وصل انتقاد الكاتب الأمريكي ستيفن. أ. كوك في مقال له بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية لحكم عبدالفتاح السيسي لمصر بالخوف، وإيصاله البلاد لحالة ميئوس منها، إلى أن اتهموا الكاتب بأنه عضو في الإخوان المسلمين، ويتلقى منهم أجرا بحسب ما زعم نشأت الديهي.
وقال الكاتب ستيفن كوك: "حتى لو كانت جماعة الإخوان المسلمين أقل كفاءة في محاولتها السيطرة على الدولة، فإنني لا أشك في أن مصر كانت ستصبح قصة نجاح في الربيع العربي".
وأضاف "بعد أن كتبت عن مصر لسنوات، اعتدت على هذا النوع من الأشياء الآن، وممارستي عادة هي تجاهل مثل هذه المرارة".
وأشار إلى أن "الاتهام بأن منتقدي السيسي موظفون في جماعة الإخوان المسلمين، هو مؤشر على مشكلتين مترابطتين يعاني منهما الزعيم المصري وأنصاره، ولا يملكون أي إجابات لهما".
وانتقد كوك @stevenacook، وسائل الإعلام الداعمة للسيسي، وسخر من محاولتها الفاشلة لتشويه جماعة الإخوان المسلمين ومعارضي نظام السيسي العسكري، مؤكدا أن وصف جميع المنتقدين زورا بأنهم أعضاء الإخوان المسلمون، يظهر مدى خوف السيسي حقا.
وقال: إن "الديهي، مقدم برنامج "بالورقة والقلم" في التلفزيون المصري، إنني أتقاضى أجرا من جماعة الإخوان المسلمين، مشيرا إل أن الديهي لم يكن المصري الوحيد الذي غاضب من مقالتي الأخيرة ، والتي كانت تتحدث عن كيفية تدمير عبد الفتاح السيسي لمصر".
وأوضح أن أنصار السيسي صبوا على ستيفن كوك عبر الشبكة قدرا لا نهائيا من التصريحات والإهانات الشخصية على صفحتي على تويتر إيه، إكس ، لما بدا وكأنه أيام، مما يكشف مرة أخرى أن كل الأمل في نقاش مدروس على وسائل التواصل الاجتماعي قد ضاع منذ فترة طويلة.
وقال: إن "الادعاء سخيف في ظاهره٬ ببساطة، من غير الممكن أن يدفع لي الإخوان المسلمون مقابل أي شيء بناء على هويتي وما كتبته عنهم".
وعبر عن رأيه في الإخوان قائلا: "أنا لا أصدق خدعة المجموعة ولم أفعل ذلك أبدا وهم، مثل الآخرين في مصر، بارعون في الاستفادة من خطاب الإصلاح السياسي في السعي لتحقيق أجندة مناهضة للديمقراطية"، بحسب زعمه.
وأضاف "أنا متشكك في الأسطورة التي خلقها الإخوان المسلمون في فترة ما بعد حسني مبارك مباشرة"، بحسب رأيه.
وأدعى أنه "كان هناك المزيد من الخداع الانتخابي والترهيب الذي مارسته جماعة الإخوان المسلمين أثناء انتخاب مرشحها محمد مرسي للرئاسة في عام 2012 أكثر مما يمكن لأي شخص أن يعترف به".
واستدرك قائلا: "وحتى لو كانت جماعة الإخوان المسلمين أقل كفاءة في محاولتها السيطرة على الدولة، فإنني أشك في أن مصر كانت لتصبح قصة نجاح في الربيع العربي".
انتقاد الديهي
ويبدو أن انتقاد الديهي بعد هذه الآراء التي يحملها ضد أو مع جماعة الإخوان المسلمين أثارت حفيظته، وقال: "بعد أن كتبت عن مصر لسنوات، اعتدت على هذا النوع من الأشياء الآن، وممارستي عادة هي تجاهل مثل هذه المرارة".
وأكمل أن "تعليق الديهي لفت انتباهي٬ وذلك لأن الاتهام بأن منتقدي السيسي موظفون في جماعة الإخوان المسلمين، هو مؤشر على مشكلتين مترابطتين يعاني منهما الزعيم المصري وأنصاره، ولا يملكون أي إجابات لهما".
أنت إخوان مهدد بالاعتقال
وعن حقائق لمسها في مقالاته قال: "كما كتبت في مقالتي السابقة، هناك تباين كبير ومتزايد وملحوظ بين ما تعد به الحكومة المصريين وكيف يعيشون الحياة اليومية" مضيفا "عندما يتجرأ الناس على الإشارة إلى ذلك، يتم تصنيفهم على أنهم من أنصار الإخوان المسلمين، أو يتعرضون للسجن والإيذاء الجسدي في حالة عدد كبير من المصريين، هذا الرد الشرس هو مقياس لمدى معرفة السيسي ومؤيديه ومخاوفهم من أن هناك العديد من المصريين الذين يدركون هذه الفجوة وطبيعتها المحتملة المزعزعة للاستقرار".
وأضاف أن "الأهم لأغراضنا هنا، هو أنه على الرغم من الجهود التي يبذلها السيسي، فإنه لا يزال غير قادر على التخلص من الظل الطويل الذي يواصل الإخوان المسلمون إلقاءه على السياسة والمجتمع المصري".
وأشار إلى أنه "بطبيعة الحال، حتى قبل عهد السيسي بفترة طويلة، كان من الشائع أن يقوم المسؤولون المصريون باسترضاء وقمع جماعة الإخوان المسلمين بالتناوب".
مطالب الجماعة
وعن المطالب التاريخية التي دأبت جماعة الإخوان المسلمين طلبها من الحكومات منذ نشأتها أشار "كوك" إلى أنه "في أوائل الأربعينيات من القرن الماضي، استسلم رئيس الوزراء مصطفى النحاس للضغوط السياسية التي مارستها جماعة الإخوان المسلمين، وقام باتخاذ إجراءات صارمة ضد الكحول والدعارة بينما سمح للجماعة بنشر صحفها".
وعن منهجية القمع المتأصلة في مصر أضاف "وبعد بضع سنوات، قامت حكومة جديدة بقمع جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن تستأنف حكومة أخرى استرضاء الجماعة".
وعن تكرر ذلك مع جمال عبد الناصر (الذي بحسب ما كتب في مقاله)،  "سجن الآلاف من قيادات وأعضاء الإخوان، وأطلق سراح بعضهم، ثم أعاد سجنهم مرة أخرى، وقد أطلق خليفته، أنور السادات، الذي كان في السابق زميلا للإخوان، سراحهم وأعطاهم الفرصة للنشر والوعظ٬ ومع ذلك، فقد اختلفوا حول السلام الذي عقده السادات مع إسرائيل، وامتلأت السجون المصرية بالإخوان مرة أخرى".
وأضاف "بعد اغتيال السادات في عام 1981، منح مبارك الجماعة الفرصة لاستئناف أنشطتها، معتقدا أن ظهور الإخوان في مجالات النشر والتعليم والمجتمع المدني من شأنه أن يجذب الدعم بعيدا عن المتطرفين الذين اغتالوا السادات".
وعن تبدل إجراءات مبارك قال "كوك": إنه "بعد حوالي عقد من الزمن، قرر مبارك أنه اكتفى وأمر الأجهزة الأمنية بإخضاع الجماعة، وطوال هذا النمط من التسوية والمواجهة، ظلت جماعة الإخوان المسلمين لاعبا سياسيا واجتماعيا وثقافيا مهما في مصر".
القمع الواضح
والتفت الكاتب مجددا إلى أن مظلومية الإخوان يراها الجميع قائلا : "وفي الأعوام الأخيرة، أصبح قمع جماعة الإخوان المسلمين والادعاء بأن منتقدي الحكومة أعضاء في الجماعة أو يتلقون أموالا منها، أكثر وضوحا وخطورة، وذلك لأن السيسي سعى إلى إعادة صياغة الخطاب القومي في مصر من خلال استبعاد جماعة الإخوان المسلمين منه".
وأضاف "القومية لا تحدث بشكل عفوي إنه مستحضر ومتخيل، وهو نتيجة لمشاريع سياسية متضافرة ومن ثم فهو يخضع بشكل دوري لإعادة التفسير ليناسب احتياجات القادة السياسيين، وهذا بالضبط ما فعله السيسي لتصوير جماعة الإخوان المسلمين – التي تضرب أصولها ومكانتها ونظرتها للعالم بجذور راسخة في التجربة المصرية – على أنها عنيفة وغريبة عن المجتمع الذي ولدت فيه".
مع وصول السيسي 
وفي ترجمة المقال للناشط عمر الفطايري على "تويتر" أشار إلى أنه "بعد الانقلاب الذي أوصل السيسي إلى السلطة، بالتوازي مع الحملة الإعلامية التي قادتها الدولة والتي سعت إلى إنشاء والحفاظ على مخزون من الدعم لما يسمى "الثورة الثانية" في مصر، كان هناك دافع لتصوير جماعة الإخوان المسلمين على  أنهم عملاء للقطريين والأتراك".
واعتبر قمع السيسي للإخوان بمبررات واهية قائلا: "وفي الوقت نفسه، برر السيسي العنف الذي استخدمه لقمع الإخوان على أساس أن الجماعة منظمة إرهابية، كان هناك وقت احتفظت فيه جماعة الإخوان المسلمين بما يسمى بالجهاز السري أو الكوادر المسلحة، ولكن تم تفكيكها منذ فترة طويلة".
وكتب "ومع ذلك، فقد ربطت الحكومة المصرية بشكل مباشر بين الإخوان والتطرف الشبيه بتنظيم الدولة الإسلامية، وعندما شكك المحللون في خطاب الحكومة واستخدامها للعنف، تم تصويرهم بشكل روتيني في الصحافة المصرية على أنهم أدوات في أيدي الإخوان المسلمين".
افتراض الكاتب
وافترض "ستيفن كوك" أنه لو وضع 100 من مراقبي غرب مصر في غرفة وطلب رفع أيدي الأشخاص الذين اتُهموا بالتزوير لصالح الإخوان، مضيفا "أنا متأكد من أن الأغلبية سوف تستجيب بالإيجاب".
وعلق "وهذا يعيدنا إلى المشكلة الثانية التي تواجهها القيادة والتي ليس لديها إجابة لها: حاول، كما قد يفعل السيسي، إعادة كتابة الخطاب القومي في مصر، فإن جهوده لإبعاد الإخوان المسلمين عنها هي أمر غير مقبول، لعب الإخوان دورا مهما في بعض أهم الأحداث القومية في القرن العشرين".
وأشار إلى أن الإخوان ثاروا ضد الاحتلال البريطاني، وعلى الرغم من أنهم كانوا في البداية يميلون بشكل إيجابي تجاه النظام الملكي المصري، إلا أنهم عارضوا الملك فاروق طوال معظم الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي.
وأضاف "كانت جماعة الإخوان المسلمين من أوائل الجماعات التي دقت ناقوس الخطر بشأن الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين".
وأردف "وفي حرب عام 1948 بين دولة إسرائيل الجديدة وجيرانها، حارب الإخوان (وإن كان ذلك بشكل غير فعال) ضد الإسرائيليين بالقرب من بئر السبع وبيت لحم والقدس، على الرغم من أنهم ميزوا أنفسهم بمساعدة الآلاف من الجنود والضباط المصريين الذين تقطعت بهم السبل في جيب الفالوجا بالقرب من قطاع غزة في المراحل الأخيرة من الصراع".
الإخوان وفلسطين
وقال "كان هناك بعد سياسي حاسم آخر لنشاط الإخوان فيما يتعلق بفلسطين اعتقدت المجموعة، المتوافقة مع الإصلاحيين الإسلاميين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين".
واضاف أنهم يرون "أن ضعف المجتمعات الإسلامية يدعو إلى التدخل الأجنبي، وبقدر ما اعتبروا هم وكثيرون غيرهم أن الصهيونية أداة للاستعمار الأوروبي، كان يُنظر إلى النضال الفلسطيني ضد الإسرائيليين على أنه نفس النضال القومي الذي كان المصريون يشنونه ضد البريطانيين".
وأشار إلى أن الإخوان لم يكونوا الفاعلين الوحيدين في هذه الأحداث المعقدة التي امتدت لعقود، وكان هناك بالطبع حزب الوفد، والضباط الأحرار، ومجموعة متنوعة من الأحزاب الأخرى" مستدركا أنه "بينما يحاول السيسي، لا يمكنك إنكار الدور الذي يلعبه الإخوان في القضايا التي كانت ولا تزال حاسمة بالنسبة للخطاب القومي في مصر".
قصة مصر القديمة
واعتبر أنه في بعض النواحي، هذه قصة مصرية قديمة، حيث كانت الأسئلة الأساسية حول المجتمع، والحكم، والهوية، ودور البلاد في العالم موضع جدل منذ فترة طويلة، ولكن لأن قادة مصر يعتمدون في الأغلب على الخوف والإكراه للحفاظ على سيطرتهم السياسية، فإنهم يصبحون عرضة للزعماء السياسيين المحتملين الذين لديهم إجابات على هذه الأسئلة.
وطالب أنه يمكن للسيسي أن يستخدم الكثير من القوة والعنف، ولهذا السبب فإن الاتهامات الموجهة إلى شخص ما بأنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين أو يتقاضى أجرا من المنظمة قوية للغاية٬ مضيفا أنه نتيجة لذلك، تم اقتياد المعارضين المصريين السلميين غير الإسلاميين إلى السجون، الأمر الذي يزيد من صعوبة وخطورة سعي الناشطين إلى تحقيق أجنداتهم.
وختم الكاتب قائلا: "في الوقت نفسه، فإن هذا الاتهام فارغ، بل طائش، وهو رد روتيني على أي انتقاد موجه لزعيم ومؤيديه، الذين لا يستطيعون استحضار رد متماسك على منتقديهم، وهو أيضا نوع الرد الذي يستخدمه القادة السياسيون عندما يشعرون بالخوف وفي الواقع، بقدر ما يحكم السيسي بالخوف، فإنه يحكم به".