أعلنت الرئاسة اللبنانية، أن الصيغة النهائية لاتفاق سرقة الغاز الفلسطيني المسمى بـ"ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل"، تلبي المطالب التي كانت محور نقاش طويل خلال الأشهر الماضية، وتطلبت جهداً وساعات طويلة من المفاوضات الصعبة والمعقدة.
تتدخل الولايات المتحدة تتدخل حاليا لحمل كيان العدو الصهيوني على تدوير زوايا رفضها لملاحظات لبنان على عرض هوكشتين، لحرصها على تسوية النزاع العالق بين الطرفين، تفادياً لاندلاع حربٍ بينهما، وضماناً لتلبية حاجتها الماسة للغاز الذي يستخرجه الكيان الصهيوني، بغية سدّ حاجات دول أوروبا بعدما قطعت روسيا الغاز عن معظمها.
غاز حرام..!
من أقصى شمال المتوسط، إلى الجنوب عند منابع النيل في أفريقيا، يمدّ كيان العدو الصهيوني ساقيه، معلنا هيمنته على مصادر المياه والطاقة، فيما تهرول حكومات المنطقة نحوه، تعرض خدماتها، أو تطمع في فتات من الثروات المسروقة من فلسطين المحتلة.
نشوة الغاز تجرف في طريقها الخرائط التاريخية، فلم تعد ثمّة قداسة للحدود الجغرافية، إذ كل شيء قابل للتفاوض والمقايضة، وكأن التراب الوطني مقدّس، بينما مياه الوطن ليست كذلك، ليصبح طبيعيًا أن تتنازل البلاد عن حدودها البحرية، ولا تمانع في تسييل خطوط الطول والع
التدخل الأمريكي مع كيان العدو الصهيوني قد يعطي ثماره قبل موعد انتخاباته في الأول من نوفمبر المقبل، أو ربما بعدها، إذا لم يعترض لبنان على ذلك.
لكن، ماذا تراه يحدث إذا فاز في الانتخابات الإرهابي الصهيوني بنيامين نتنياهو الرافض بقوة مشروع الاتفاق الذي عرضه هوكشتين على الطرفين والمعلِن عزمه على عدم الالتزام به، إذا ما ألّف حكومة جديدة بعد الانتخابات؟
يرى مراقبون أن معارضة نتنياهو لـ"الاتفاق" هي مجرد تكتيك انتخابي، وأنه لن ينقضه في حال ألّف حكومة جديدة، بالنظر إلى حاجة كيان العدو الصهيوني الماسة لعائدات الغاز المستخرج من منصاتها البحرية، فضلا عن حاجة أمريكا وأوروبا له في صراعهما المرير مع روسيا، بعد قيامها بقطع الغاز عن معظم دول القارة العجوز.
ما خفي أعظم
وبالحديث عن سرقة الاحتلال للغاز الفلسطيني لا بد من استحضار نبذة معرفية عن هذا الغاز المنهوب، والذي تم اكتشافه قبالة سواحل غزة قبل أكثر من عقدين من الزمن، فبحسب تحقيق استقصائي نشرته قناة الجزيرة الفضائية منتصف أبريل 2019م حول غاز غزة ضمن برنامج "ما خفي أعظم"، فإن غاز غزة يتسم بالنقاء والقرب من الشاطئ ما يعني سهولة وانخفاض تكاليف استخراجه وارتفاع عوائده المالية والتي تُقدَّر بحوالي 4.5 مليار دولار سنويًّا لمدة خمسة عشر عامًا، وهي ثروة فلسطينية تمكن الاحتلال من سرقة كميات كبيرة منها قُدرت بنحو 1.5 تريليون قدم مكعب من الغاز الفلسطيني المنهوب وبيعه كذبًا على أنه غاز إسرائيلي.
جريمة الاحتلال بسرقة الغاز الفلسطيني قبالة سواحل غزة تم ارتكابها بمساعدة أطراف فلسطينية من بينها محمد رشيد الذي فوضته السلطة الفلسطينية حين كان مستشارًا للراحل باسر عرفات، بتمثيل السلطة في توقيع اتفاقية مع شركة "بريتش غاز" لاستخراج الغاز الفلسطيني قبل أن تتهمه السلطة لاحقًا بالفساد وغسل الأموال ونهب المال العام، ليتبين لاحقًا أن "بريتش غاز" نفسها تآمرت على الفلسطينيين حين دعت الاحتلال للمشاركة في عمليات المسح والتنقيب عن غاز غزة، وهي الخطوة التي مكنت الاحتلال من معرفة ومتابعة أدق تفاصيل حقول الغاز الفلسطينية قبالة سواحل غزة.
ورغم أن التطبيع العربي وهرولة بعض الأنظمة العربية للتعاون في شتى المجالات مع الاحتلال يوفر له مظلة عربية للاستمرار في نهب الثروات الفلسطينية وخاصة غاز البحر المتوسط، إلا أن تمسك الشعب الفلسطيني بحقه في موارده وثرواته الطبيعية، سيسهم في إفشال مخططات الاحتلال بنهب تلك الموارد وفي مقدمتها الغاز، إلا أن إفشال هذه المخططات يتطلب إعدادًا عسكريًا تستطيع من خلاله المقاومة إعاقة جهود الاحتلال باستخراج الغاز من قبالة السواحل الفلسطينية، وهذا بدوره يتطلب تقنيات عسكرية ربما تسعى المقاومة الفلسطينية لامتلاكها بمساعدة عدد من الحلفاء.
يشار إلى أن بحر قطاع غزة يضم حقولا للغاز الطبيعي جرى اكتشافها في السنوات الأولى التي أعقبت اتفاق أوسلو، وأهم هذه الحقول حقل «مارين» الذي يعتبر أولى الاكتشافات في شرق المتوسط والذي دشنه الراحل ياسر عرفات، وتقدر احتياطاته بنحو 32مليار متر مكعب وتبلغ تكلفة تطويره 1.2مليار دولار، وبإمكانه سد احتياجات الشعب الفلسطيني من الطاقة لمدة 25 عاماً بما فيها توفير الطاقة الكهربائية، ويدر دخلاً سنوياً على خزينة السلطة بنحو 150 مليون دولار.
 
             
                 
                             
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
							                         
							                         
							                         
							                         
							                         
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                    