سلمت القوات الأمريكية ميلشيات ما تسمى بـقوات سوريا الديمقراطية واختصارها قسد، التي يسيطر عليها تنظيم PKK الإرهابي مدفع هاوتزر M777 عيار 155 ملم، وذلك تزامنا مع حديث تركيا عن عزمها شن عملية عسكرية لتطهير الحدود من التنظيمات الإرهابية بعمق 30 كم، المفارقة أن الدولتين أمريكا وتركيا حليفتان في الناتو.
وكان سليمان صويلو وزير الداخلية التركي، والرجل القوي الذي تُرشحه أوساط عديدة بخلافة الرئيس أردوغان، ألمح إلى احتمال تورط الولايات المتحدة في الهجوم الإرهابي الأخير في شارع الاستقلال المتفرع عن ميدان تقسيم الشهير، والذي شهد تفجيرا إرهابيا أدى إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من ثمانين آخرين.
وأكد صويلو رفضه تلقي رسالة التعزية التي أرسلتها السفارة الأمريكية بضحايا التفجير وشبه أمريكا في تَصريح لوكالة “رويترز” العالمية بالقاتل الذي يمشي في جنازة ضحيته، وقال إن “أنقرة تثق بوقوف حزب العمال الكردستاني وكذلك وحدة حماية الشعب وراء الانفجار، والأخيرة المتواجدة في شمال سورية تحظى بدعم الولايات المتحدة ماليا وتسليحيا”.
لن نأخذ الإذن من أحد
قال موقع “آكسيوس” الأمريكي، إن “كيان العدو الصهيوني طالب الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على تركيا لعدم شن العملية العسكرية المرتقبة شمالي سوريا”.
وجاء في التقرير الذي نشره الموقع، إن “الاحتلال الصهيوني يعتبر المقاتلين في مناطق شرقي الفرات حلفاء ضد تنامي نفوذ إيران في المنطقة، وإسرائيل تدعمهم منذ عدة سنوات دبلوماسيا وبوسائل أخرى”.
وأشار التقرير إلى أن “الرئيس الأمريكي جو بايدن، طلب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عدم القيام بالعملية العسكرية المرتقبة”.
وسبق لأردوغان، أن أعلن في مايو الماضي، عن عزم تركيا تنفيذ عملية عسكرية جديدة ضد تنظيم PKK الإرهابي شمالي سوريا، ثم أكد في وقت لاحق أنها ستنطلق في أي لحظة.
وأكد وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو أن تركيا لم تأخذ الإذن من أحد لتنفيذ عملياتنا في سوريا ولن نفعل اليوم، وسنستمر بمحاربة الإرهاب.
وقال تشاويش أوغلو خلال لقاء مع التلفزيون التركي الرسمي في سوريا فلا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام التنظيمات الإرهابية (PKK/PYD)”.
وأشار إلى أن “روسيا وأمريكا تعهدتا بتنظيف المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية، واتفقنا معهما على ذلك ووقعنا اتفاقية، لذا توقفنا عن العمليات العسكرية، لكنهما لم تلتزما بالاتفاقيات”.
وتابع “عندما لم تلتزم روسيا وأمريكا بالاتفاقيات معنا، توسعت التنظيمات الإرهابية، واستمرت بهاجمة الجيش وقوات الأمن والأراضي التركية”.
“قد نأتي فجأة ذات ليلة”
كانت هذه الجملة صرخة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لعدة سنوات، خاصة منذ أن أطلق 3 حملات عسكرية شمال سوريا بعد فشل محاولة انقلاب 2016.
في يونيو قال أردوغان إنهم “يخططون لعملية عسكرية تركية جديدة، تستهدف مناطق على الحدود السورية التركية مثل كوباني (عين العرب) وتل رفعت ومنبج، الخاضعين لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية “SDF” بقيادة الأكراد، الذين تعتبرهم تركيا أحد فروع حزب العمال الكردستاني “PKK”.
ومع ذلك، رغم أن العملية بدت وشيكة، فإنها لم تحدث مع صد روسيا وإيران والغرب لخطط تركيا، لكن الهجوم المميت في إسطنبول يثير شكوكا بشأن تنفيذ أردوغان لتحذيره.
قالت السلطات التركية إن “النتائج الأولية للتحقيق في الهجوم الذي قتل 6 مدنيين في شارع الاستقلال – أحد أكثر مناطق إسطنبول ازدحاما بالسياح – يشير إلى “PKK” ووحدات حماية الشعب “YPG” اللذين تشكل قواتهما بشكل أساسي قوات سوريا الديمقراطية “SDF”.
وحول العنصر المنفذ لهذا التفجير الإرهابي، أوضح صويلي أن “السيدة التي نفذت الهجوم جاءت من شمال سوريا، وأخذت التعليمات من وحدات حماية الشعب الكردية حزب العمال الكردستاني في مدينة عين العرب كوباني شمالي سوريا، وكانت تخطط للهروب إلى اليونان”.
وبعد فشل محاولة الانقلاب العسكري في تركيا عام 2016، بدأت السلطات التركية حملة قوية لملاحقة كل من تورط في هذا الانقلاب داخليا، وفي الوقت ذاته تركز على تجميع كافة المعلومات عن عدد من الدول الخارجية التي دعمت هذا الانقلاب، منها بحسب رأي محللين، روسيا والإمارات وأمريكا وإسرائيل.
وأثارت بعض التقارير والتحليلات السياسية، تساؤلات حول ضلوع أمريكا في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا، أو على الأقل أنها كانت على علم بها سلفا، وكان من اللافت أن السفارة الأميركية في أنقرة أصدرت بيانا في بداية الانقلاب، اعتبرت فيه أن ما يجري في تركيا انتفاضة أو ثورة، دون أن يشير إلى وجود انقلاب عسكري على الحكومة المنتخبة.
وشهدت تركيا خلال العقدين الماضيين فترة ذهبية من تعاظم دورها الإقليمي واستعادة مكانتها الطبيعية ودورها الرائد في المنطقة، واستشعرت أنقرة مسؤولية تجاه قضايا الأمة والمظلومين في كل أنحاء العالم، فقدمت دعما غير مشروط تجاه دول الربيع العربي من أجل تمكينها من الاستمرار في مسارات التحول الديمقراطي واللحاق بركب الدول المتقدمة.
غير أن الدور التركي لم يكن مرحبا به من بعض الأطراف الإقليمية، فتصدرت الإمارات، محاولة لعب دور أكبر بكثير من حجمها الطبيعي، ومضت في محاولات عديدة لإسقاط تركيا وقيادتها، ودفعها نحو التخلي عن دورها الإقليمي الرائد، غير أن دولة الإمارات غفلت عن حقائق هامة، مثل صلابة الشعب التركي وإيمانه بأهمية الدفاع عن إرادته الحرة ومكتسباته الديمقراطية، علاوة على عدم انصياعه لأطراف خارجية.
 
             
                 
                             
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
							                         
							                         
							                         
							                         
							                         
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                    