استغل التونسيون الذكرى الثانية عشرة لعيد الثورة لتوجيه رسائل واضحة للرئيس قيس سعيّد تمثلت برفض 91 في المئة من الناخبين المشاركة في الانتخابات البرلمانية، ضمن ما وصفه البعض بـ”انتفاضة الصناديق الفارغة”.
وبرر رئيس هيئة الانتخابات، فاروق بوعسكر، نسبة الإقبال المتواضعة جدا بـ”تغير نظام الاقتراع وغياب المال السياسي عن الحملات الانتخابية”.
وكتب رياض الشعيبي مستشار رئيس حركة النهضة “زلزال انتخابات 12/17 لا يقل في أهميته عن ثورة الحرية والكرامة في 2010/2011. فالشعب التونسي بعث برسالة قوية لرئيس سلطة الانقلاب تقول له: إمّا أن تستقيل أو سنخرج قريبا للشارع لعزلك”.
وأضاف الوزير السابق، رفيق عبد السلام “الآن تبين على سبيل اليقين أن قيس سعيد لا يمتلك قاعدة شعبية ولا أتباعا ولا أنصارا، ولا شرعية أو مشروعية، و”لا شي” كيما يقول الصافي سعيد. يعني الرجل الآن متسلط على رقاب الشعب بالقوة المسلحة ومسايرة أجهزة الدولة له خوفا وترددا وليس أكثر من ذلك”.
وتابع بالقول “يجب أن تتوقف هذه المهزلة ويقول الجميع لقيس سعيد: كفى عبثا بالشعب والدولة، وليس أمامك إلا الرحيل عبر انتخابات رئاسية مبكرة. دخلت بالصندوق ويجب أن تخرج عبره بعدما دمرت البلد وأهلكت الحرث والنسل”.
دعوة للاستقالة
ومن جانبها دعت المعارضة التونسية الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الاستقالة من منصبه وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد مقاطعة واسعة للانتخابات التشريعية التي دعا إليها والتي قدرت نسبة المشاركة فيها بنحو8.8%.
واعتبرت المعارضة أن التونسيين ردوا على انقلاب سعيد وإجراءته التي بدأها في يوليو2021 في صناديق الاقتراع، بعدما وجه إليهم نداء للتصويت، معتبرا أن الانتخابات التشريعية فرصة تاريخية للقطع مع من خربوا البلاد فقاطعة أكثر من 90% ممن دعاهم.
وقالت المعارضة إن "النائج الهزيلة للمشاركة جاءت معبرة عن سخط الطبقة السياسية والمجتمع المدني، على انجراف سعيد بالتجربة الديمقراطية في تونس إلى المجهول".
وقاطعت معظم الأحزاب السياسية الانتخابات رافضة الأساس الدستوري للتصويت، وانتقدت قانون الانتخاب الذي يحكمها.
وكرست نتائج الانتخابات عزلة الرئيس المنقلب السياسية، ودقت آخر مسمار في نعش هواجسه السلطوية، التي ما عاد للتونسيين نفس يطيقها.
وقال رئيس جبهة الخلاص الوطني في تونس "نعتقد أن نسبة المشاركة في الانتخابات لم تتجاوز 2% ولا شرعية اليوم لقيس سعيد، ونطالب بإلغاء الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية حتى يتوقف إهدار المال العام".
واعتبر الرئيس أحمد نجيب الشابي أن قيس سعيد انتهى وأسدل الستار على الفصل الأخير من أجندة قيس سعيد، قائلا "قيس سعيد فقد كل شرعية ولم يعد رئيسا لتونس، هذه لحظة الوحدة لتخليص تونس وسنحقق في القريب العاجل سقوطا لقيس سعيد".
ودعا الشابي إلى تولي قاض رفيع إدارة فترة انتقالية ومنذ هذه اللحظة لا شرعية لقيس سعيد.
سحب الثقة
وقالت حركة النهضة في بيان إن "90% من التونسيين سحبوا الثقة من سعيد ومن مشروعه القائم على التسلط".
وطالبت حركة النهضة في بيانها قيس سعيد الذي فقد شرعيته منذ انقلابه بالتنحي لفسح المجال أمام البلاد للخروج من النفق الذي أوقعها فيه، مشيرة إلى أن هذه الانتخابات الصورية فاقدة لأي شرعية، كما لا توجد أي شرعية لما أفرزته، وتدعوإلى وقف هذا المسار العبثي وإلغاء الدور الثاني منه.
كما اعتبرت "النهضة" أن ما صدر عن رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر من اتهام للانتخابات السابقة التي كان عضوا في هيئتها، وتشويه لملايين التونسيين بعد اتهامهم بالفساد، وهذه حجة الفاقد لكل حجة والمستميت في تبييض الانقلاب بكل سبيل.
وأرجع البيان أسباب ضعف المشاركة إلى انعدام المال السياسي الذي كان سببا في شراء الأصوات سابقا في الحملات الانتخابية.
ودعا الحزب القوى التونسية المؤمنة بالثورة وأهدافها المدافعة عن الديمقراطية وسيادة الشعب إلى التشاور والتنسيق للتعجيل بالاتفاق على بديل ديمقراطي وفيّ للثورة وأهدافها قادر على التصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها البلاد، وفق البيان الذي وقعه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
وشدد الحزب على أن موقف الشعب التونسي كان حاسما في رفض المشاركة في مهزلة الانتخابات ، لأنها فاقدة لأي شرعية أورهان أو أفق، فضلا عن حالة الإحباط واليأس التي يعيشها التونسيون بسبب تدني المقدرة الشرائية وارتفاع الأسعار وفقدان مواد حيوية وانتشار البطالة.
واعتبرت النهضة أن "قيس سعيد ومن معه أرادوا استغلال ذكرى اندلاع الثورة التونسية وتوظيفها في مشروع شعبوي مرتد عن أهداف الثورة وقيمها ومكاسبها، فرد عليهم الشعب بما يستحقون وكانت الصفعة مدوية" وفق البيان.
وقد حيّت حركة النهضة الشعب التونسي على ما وصفه بـموقفه الحاسم من هذه المهزلة التي صارت محل تندر في الصحافة العالمية، ووجهت تحية إكبار للشعب الذكي الذي عبر في الوقت المناسب عن إرادته، كفى سعيّد فمرشحوا برلمانك لا يعرفهم أحد، الانتخابات المقرفة كانت استفتاء على شخصك وسياساتك الكارثية ونظامك القاعدي الذي لفظه الشعب بأكثر من %90".
طعنة قاتلة
ومثل حزب العمال اليسار التونسي الرفض لانقلاب قيس سعيد، أكد أنه لم تتجاوز نسبة المشاركة رغم كل مجهودات التزييف والتزوير 8.8 % بما يوجه طعنة قاتلة لأي شرعية مزعومة.
واعتبر حزب العمال التونسي أن ما حدث "المهزلة الانتخابية" باحت بأسرارها ولم تحمل أي مفاجأة، وهاهوشعبنا يوجه صفعة مدوية لسلطة الانقلاب ولقيس سعيد شخصيا، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة رغم كل مجهودات التزييف والتزوير 8.8 % (803.638 مشاركا من بين 9136502 من المسجلين رسميا بما يوجه طعنة قاتلة لأي شرعية مزعومة مهما كانت، أولا لقيس سعيّد المنقلب، وثانيا لمجلس الدمى الذي أراد بعثه لتشريع انقلابه ونظامه الشعبوي الاستبدادي والاستيلاء على ذكرى انطلاق الثورة التونسية" وفق بيان للحزب.
تردي الوضع اسياسي والاقتصادي
وعقدت بعثة مركز كارتر، مؤتمرا صحفيا، الاثنين 19 ديسمبر 2022، لإعلان النتائج الأولية لمهمتها المتمثلة في مراقبة الانتخابات التشريعية في تونس، وأكد مدير البعثة دون بيسون، على أن نسبة الإقبال الضعيفة تعد رسالة قوية من التونسيين على تردي الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، وفق تعبيره.
واعتبر مدير بعثة مركز كارتر أن "نسبة الإقبال الضعيفة تعد رسالة قوية من التونسيين على تردي الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، وأن هناك خيبة أمل في خارطة الطريق المعلنة والتي توّجت بهذه الانتخابات التشريعية بعد مسار تضمن بعض الإخلالات، مشيرا إلى ضرورة البحث عن مسار أكثر تشاركية".
ودعا بيسون، في ضوء النسب المتدنية للمشاركة في الانتخابات الأخيرة، للسياسيين في تونس، كي يجلسوا لإطلاق حوار يلبي مطالب الشعب التونسي.
ودون بيسون، ومدير برنامج الديمقراطية في المركز ديفيد كارول، ومديرة المساعدة سارة جونسون، أشار إلى أن بعثة المركز الأمريكي نشرت أكثر من 60 مراقبا من 26 دولة، زاروا 308 مركز اقتراع، فضلا عن 27 مركزا للتجميع يوم الاقتراع.