26 منظمة تطالب بالإفراج عن المعتقلين وتعويض أسر ضحايا رابعة ومحاكمة المسئولين عنها

- ‎فيحريات

التزامن مع ذكرى مذبحة رابعة العدوية التي ارتكبها العسكر في مثل هذا اليوم قبل 10 سنوات، شددت 26 منظمة حقوقية على أن الطريقة الوحيدة لتجاوز الآثار المدمرة لعشر سنوات من الحرب الحكومية الشرسة على الحقوق السياسية، وضمانات المواطنة، والمجتمع المدني والحقوق والحريات في مصر ضمن مصالحة مجتمعية وسياسية شاملة، تبدأ بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وتعويض الضحايا وأسرهم، واعتراف الحكومة بمسؤوليتها عن المذبحة، والانتهاكات التي تلتها، ومحاكمة المسؤولين عنها.

وأعربت المنظمات في بيان مشترك صادر عنها اليوم عن تعازيها لأسر الضحايا الذين سقطوا أثناء معارضتهم السلمية للإطاحة بالرئيس الشهيد محمد مرسي أول رئيس مدني منتحب عقب ثورة 25 يناير، وجددت مطالباتها بالمساءلة وتحقيق العدالة للضحايا وذويهم.

وأكد البيان أن المحاولات الأخيرة لحكومة النظام الانقلابي التي تبدو إصلاحية في ظاهرها، سواء بإطلاق مبادرات مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، أو تفعيل لجنة للعفو الرئاسي عن المعتقلين، أو البدء في حوار وطني يضم قوى سياسية واجتماعية مختلفة، لم تفلح في الحد من الاحتقان السياسي والمجتمعي، وإنهاء أو حتى تخفيف أزمة المعتقلين السياسيين.

وقال البيان: "قبل عشر سنوات من اليوم، في 14 أغسطس 2013، وتحت إدارة مباشرة من الرئيس الحالي، وزير الدفاع آنذاك، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ووزير الداخلية محمد إبراهيم، ورئيس الوزراء حازم الببلاوي، والرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، قتلت قوات الأمن والجيش أكثر من 817 شخصا من المعترضين على عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، أثناء الفض العنيف لاعتصامات ميداني رابعة العدوية والنهضة في القاهرة".

وتابع البيان،  ورغم مرور عقد كامل على هذه المجزرة، لم يمثل أي مسئول سياسي أو عسكري أو أمني للمحاكمة، على تلك الانتهاكات الجسيمة التي جرت أثناء فض الاعتصامات، وتسببت في أكبر واقعة قتل جماعي للمتظاهرين في تاريخ مصر  على أيدي الأجهزة الأمنية.

 

أسوأ حملة ضد الحقوق والحريات في تاريخ البلاد

وفيما تطالب المنظمات بفتح تحقيق دولي شامل ومحاسبة المسؤولين عن المذبحة بصفتهم المسؤولين قانونيا عن هذه الجرائم، تذكّر بأن عمليات إطلاق النار العشوائي والجماعي التي نفذتها قوات الأمن والجيش على مدار شهري يوليو وأغسطس 2013 وبلغت ذروتها في فض اعتصامي رابعة والنهضة بمقتل مئات المتظاهرين، وبينهم نساء وأطفال، قد دشنت لأسوأ حملة ضد الحقوق والحريات في تاريخ البلاد.

وأكدت المنظمات أن مصر لم تتعافَ من آثار هذه المذبحة رغم مرور 10 سنوات، إذ لا تزال أيدي الأجهزة الأمنية طليقة تتعقب المواطنين بلا مساءلة، ولا يزال المجال العام مغلقا أمام المشاركة السياسية والمجتمعية، ويواجه المعارضون والمثقفون والمدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون، تهديدات متزايدة بالاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون.

 

مطالبات بوضع حد للانتهاكات المستمرة منذ المذبحة

وطالبت المنظمات بوضع حد لهذه الانتهاكات المستمرة منذ المذبحة، والبدء فورا في إصلاحات عملية للحد من آثارها الممتدة حتى الآن وتعويض الضحايا وعائلاتهم.

وأضاف البيان في 3 يوليو 2013، وفي أعقاب احتجاجات شعبية هائلة طالبت بانتخابات رئاسية مبكرة، عزل الجيش محمد مرسي، أول رئيس مصري مدني منتخب في انتخابات حرة ونزيهة، والعضو القيادي في جماعة الإخوان المسلمين.

وبالتزامن، تجمع عشرات الآلاف من مؤيدي مرسي في اعتصامين كبيرين في القاهرة والجيزة، و مظاهرات أصغر في محافظات مختلفة.

وعلى مدى الأسابيع والشهور اللاحقة، سحقت الحكومة المصرية الاعتصامات والمظاهرات المعارضة للانقلاب العسكري؛ تارة بفتح النار العشوائي على المتظاهرين السلميين، وأخرى باعتقال عشرات الآلاف من الناجين منهم ومن ذويهم.

ولاحقا، تم تقديم العديد من المتظاهرين للمحاكمة عبر إجراءات قانونية معيبة وغياب تام لضمان المحاكمة العادلة ، مما أسفر عن أحكام جماعية بالإعدام والسجن المطول.

 

تصاعد الانتهاكات واتساعها

اتسعت دائرة الانتهاكات لتشمل مواطنين من مختلف الاتجاهات والانتماءات السياسية والاجتماعية والدينية، وأدرجت الحكومة آلاف المواطنين على قوائم الإرهاب، وقوائم الممنوعين من السفر بتهم واهية، وأصدرت أحكاما بالسجن بحق المئات من محاكم عسكرية أو استثنائية، أحكامها غير قابلة للطعن أو النقض،  وواصلت الحكومة انتهاك الدستور والقوانين الخاصة بالحبس الاحتياطي واللوائح الداخلية للسجون؛ فبقي آلاف المعتقلين رهن الحبس الاحتياطي، بما يزيد على المدة القانونية لعامين، بل وأعادت وزارة الداخلية تدوير المُخلى سبيلهم في قضايا جديدة بالاتهامات نفسها، لتواصل احتجازهم في السجون، حيث يُحرم المعتقلون من الزيارات والاحتياجات الأساسية من دواء وطعام وأدوات نظافة وكتب.

 

إخفاء أكثر من 3 آلاف مواطن قسرا ووفاة أكثر من 1200 داخل السجون

وعلى مدار العقد الماضي، وثقت منظمات حقوقية مصرية ودولية إخفاء ما لا يقل عن 3000 مواطن قسرا لفترات متفاوتة، ووفاة أكثر من 1200  محتجز نتيجة سوء المعاملة والإهمال الطبي المتعمد في مقرات الاحتجاز والسجون، والاعتداء جنسيا على أكثر من 655 شخصا من المعتقلين أو عائلاتهم، وقتل أكثر من 750 مواطنا خارج نطاق القانون.

واستكمل البيان، وحتى الآن في مصر ما بعد رابعة، تشترك أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة، بما في ذلك القضاء ووزارة الداخلية والجيش وحتى المصالح الحكومية والجامعات والمدارس، في تعقب المعارضين السياسيين والتنكيل بهم، إذ تتبع مصر ما بعد رابعة سلوكا أمنيا عنيفا إزاء مواطنيها، حيث يتم اعتقال المواطنين تعسفيا واحتجاز ذويهم كرهائن وتعذيب المعتقلين بالسجون، وفي سيناء تم تهجير المواطنين قسرا لأسباب أمنية، بينما يُعتقل الأقباط بتهم الانتماء إلى جماعة إرهابية ، ويتعرض المواطنون للاختفاء القسري، بسبب تغريدة  أو منشور على الإنترنت وتغلق المواقع الإخبارية والمكتبات والمؤسسات الثقافية بحجة الحفاظ على أمن الدولة، ويلاحق الصحفيون بسبب عملهم ، وتسجن الفتيات بسبب انتهاك قيم الأسرة المصرية، ويُحاكم المثقفون والكتاب والناشرون أمام محاكم عسكرية،  ويعتقل الأكاديمون وقد يُقتلوا بعد تعذيبهم من أجل أبحاثهم العلمية، في مصر ما بعد رابعة لا يُلاحق الجناة.