية من الرجال فى العالم، فقد قُتل بعضهم فى الحروب، والآن حان الوقت كى تختار المرأة زوجًا من بين الرجال المتزوجين، وأن تتفاوض مع زوجته على أن تصبح فردًا من أفراد الأسرة». [جريدة الحياة اللندنية، العدد 13099؛ نقلًا عن إسلام أون لاين]. • ويقول «د. جوستاف لوبون»: «إن مبدأ تعدد الزوجات الشرقى نظام طيب، يرفع المستوى الأخلاقى فى الأمم التى تقول به، ويزيد الأسرة ارتباطًا، ويمنح المرأة احترامًا وسعادة لا تراهما فى أوروبا». [موقع مفكرة الإسلام].

ويقول المستشرق «فونس إيتين ديبه» فى كتابه (محمد رسول الله): «فالواقع يشهد بأن تعدد الزوجات شىء ذائع فى سائر أرجاء العالم، وسوف يظل موجودًا ما وُجد العالم، مهما تشددت القوانين فى تحريمه، وتعدد الزوجات قانون طبيعى سيبقى ما بقى العالم، ومع أن نظرية التوحيد فى الزوجة -وهى النظرية الآخذة بها المسيحية ظاهرًا- تنطوى تحتها سيئات متعددة، ظهرت على الأخص فى ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء، تلك هى: الدعارة، والعوانس من النساء، والأبناء غير الشرعيين». [المصدر السابق]. • ويقول «مك فارلين»: «إذا نظرنا إلى تعدد الزوجات فى الإسلام من الناحية الاجتماعية أو الأخلاقية أو المذهبية، فهو لا يعد مخالفًا بحال من الأحوال لأرقى أسلوب من أساليب الحضارة والمدنية، بل هو علاج عملى لمشكلات النساء البائسات والبغاء، واتخاذ المحظيات ونمو عدد العوانس الناجم عن الاستمرار فى المدنية الغربية بأوروبا وأمريكا». [المصدر السابق].

إن هناك ما يقرب من (50000) أمريكى يجمعون بين أكثر من زوجة، وحتى كتابة هذه السطور ما زالت «منظمة تعدد الزوجات الإنجيلية المسيحية» تخوض حربًا من أجل السماح بتعدد الزوجات داخل أمريكا. بل تخطى الأمر الولايات المتحدة، كونها مجتمعًا مفتوحًا، تتشابك فيه الأفكار والآراء دون حرج، إلى روسيا.. ففى عام 2000 ناقش (مجلس الدوما) الاقتراح الذى تقدم به نائب الرئيس فلاديمير جيرنوفسكى، وهو نائب قومى متشدد، الذى دعا إلى سن تشريع يسمح بمقتضاه بالتعدد للرجال، بحيث يصبح أربع زوجات فى حده الأقصى.. وعلل تقديمه هذا المشروع بأنه سوف يسمح بحل المشكلات الديموجرافية والاجتماعية فى روسيا؛ ولأن هناك عشرين مليون امرأة روسية لا يمكنها الزواج. وقد قال: «امنحوا النساء هذه الفرصة الأخيرة».. إلا أن الاقتراح قُوبل بالرفض؛ حيث جاءت نتيجة التصويت بالرفض: 271 صوتًا مقابل 21 صوتًا.