تقف مصر تحت سلطة الانقلاب العسكري أمام أزمة اقتصادية تضعها على شفا الانهيار التام، والاحتراب المجتمعي وما بعد حدود الإفلاس المالي، وسط تفاقم أزمة الديون وشلل عقول حكومة السيسي وتوقفها عند الاقتراض وبيع الأصول فقط، لحل الأزمة الاقتصادية.
ومع عدم القدرة على جذب استثمارات جديدة، لم يعد أمام السفيه السيسي، سوى مزيد من القروض والديون، وهو ما بدا واضحا في الموازنة الجديدة التي بناها السيسي ووزرائه على القروض، حيث سجلت فوائد الدين في مشروع الموازنة للسنة المالية الجديدة (2023-2024) نحو تريليون و120 مليارا و100 مليون جنيه مقابل 775 مليارا و200 مليون جنيه في التقديرات المتوقعة للسنة الجارية (2022-2023)، بزيادة قدرها نحو 344 مليارا و900 مليون جنيه، وبارتفاع نسبته 44.5%.
وبحسب البيان المالي لمشروع الموازنة الجديدة، مثّلت مدفوعات الفوائد نسبة 37.4% من إجمالي المصروفات، بسبب توقع استمرار السياسة النقدية التقييدية من قبل البنك المركزي المصري، في ظل ارتفاع معدلات التضخم المدفوعة بزيادة أسعار السلع الأساسية والغذائية، ما يؤثر على ارتفاع أسعار الفائدة، وتكلفة الاقتراض لوزارة المالية، بالإضافة إلى أثر تغير سعر الصرف على قيمة الفوائد المسددة عن القروض بالعملة الأجنبية.
وقدّرت حكومة الانقلاب المصروفات في مشروع الموازنة بنحو تريليونين و990 ملياراً و924 مليون جنيه، وإجمالي الإيرادات المتوقعة بنحو تريليونين و142 ملياراً و110 ملايين جنيه، أي بعجز نقدي للموازنة قُدر بمبلغ 848 مليارا و814 مليون جنيه، بما يشكل نسبة 6.96% من الناتج المحلي الإجمالي.
زيادة مخصصات الدفاع والبرلمان
كما رفعت اعتمادات بند “المصروفات الأخرى”، المخصص لميزانيات وزارة الدفاع وجهازي المخابرات العامة والحربية، وغيرها من جهات الأمن القومي، ومجلسي النواب والشيوخ، من 122 مليارا و700 مليون جنيه في موازنة 2022-2023، إلى 145 مليارا و83 مليون جنيه، بزيادة قدرها 22 مليارا و383 مليون جنيه، وبارتفاع نسبته 18.2%.
وهذا البند يُدرج “رقما واحدا” للموافقة عليه جملة واحدة، من دون أي مناقشة تفصيلية لتلك المخصصات داخل البرلمان.
فؤائد الديون
أما مخصصات سداد القروض المحلية والأجنبية، فزادت إلى نحو تريليون و315 مليارا و914 مليون جنيه، بنسبة تبلغ 11.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل نحو 965 مليارا و488 مليون جنيه في الموازنة الجارية، بزيادة قدرها 350 مليارا و426 مليون جنيه، وبارتفاع نسبته 36.3%.
وأفاد البيان المالي بأن انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار ساهم في الجزء الأكبر من زيادة اعتمادات سداد القروض المحلية والأجنبية، إلى جانب أسباب أخرى، مثل زيادة عجز الموازنة، والأعباء المترتبة على فض التشابكات المالية بين جهات الدولة.
وأشار البيان إلى اعتزام الحكومة اقتراض نحو تريليونين و140 مليارا و354 مليون جنيه (ما يعادل 69.1 مليار دولار) في السنة المالية الجديدة، وهو ما يمثل نسبة 18.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
ووفق أرقام مشروع الموازنة الجديدة، سجل الدين الحكومي العام نسبة 91.3% إلى الناتج المحلي الإجمالي.
خفض التصنيف الائتماني
وأمام تزايد الديون وفوائدها وضعت وكالة موديز تصنيف إصدارات مصر بالعملتين الأجنبية والمحلية عند “B3” قيد المراجعة بهدف الخفض، وعزت ذلك إلى تقدم أبطأ من المتوقع في بيع أصول مملوكة للدولة المصرية.
وتواجه مصر نقصا حادا في العملة الأجنبية، رغم السماح بخفض قيمة الجنيه بشدة في الأشهر القليلة الماضية.
وأرجعت “موديز”، الثلاثاء، قرار وضع إصدارات الدولة بالعملتين الأجنبية والمحلية قيد المراجعة؛ بهدف الخفض إلى مخاطر تكتنف خطط تمويل مصر.
وخفضت “موديز” في فبراير الماضي، تصنيف مصر السيادي درجة واحدة إلى B3 من B2، ، بسبب تراجع احتياطياتها من النقد الأجنبي وقدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية، وخفضت الوكالة أيضاً سقوف العملة المحلية لمصر إلى Ba3 من Ba2.
وغيرت الوكالة نظرتها المستقبلية لمصر إلى مستقرة من سلبية، وقالت الوكالة إنها “لا تتوقع انتعاش السيولة في مصر، وتحسن وضعها الخارجي سريعا”.
وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، يوم الجمعة الماضي، تصنيف مصر درجة واحدة من “بي+” إلى “بي”، مع تحويلها نظرتها المستقبلية إلى سلبية، ما يؤشر على أنها قد تخفض التصنيف أكثر في الأشهر المقبلة بسبب المشاكل الاقتصادية في البلاد.
وأمام تلك الاوضاع، تقف مصر في الوقت الراهن أمام تحديات الإفلاس والفوضى الاجتماعية إثر فورة غير مسبوقة في أسعار السلع والخدمات بالأسواق المصرية وسط عجز حكومي عن لجم الانفلات الكبير في كل شيء، وإصرار السيسي على نفس نهجه بتوسيع اقتصادالجيش وقضم الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، مع التوسع في الإنفاق البذخي على مشاريعه الفنكوشية.