سخرية “شارلي إيبدو” ودبلوماسية “الثورة المضادة” .. ضغط إضافي على تركيا وأردوغان

- ‎فيعربي ودولي

فضلا عن الكارثة الإنسانية التي ألمت بالدولة التركية بزلزال "كهرمان ماراش" الذي بلغت شدته إلى حدود 8 درجات على مقياس ريختر، ووصول عدد الضحايا إلى نحو 8000 قتيلا ونحو 23 ألف مصاب، وما يشكله ذلك من ضغوط على المستوى الصحي والاجتماعي فضلا عن السياسي في تعامل الرئاسة التركية مع الضغوط والتي زادتها فرنسا بجانب هو الأحط من نوعه بالسخرية من الضحايا ومن تركيا إضافة إلى عزاءات فريق الثورة المضادة أو ما سماه المراقبون "دبلوماسية التضامن" وعواصمها في أبوظبي والرياض والقاهرة وسوريا.

شارلي إبيدو

وسخرت الصحيفة الفرنسية "شارلي إيبدو" من كارثة زلزال تركيا، فأثارت موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشرها كاريكاتيرا يسخر من كارثة زلزال تركيا وعدد الضحايا الكبير الذي خلفه.

ونشرت الصحيفة الفرنسية عبر حسابها في "تويتر" كاريكاتيرا بعنوان "رسم اليوم" وأظهر عددا من المباني المدمرة بفعل الزلزال في تركيا، وعلقت على الرسم "لا داعي لإرسال دبابات". 

وقالت "كاريل فالانسي" محررة الشؤون الدولية السابقة في صحيفة "شالوم" التي يصدرها يهود تركيا "هذا الكارتون مخز، المجلة  تسخر من  معاناة آلاف الأشخاص".

ورأى ناشطون أن معنى الكاريكتير أن تركيا دمرها زلزال ولا داعي لإرسال قوات عسكرية لتدميرها، وتدرج الحرية الفرنسية عوضا عن مراحيضهم النجسة بالوعة شارلي إيبدو التي وظفتها من قبل مع الغرقى من المهاجرين السوريين في البحر المتوسط ومع نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.
 

وقال الصحفي الألماني "يورجن توودنهفير" "تسخر شارلي إبدو من زلزال تركيا، إنه لأمر مقرف أن تسخر من معاناة الآخرين، عليك اللعنة". 

وأضاف الدكتور عبدالله العمادي "صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية تسخر من آلام ضحايا زلزال تركيا، إنه أمر مثير للاشمئزاز حقا أن نسخر من معاناة الآخرين ، وبعيدا عن أخلاقيات الصحافة، على افتراض أنها تتمسك بها وأشك في ذلك.

الصحفية الفرنسية فايزة بن محمد قالت "شارلي إبدو باتت عارا حقيقيا على فرنسا ، بسبب إثارتها خطاب الكراهية بشكل شبه يومي، رغم كل هذا ما زال البعض يلومنني لأنني لم أكن مع شارلي".

ودعاها أتراك إلى أن تتصرف صحفيا بمزيد من الإنسانية مثلما كان فريق الإنقاذ الفرنسي الذي انتقل من تولوز إلى إسطنبول ثم إلى أضنة.

دبلوماسية التضامن

ومتجاوزة الخلافات الإقليمية، حاولت عواصم الثورة المضادة أن تظهر تضامنها مع الخليفة الذي لطالما سبوه على صفحات جرائدهم وفي نشراتهم المتلفزة.

ولم يصدق البعض أن يعرض الملك سلمان على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الوقوف معه بقوله "نؤكد لكم أننا نقف معكم ونساندكم في هذا الحدث المؤلم لنا جميعا".

أما بطل حادثة السفارة السعودية بإسطنبول (أبو منشار) فأجرى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اتصالا مع الرئيس التركي ليقدم تعازيه في زلزال ترکیا.

المثير للدهشة أنه خلاله التعزية في ضحايا الزلزال  "تمنى الشفاء العاجل للمصابين".

وبدوره، عرض عبدالفتاح السيسي، الاثنين على تركيا المساعدات إن احتاجت.

وأجرى الثلاثاء، اتصالا هاتفيا ب"أردوغان"، لتقديم العزاء في ضحايا الزلزال الذي ضرب تركيا، فجر الإثنين.

وعدل عرض اليوم الأول فقدمه مجددا في الاتصال "مؤكدا تضامن مصر مع الشعب التركي الشقيق، وتقديم المساعدة والإغاثة الإنسانية لتجاوز آثار هذه الكارثة" بحسب البيان.

وبحسب البيان "قدم الرئيس التركي الشُكر السيسي على هذه المشاعر الطيبة"، مشيرا إلى أنها تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والتركي الشقيقين.

بشار الأسد

رئيس النظام السوري بشار الأسد، بادر أيضا بالاتصال بأردوغان لتقديم ما أسماه التعازي في ضحايا الزلزال الذي ضرب مناطق من شمالي سوريا.

وأشار مراقبون إلى أن الأسد يتجاهل أنه المسؤول الأول عن أزمة سوريا عوضا عن أزمة الشمال السوري المناطق المحررة من قبضته الذين يلعنون روحه وروح أبيه، بحسب رشيد غلام.

وكان وزير خارجية السيسي سامح شكري أعلن، الإثنين، في اتصال مع نظيريه التركي والسوري، أن مصر سترسل مساعدات إغاثة عاجلة إلى البلدين، بحسب تغريدات للمتحدث باسم الخارجية.

واتصال السيسي بـ"أردوغان" هو الأول منذ المصافحة الشهيرة بينهما في 20 نوفمبر من العام الماضي، خلال حفل افتتاح بطولة كأس العالم 2022 في قطر.

أقوى حاكم

ومقابل هذه الضغوط ترجح صحيفة وول ستريت جورنال في مقال لمراسلها في الشرق الأوسط جاريد مالسين،  أن الزعيم التركي نجح في جعل نفسه لا غنى عنه لجميع أطراف الصراع، وهو موقف يجني ثمارا اقتصادية ساعدت في تخفيف المتاعب المالية للدولة التركية، عزز هذا التحول موقفه قبل الانتخابات الوطنية التي يمكن أن تعزز موقعه كأقوى حاكم لتركيا منذ ما يقرب من قرن.

وأضاف مالسين أنه برعاية أردزغان، استفادت تركيا من بيع مسيرات مميتة لأوكرانيا، ما أدى إلى مقتل القوات الروسية في الأيام الأولى للغزو.

 

وأردف أن أردوغان هو أيضا أحد قادة العالم القلائل الذين يتحدثون بانتظام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأمر الذي وضعه في وسط الجهود الدبلوماسية بشأن تبادل الأسرى وصادرات المواد الغذائية الحيوية، جزئيا للتهرب من العقوبات الغربية، يقوم الأوليغارشية الروس بضخ الأموال في تركيا.

وأشار إلى أردوغان استفاد من دوره كلاعب دبلوماسي، في أثناء حديثه مع بوتين عدة مرات في الشهر، حث روسيا على قبول محادثات السلام، لكنه ساعد أيضا في تخفيف عزلة الكرملين وتخفيف وطأة العقوبات الغربية.

 

كما أنه يتحدث بشكل متكرر مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث يزور أوكرانيا في عرض للدعم قبل أسابيع من الغزو ومرة أخرى في أغسطس، ليكسب ثقة المسؤولين الأوكرانيين، وضع هذا الرئيس التركي في وضع يسمح له بالتوسط في بعض الاختراقات الدبلوماسية الوحيدة للحرب بأكملها، بما في ذلك صفقة لإعادة فتح موانئ أوكرانيا على البحر الأسود، لتصدير الحبوب وتبادل مئات الأسرى الروس والأوكرانيين.
 

وأعاد أردوغان تشكيل تركيا منذ أن صعد من حي فقير في إسطنبول ليصبح عمدة المدينة في التسعينيات ثم رئيسا للوزراء في عام 2003 ورئيسا في عام 2014. أصبح تدريجيا أكثر سلطوية، ليحل محل النظام البرلماني التركي بنظام تقوده الرئاسة الإمبراطورية في استفتاء عام 2017، بحسب الصحيفة.