« خرج ولم يعد!!»

- ‎فيمقالات

يهرب الرجل من بيته لسبب وحيد: أنه لم يجد الراحة فى هذا البيت، فهو يلتمسها عند امرأة أخرى، أو يعود إلى عزوبته من جديد.

يكدُّ الرجل ويتعب، ولا يجد من زوجته سوى الأنين، وكفران العشير، وقد حاول إصلاحها مرات فلم يفلح، لقد صارت العلاقة الزوجية قاسية، خالية من الحب والاحترام، والقناعة، وفقدت الزوجة اهتمامها بنفسها وأولادها. هنا لا يفكر الزوج إلا فى نفسه، ولا يمكنه -بحال- أن يكون وفيًّا لزوجته تلك، إنها تهين أهله، وتعيِّره بفقرهم وتتهكم عليه، وتقارن بينهم وبين أهلها الذين يطعمون من أرقى المطاعم ويركبون أحدث السيارات ويحملون أغلى (الموبايلات)!

إنه ليس للناشز حقوق، وليس للنكدة مكان فى قلب الرجل. أما المُشفِقة على أهل الزوج، المُحبة لمن يحب، الكارهة لما يكره، فهى من تستحق الحب والوفاء، والرعاية والإخلاص.

دخلت «سعدى» على زوجها طلحة بن عبيد الله، فرأت على محياه سحابة همٍّ لم تعرف سببها، وخشيت أن تكون قد قصّرت فى حق أو فرّطت فى واجب، فبادرت قائلة: ما لك؟ لعلك رابك منا شىء فنعتبك قال: لا، ولنعم حليلة المرء أنت، ولكن اجتمع عندى مال ولا أدرى كيف أصنع به؟ قالت: وما يغمُّك منه؟ ادع قومك فاقسمه بينهم، قال: يا غلام، علىَّ بقومى، فقسم أربعمائة ألف.

إن المرأة الصالحة، هى من تكون على دين زوجها، تشاوره، وتؤيده، وتبر قسمه، وتحاوره بدبلوماسية وذكاء، وهذا باختصار هو مفتاح قلوب الرجال، ومعلوم أن الرجل إذا انفتح قلبه لامرأته لا يرى أخرى سواها.

ولا تزال العلاقة بين الـزوجيـن رائعـة، ما لم تعكرها المشاحنات وإرغام الزوج -بلسان الحال والمقال- على الفرار من بيت الزوجية والبحث عن بديل آخر ولو كان (التسكع) على المقاهى وغيرها، وما يجره ذلك من خسارة للزوج والزوجة على السواء. تُحْكِمُ المرأة الذكية تقييد زوجها بأغلال الحب الرقيقة، فلا تدعه لحظة للخروج من أسرها، ويكون التواضع والحنان هما سلاحيها فى فض الأزمات؛ تفعل هذا كى تصون (دواخلها ودواخله) من أن يمسسها غبار الشقاق، فيطمس آثار الرحمة التى جمعهما الله بها.

حتى لو استحكم الشقاق، فهى لا تقصر فى واجب، ولا تعتدى على حق، ولا تعجِّل بإنهاء العلاقة الجميلة التى بينهما.. إنها واثقة أن الذى حدث إنما هو سحابة عابرة، مرت عليهما لتجدد حبهما، ولتذكِّرهما بالعهد الذى أخذاه على نفسيهما بأن يظلا حبيبين.. مهما مرت الأيام وتعاقبت السنون.