مثل قتل قائد ميليشيا “فاجنر” يفجيني بريجوجين في حادث تحطم طائرة شمال روسيا، وقالت المعلومات الأولية: إن “الدفاع الجوي الروسي أسقط الطائرة عن طريق الخطأ، حيث أدى ذلك إلى مقتل 9 آخرين كانوا على متن الطائرة”.
المثير للدهشة أن “بريجوجين” الشهير بطباخ بوتين، ظهر قبل يوم في مقطع مصور قيل إنه من إحدى دول إفريقيا.
وتحطمت بحسب هيئة الطيران المدني الروسية طائرة ركاب خاصة كان على متنها 10 ركاب، ومن بينهم بريجوجين، قائد قوات فاجنر الروسية.
وقالت وسائل إعلام روسية: إن “بريجوجين لقي مصرعه في تحطم الطائرة الخاصة التي كانت تقله من موسكو إلى سان بطرسبورج”.
الطائرة من طراز “إمبراير” وأسقطت في مقاطعة تفير، وقُتل جميع من كان على متنها.
وفي يوليو الماضي، وبعد أسابيع من الانتقادات الشديدة للقيادة العسكرية الروسية، قاد بريجوجين تمردا عسكريا محدودا ضد القيادة الروسية، وأمر جيشه الخاص المؤلف من المرتزقة بالاستيلاء على مواقع عسكرية رئيسية.
وأثار ذلك غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ وصف خطوة بريجوجين بـالخيانة وتعهد بمعاقبته على وجه السرعة.
لكن قبل أن تتحول المواجهة إلى أعمال عنف أوقف بريجوجين قواته، ووافق على مغادرة روسيا تماما ولا يزال الغموض يلف مكان وجوده حينها، وإن قيل إن بيلا روسيا ورئيسها لوكاشينكو استضافته.
وكان بريجوجين لاعبا رئيسيا في الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، وقاد مقاتلو فاجنر الهجوم الروسي على جبهات رئيسية من الحرب مثل مدينة باخموت الأوكرانية.
وأظهر قائد لمجموعة المرتزقة “فاجنر” بريجوجين تململا وبدأ ينتقد بشكل متزايد كبار المسؤولين العسكريين الروس، بسبب اعتبره محاولاتهم الفاشلة لتحقيق أهداف ما يسمى بـالعملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وإن توقفت انتقاداته ولم تصل إلى إلقاء اللوم على بوتين الذي ربطته به علاقة وثيقة في الماضي.
العلاقة مع فاجنر
ونشطت فاجنر قبل الحرب الروسية على أوكرانيا، في جميع أنحاء القارة الإفريقية وأنحاء مختلفة من العالم، حيث تقوم بمهام مختلفة لتعزيز موقف الكرملين وتقوية موقع روسيا مثل دعم نظام بشار الأسد في سوريا إلى محاربة النفوذ الفرنسي في دولة مالي.
واكتسبت مجموعة المرتزقة فاجنر سمعة مخيفة من ناحية الوحشية، واتُهم عناصرها بتعذيب أسير سوري بمطرقة ثقيلة وقطع رأسه ثم إحراق جسده في عام 2017، وقُتلت فاجنر صحفيين ثلاثة بقطع الرؤوس أثناء قيامهم بتحقيق صحفي عن وجود عناصر فاجنر في جمهورية إفريقيا الوسطى.
في عام 2022 ، اتُهمت فاجنر مرة أخرى بقتل رجل بمطرقة ثقيلة بعد الاشتباه في خيانة فاجنر في أوكرانيا، ووصف بريجوجين لقطات الفيديو التي لم يتم التحقق منها لعملية القتل الوحشي بأنها موت كلب من أجل كلب، بعد أن دعا أعضاء البرلمان الأوروبي إلى تصنيف فاجنر على أنها جماعة إرهابية، قال بريجوجين إنه أرسل لأعضاء البرلمان الأوروبي المطرقة الملطخة بالدماء التي قتل بها الرجل.
لسنوات ، نفى بريجوجين وجود أي صلة له بفاجنر، بل رفع دعوى قضائية ضد أشخاص قالوا: إنه “مسؤول عن المجموعة، لكنه في سبتمبر 2022 ، قال إنه هو الذي أسسها في عام 2014”.
فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة عقوبات على فاجنر، لكن يُسمح لها بالعمل في روسيا رغم أن القانون يحظر المرتزقة.
بعد الغزو الروسي لشرق أوكرانيا في عام 2014 ، بدأت تظهر بوادر تشير إلى أن بريجوجين ليس رجل أعمال عادي، فقد راجت أنباء تفيد بأن شركة عسكرية خاصة غامضة قيل إنها مرتبطة به تقاتل القوات الأوكرانية في منطقة دونباس شرق أوكرانيا.
عرفت الشركة الخاصة باسم فاجنر نسبة إلى الاسم السري الذي استخدمه أحد قادتها الأوائل الرئيسيين في اتصالاته، ويقال: إن “هذا القائد كان معجبا بألمانيا النازية التي استخدمت موسيقى الموسيقار فاجنر الألماني الذي عاش في القرن التاسع عشر لأغراض الدعاية”.
ومن المفارقات أن بوتين ادعى أن اجتثاث النازية من أوكرانيا هو أحد الأهداف الرئيسية للغزو الروسي الشامل لأوكرانيا الذي بدأ في فبراير 2022.
الجبهة الأخرى التي انخرط فيها بريغوجين في الشؤون الدولية اعتمدت على أشخاص سلاحهم لوحات مفاتيح الكمبيوترات بدلا من حملة السلاح.
لسنوات كان بريجوجين يتهم بالوقوف وراء ما يسمى بـمزارع الترول أو مصانع البوت، والتي تستخدم حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية لنشر الآراء المؤيدة للكرملين، تولت وكالة أبحاث الإنترنت (IRA) ومقرها سانت بطرسبرغ هذه المهمة، ويذكر أن هذه الوكالة اتهمت بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.
تاريخ الطباخ
وأدين قائد فاجنر لأول مرة بجرم السرقة في عام 1979، وهو ابن ال18 ربيعا، وحُكم عليه بالسجن لعامين ونصف العام مع وقف التنفيذ.
وعند بلوغه العشرين، حُكم عليه بالسجن لـ 13 عاما بتهمة السرقة والسطو، أمضى 9 سنين منها معتقلا، وخرج من السجن، لينشأ سلسلة من أكشاك بيع النقانق في سانت بطرسبرج، ثم انتقل في بضع سنوات من تسعينيات القرن الماضي، إلى فتح سلسلة مطاعم راقية وفاخرة في المدينة.
بريجوجين بفضل مطاعمه، باتت له علاقات مع المتنفذين في بطرسبرج أولا وروسيا لاحقا، أحد مطاعمه الشهيرة في المدينة حمل اسم نيو آيلاند وكان عبارة عن سفينة تبحر في نهر نيفا.
وأحب بوتين ذلك المطعم كثيرا لدرجة أنه بعد أن أصبح رئيسا بدأ في اصطحاب ضيوفه الأجانب إليه، ويرجح أن العلاقة بين بريغوجين وبوتين نشأت خلال تلك المرحلة.
مطعم بطرسبرج
وقال بريجوجين في إحدى مقابلاته: “رأى فلاديمير بوتين أن لا مشكلة لدي في تقديم الأطباق لكبار الضيوف شخصيا، التقينا عندما جاء برفقة رئيس الوزراء الياباني موري، وذلك في أبريل 2000 ، في بداية مرحلة حكم بوتين”.
ووثق بوتين في بريغوجين لدرجة أنه احتفل بعيد ميلاده في مطعم نيو آيلاند عام 2003.
وبعد سنوات تعاقد الحكومة الروسية مع شركة كونكورد التي يمكلها بريجوجين لتزويد الكرملين بالطعام، وبات يلقب بـ “طباخ بوتين” كما فازت الشركات التابعة لبريجوجين بعقود إطعام مربحة مع الجيش والمدارس التي تديرها الدولة.
يشار إلى أن مركز قيادة فاجنر في مدينة سانت بطرسبرج.