كتب يونس حمزاوي:
تتكاتف عدة عوامل جراء الأزمات السياسية والاقتصادية المتفاقمة والتي تعاني منها البلاد بعد انقلاب 3 يوليو المشئوم لتنذر بثورة عارمة شاملة تضم الفئات المظلومة سياسيا واجتماعيا على خلفية إجهاض مكتسبات ثورة 25 يناير والانتقام من رموزها.
كما ينضم إلى هؤلاء معظم فئات الشعب جراء الغضب المتعاظم على خلفية الأزمة الاقتصادية الطاحنة والتي تعاظمت بصورة مخيفة مع الارتفاع الجنوني للدولار والغلاء الفاحش لأسعار السلع والخدمات وتآكل مرتبات ملايين الموظفين والعاملين إضافة إلى توجهات حكومة الانقلاب نحو تقليص الدعم وحذف ملايين المستحقين والذي بدأ بالفعل من شهر يناير الماضي.
إذا .. مصر على وشك تحالف غير مرتب سياسي واجتماعي، ولكنه يتفق على الأهداف الكلية وهي التخلص من النظام العسكري الذي حول حياة المواطنين بكل فئاتهم إلى جحيم لا يطاق تشكو منه حتى قطاعات من الأثرياء والأغنياء التي أصيبت أعمالهم وشركاتهم ومصانعم بالشلل التام على خلفية قرارات 3 نوفمبر الكارثية بتعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود القيود على عمليات الاستيراد والحصول على الدولار.
إزاء ذلك رصدنا "3" مؤشرات تعكس تطورات ملموسة في المشهد المصري تنذر بثورة جياع بلا شك سوف يعمل السياسيون الرافضون للانقلاب على توظيفها لخدمة أهداف ثورة يناير والتخلص من النظام العسكري الذي يحتل البلاد منذ 6 عقود كاملة وأحالها إلى خرابة بلا إنتاج إو موارد.
يعزز من ذلك ما شدد عليه اليوم الأربعاء النائب خالد صالح أبو زهاد، عضو مجلس نواب العسكر بأن الشعب «اتخنق» نتيجة للقرارات العشوائية التي أثرت بالسلب على حياة محدودي الدخل في الفترة الماضية.
إضراب عمال غزل المحلة
المؤشر الأول هو إعلان عمال شركة المحلة للغزل والنسيج الإضراب لليوم الثاني على التوالي؛ للمطالبة بصرف العلاوة الاجتماعية، وصرف مستحقات مالية متأخرة، بعد ما وصفوه بتردي الأوضاع المعيشية، وانضم إلى الاضراب مصانع غزل 5و7 إلى مصنع الملابس الذي بدأ الإضراب أمس.
وتُعد شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، أكبر قلعة لصناعة الغزل والنسيج والملابس في الشرق الاوسط، على مساحة أكثر من 600 فدان ويعمل بها 20000 عامل، وتمتلك 8 مصانع للملابس الجاهزة ويتم التصدير إلى عدد من الدول بالخارج – بحسب الموقع الرسمي للشركة.
قال أحد العاملين بالشركة – رفض ذكر اسمه- إن عدد العمال الذين يشاركون في الإضراب يصل عددهم 5000 عامل بعد انضمام مصنعين آخرين إلى مصنع الملابس أمس، بعد انتهائهم من الطلبيات المطلوب تسليمها، مشيرا إلى أن باقي مصانع الشركة تعتزم الانضمام إلى الاضراب بمجرد تسليم طلبيتهم.
ويطالب العمال برفع بدل الوجبة أسوة بشركة المطاحن للزيت والصابون بما يعادل "كيلو لبن في اليوم" أي ما يساوي 300 جنيه شهرياً، بالإضافة إلى تنفيذ الحكم القضائي الصادر للعمال بضم الـ 220 جنيهًا إلى رواتب العمال لتدخل في حساب الحوافز والعلاوات، وصرف 10 آلاف جنيه حوافز متأخرة لكل عامل، والموافقة على الترقيات المتأخرة وتشكيل لجنة للترقيات والتسويات وهي الطلبات التي ترفضها الحكومة لعدم قدرتها على الوفاء بها.
اقتحام مخزن تموين بالشرقية
وفي بوادر لثورة جياع خلال الأيام المقبلة، هاجم عدد من أهالي مدينة القرين، التابعة لمركز أبوحماد بمحافظة الشرقية، مخزن أحد بقالي التموين، أمس الثلاثاء، وتمكنوا من الاستيلاء على كميات كبيرة من السلع التموينية.
وبرر المواطنون تصرفهم هذا بقول أحدهم، رفض ذكر اسمه، «إحنا معذورين في اللي عملناه.. بقالنا كتير مصرفناش تموين»"، مضيفًا "خدنا حقنا واللي عاوزين يعملوه يعملوه".
عصيان مدني لأهالي العريش
وثالث هذه الصورة والمؤشرات هو امتناع عائلات من مدينة العريش محافظة شمال سيناء عن دفع فواتير الكهرباء والمياه والتليفونات يوم 11 فبراير المقبل، إعلانا عن بدء عصيان مدني داخل المدينة، لا يشمل النزول والتظاهر في الشارع، والعصيان بسبب تقاعس وزارة الداخلية عن معاقبة من تسبب في قتل 6 شبان من العائلات بحسب يحيى حسين عضو اللجنة الشعبية لعائلات القتلي.
كانت وزارة الداخلية قالت في بيان الجمعة 13 يناير الماضي إن قوات الشرطة قتلت عشرة من عناصر "جماعة أنصار بيت المقدس" داخل أحد الشاليهات في مدينة العريش، وقالت إن القتلى نفذوا هجمات ضد قوات الأمن أحدثها الهجوم على كمين المطافي بداية الشهر نفسه.
وتبين بعد إعلان الداخلية بيانا بأسماء القتلى العشرة أن بينهم 6 شبان من أبناء عائلات بالعريش و4 قتلى لم تفصح الداخلية عن أسمائهم حتى الآن.
القتلى الستة كما يقول ذووهم ألقي القبض عليهم منذ ثلاثة شهور قبل مقتلهم، وتم احتجازهم دون توجيه أي اتهامات لهم أو صدور أحكام بحقهم.
وعقدت عائلات الشبان الستة اجتماعا في العريش السبت 14 يناير الماضي في ديون آل أيوب للنظر في كيفية التحرك بعد الإعلان عن مقتل أبنائهم، واتهام قوات الشرطة لهم بالإرهاب، وشكلت العائلات لجنة شعبية خلال المؤتمر لمتابعة ما يستجد.
وتطالب عائلات العريش بالإفراج الفوري عن المحتجزين بدون تهم لدى الداخلية، ومحاسبة المسئول عن قتل ستة من أبناء العريش كانوا بالحجز. وتم الاتفاق على مطالبة نواب البرلمان عن سيناء بتقديم استقالاتهم، واستنكروا تجاهل النائب العام لشكواهم ما دفعهم إلى اللجوء للعصيان المدني .
ويؤكد أشرف حفني عضو باللجنة الشعبية لعائلات قتلى العريش أن اللجنة قررت عقد مؤتمر حاشد يوم 25 فبراير الجاري وترحب بحضور جميع العائلات وأهالي مدن شمال سيناء للوقوف بجانبهم. لافتا إلى أنهم اختاروا يوم 11 فبراير لبدء العصيان المدني لعائلات قتلى العريش لأنه يوم رحيل الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم. في إشارة إلى انتصار الشعب على الظلم والاستبداد.