“رايتس ووتش”: قواعد التأشيرة الصارمة في مصر يعرض آلاف النازحين السودانيين للخطر

- ‎فيأخبار

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم: إن "قرار حكومة السيسي في يونيو 2023 بمطالبة جميع السودانيين بالحصول على تأشيرات لدخول مصر، قد قلل من وصول النساء والأطفال وكبار السن الفارين من النزاع الدائر في السودان إلى الأمان".

أضافت المنظمة أن تأثير القاعدة الجديدة، بناء على قاعدة سابقة كانت تطالب بالفعل بحصول الذكور السودانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و49 عاما على تأشيرة، وتنفيذها دون ضمان سرعة معالجة التأشيرات، ينتهك المعايير الدولية من خلال خلق تأخيرات غير معقولة ومهددة للحياة في معالجة طلبات اللجوء.

وأوضحت المنظمة أن سلطات الانقلاب زعمت أن قانون تأشيرة الدخول الجديد سيقلل من تزوير التأشيرات، حتى أواخر يونيو، ظل آلاف النازحين عالقين في ظروف إنسانية قاسية أثناء محاولتهم الحصول على تأشيرة دخول من القنصلية المصرية في وادي حلفا، وهي بلدة سودانية بالقرب من الحدود المصرية، اضطر البعض إلى الانتظار لمدة تصل إلى شهر بينما كانوا يكافحون لتأمين الطعام والسكن والرعاية الصحية.

وقال عمرو مجدي، باحث أول في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الحاجة إلى مكافحة تزوير التأشيرات لا تبرر رفض مصر أو تأخير دخول الأشخاص الفارين من النزاع المدمر في السودان، وعلى حكومة السيسي إلغاء قاعدة تأشيرة الدخول للمواطنين السودانيين أثناء الأزمة الحالية، والسماح لهم بالدخول السريع، وتسهيل الوصول إلى إجراءات اللجوء أو معاملتهم كلاجئين في الغالب، إن لم يكن جميعهم".

ومنذ بدء الأعمال العدائية في السودان في أبريل ، نزح أكثر من 2.7 مليون سوداني  2.2 مليون داخل السودان، وحوالي 500,000 إلى البلدان المجاورة. وقد استقبلت مصر أكثر من 250,000 سوداني، وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هذا بالإضافة إلى ما يقدر بنحو مليونين إلى خمسة ملايين سوداني في مصر قبل الصراع، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي تسجل طالبي اللجوء وتحدد وضع اللاجئ نيابة عن الحكومة، أن 77 ألف سوداني تم تسجيلهم كلاجئين أو طالبي لجوء حتى يونيو.

وبين مايو ويونيو، قابلت هيومن رايتس ووتش خمسة مواطنين سودانيين عبر الهاتف  رجل وأربع نساء، جميعهم طالبو لجوء غير مسجلين دخلوا مصر في مايو ، قبل قواعد التأشيرة الجديدة، رجلان سودانيان في وادي حلفا يطلبان تأشيرة دخول مصرية في مايو ويونيو، وثلاثة من قادة الجالية السودانية في مصر، ومقرهم في القاهرة والجيزة.

وقال محمد إبراهيم (21 عاما)، طالب هندسة سوداني: إنه "تمكن من تمديد جواز سفره منتهي الصلاحية في مكتب الهجرة السوداني في وادي حلفا في مايو، لكن القنصلية المصرية رفضت وثيقته، وتركته عالقا هناك بعد دخول أفراد آخرين من أسرته إلى مصر ولا يزال ينتظر، وقال إنه "لا يستطيع الحصول على جواز سفر جديد، لأن مكتب الهجرة الرئيسي في الخرطوم توقف عن العمل وسط النزاع".

وبموجب القواعد الحالية في مصر، يمكن للسودانيين طلب تأشيرة دخول في قنصليتين مصريتين، في وادي حلفا وبورتسودان، في شرق السودان وتدفق مئات أو آلاف السودانيين على المدينتين طلبا للحصول على تأشيرات، مما أدى إلى إجهاد قدرة القنصليات، وأدى إلى فترات انتظار طويلة بشكل غير عادي للحصول على تأشيرات، وفقا لدبنقا، وهي محطة إخبارية وإعلامية سودانية مستقلة، وفي أواخر مايو، ورد أن قنصلية بورتسودان كانت تصدر 20 تأشيرة فقط في اليوم.

وفي 10 يونيو، صرح متحدث باسم وزارة الخارجية بحكومة السيسي أن البلاد أدخلت لوائح جديدة تطالب جميع المواطنين السودانيين بالحصول على تأشيرات دخول إلى مصر، بمن فيهم النساء والأطفال والرجال الأكبر سنا، الذين سمحت لهم السلطات سابقا بالدخول دون تأشيرة، بررت الوزارة المتطلبات بزعم أنها بحاجة إلى منع الأنشطة غير القانونية للأفراد والجماعات على الجانب السوداني من الحدود، الذين زوروا تأشيرات الدخول من أجل الربح.

وحتى 16 يونيو، أجبرت قواعد التأشيرات الجديدة آلاف المدنيين، بمن فيهم الأطفال، الذين جاء الكثير منهم من العاصمة الخرطوم، على البقاء عالقين في طقس شديد الحرارة عند المعابر الحدودية بين مصر والسودان، بحسب تقارير إعلامية، لم تبذل حكومة السيسي أي محاولة واضحة لزيادة موارد معالجة التأشيرات لضمان المعاملة السريعة للسودانيين، وقال شخصان يطلبان تأشيرة دخول إلى القنصلية في وادي حلفا لهيومن رايتس ووتش: إن "القنصلية تعمل في بعض الأيام لمدة أربع ساعات فقط، مما يجعل من الصعب للغاية على المتقدمين تسليم جوازات سفرهم".

وحتى قبل أن توسع حكومة السيسي قاعدة التأشيرة، كانت القاعدة السابقة تمنع الرجال والفتيان من الحصول على الحماية، وتفصل الكثيرين عن أفراد الأسرة الذين تمكنوا من العبور إلى مصر دون تأشيرة.

ثم في مايو، بدأت سلطات الانقلاب في تشديد وتضييق المتطلبات، وأفاد "مدى مصر"، وهو منفذ إعلامي مستقل مقره مصر، أن السلطات لم تعد تقبل جوازات السفر ذات فترات صلاحية طويلة أو وثائق سفر مؤقتة لطلبات التأشيرة، وتوقفت عن الاعتراف بالأطفال المضافين إلى جوازات سفر والديهم.

ونتيجة لذلك، فإن العديد من النازحين السودانيين الذين فقدوا جوازات سفرهم أو غير قادرين على تجديدها أثناء الحرب لا يمكنهم طلب تأشيرات مصرية، هذه القيود المفرطة، إلى جانب قواعد التأشيرة الأحدث، تركت فعليا آلاف النازحين السودانيين غير قادرين على الحصول على الحماية الدولية.

وقال إبراهيم: إن "العديد من الأشخاص الذين ينتظرون الحصول على تأشيرات ينامون في الشوارع أو المساجد أو المدارس، وسط ارتفاع أسعار الإقامة، وأضاف أن المستشفى الوحيد في وادي حلفا غير قادر على تلبية الاحتياجات الطبية للعدد الكبير من الناس، وبدأت البلدة تعاني من نقص في الإمدادات الطبية الأساسية والأدوية، مثل الأنسولين".

وظلت المساعدات الإنسانية في وادي حلفا مقتصرة في المقام الأول على الإمدادات الغذائية الأساسية، التي تقدمها في الغالب المنظمات غير الحكومية المحلية وبعضها من قبل برنامج الأغذية العالمي.

وفي 5 مايو، حثت المفوضية جميع الدول على السماح بالوصول إلى أراضيها دون تمييز للمدنيين الذين يشعرون بالسودان، بمن فيهم الأشخاص الذين ليس لديهم وثائق هويتهم، كما نصحت المفوضية الدول بأن الأشخاص الذين فروا من السودان بسبب الصراع قد يحتاجون إلى حماية دولية للاجئين.

وشددت المنظمة على أن رفض دخول طالبي اللجوء على الحدود أو في أي نقطة دخول ينتهك الحق في طلب اللجوء بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أن إجبار السودانيين على العودة إلى السودان ينتهك على الأرجح مبدأ عدم الإعادة القسرية بموجب اتفاقيتي الأمم المتحدة لعام 1951 ومنظمة الوحدة الأفريقية للاجئين لعام 1969 واتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1969، ومصر طرف فيها.

وأضافت أن مبدأ عدم الإعادة القسرية يحظر على الحكومات إعادة أي شخص قسرا إلى بلد يتعرض فيه لخطر الاضطهاد أو التعذيب أو غيره من الأذى الذي لا يمكن إصلاحه، بموجب الاتفاقية الأفريقية للاجئين، يشمل اللاجئ أي شخص يجبر على طلب اللجوء خارج وطنه بسبب أحداث تخل بشكل خطير بالنظام العام.

وأوضحت المنظمة أن الاتحاد الأوروبي هو مانح رئيسي لنظام السيسي، حيث يقدم الدعم المالي لمساعدة اللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد، وكذلك لوقف الهجرة غير النظامية إلى مصر وعبرها، وهما هدفان يمكن أن يكونا متعارضين، قد يجبر الأشخاص الذين يفرون من بلدانهم طلبا للحماية الدولية على التنقل بشكل غير نظامي، أو دون وثائق كافية، ولا ينبغي معاقبتهم أو إعادتهم للقيام بذلك بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، ومع ذلك، ما لم يتم بذل العناية الواجبة بحقوق الإنسان، فإن تمويل الاتحاد الأوروبي المخصص لمراقبة الحدود يخاطر بمساعدة حكومة السيسي على الاستمرار في تقييد الدخول من السودان أو إعادة السودانيين ذوي الوضع القانوني غير القانوني، رغم المخاطر التي يواجهها الناس في السودان.

وأشارت إلى أنه في أكتوبر 2022، وافق الاتحاد الأوروبي على تمويل بقيمة 80 مليون يورو لحكومة السيسي لتعزيز القدرة التشغيلية لخفر السواحل والحدود في مصر لإدارة تدفقات الهجرة، على مدى السنوات القليلة الماضية، افتقر التعاون بين الاتحاد الأوروبي وحكومة السيسي في إدارة الحدود إلى آلية شاملة لمراقبة حقوق الإنسان، حسبما أفادت الأورو-متوسطية للحقوق.

وفي عام 2023، خصص الاتحاد الأوروبي 5 ملايين يورو كمساعدات إنسانية للتعليم والاحتياجات الأساسية والحماية لعموم اللاجئين في مصر، بالإضافة إلى 20 مليون يورو تم التعهد بها خصيصا للوافدين الجدد من السودان، تغطي الغذاء والمياه والصرف الصحي ومستلزمات النظافة.

وأعلنت الولايات المتحدة، وهي جهة مانحة أخرى، أنها ستقدم 6 ملايين دولار لحكومة السيسي لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة الناجمة عن الأزمة المستمرة في السودان.

وقال مجدي: "على المانحين والداعمين لمصر ضمان احترام مصر لحق الناس في طلب اللجوء من النزاع في السودان، وتلقي الدعم الكافي لتلبية احتياجاتهم الأساسية بمجرد عبورهم البلاد".

 

https://www.hrw.org/news/2023/07/13/egypt-civilians-fleeing-sudan-conflict-turned-away