وقع البنكان المركزيان في مصر والإمارات العربية المتحدة اتفاقية مبادلة عملة بقيمة 1.36 مليار دولار في أواخر الشهر الماضي، يمكن أن توفر للقاهرة شريان حياة في أزمتها المالية الشديدة، بحسب ما أفاد موقع “المونيتور”.
ولم يتم الإعلان عن سوى القليل من التفاصيل، لكن الترتيب سيمنح حكومة السيسي إمكانية الوصول إلى ما يصل إلى 5 مليارات درهم إماراتي (1.36 مليار دولار) مقابل 42 مليار جنيه مصري (1.36 مليار دولار).
ومنذ بداية الحرب الأوكرانية في أوائل عام 2022، تعاني القاهرة من نقص في العملة الصعبة، ناجم إلى حد كبير عن هروب رأس المال الهائل والصعوبات التي تواجهها في الوصول إلى أسواق رأس المال، مما يعقد قدرتها على تغطية فاتورة الواردات والتزامات الديون. كما يعاني الجنيه المصري من عدم استقرار كبير وتم تخفيض قيمته ثلاث مرات منذ مارس 2022 ، وفقد حوالي نصف قيمته مقابل الدولار.
وقال مدير شركة الراية الاستشارية هاني أبو الفتوح ل”المونيتور”: إن “الصفقة واعدة بالنسبة لمصر، سيوفر اتفاق مبادلة العملة حاجزا ضد الصدمات الخارجية ويساعدها على الحفاظ على الاستقرار المالي، ويأتي ذلك في الوقت المناسب بشكل خاص بالنظر إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي الحالية، التي فرضت ضغوطا على العديد من الاقتصاديات، بما في ذلك مصر”.
وستمنح اتفاقية مبادلة العملة حكومة السيسي بعض الراحة من أزمة العملة الصعبة وتخفف بعض الضغط على احتياطياتها الأجنبية من خلال السماح لها بتمويل التجارة مع الإمارات بعملتها المحلية بدلا من الدولار.
بلغت واردات مصر من الإمارات العربية المتحدة، وخاصة الوقود والمنتجات النفطية والبلاستيك، 2.65 مليار دولار في عام 2022، وفقا لبيانات الأمم المتحدة لتجارة السلع الأساسية.
وقالت العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة علياء المهدي ل”المونيتور”: إن “الصفقة تطور مرحب به، ووفقا للاتفاقية، ستسمح الإمارات لمصر باستيراد 50٪ من وارداتها بالجنيه المصري”.
كما يضمن خط المبادلة للقاهرة الحصول على تمويل خارجي منخفض التكلفة وسيولة العملات الأجنبية واستقرار سعر الصرف مع أبو ظبي في وقت يشهد تقلبات كبيرة للعملة المصرية، وبموجب هذا الترتيب، تم تحديد سعر الصرف الضمني للدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري عند 8.40.
واليوم، لا تزال العملة المحلية في مصر تتعرض لضغوط كبيرة، ويعتبر تخفيض قيمة العملة للمرة الرابعة مسألة وقت، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه شرط بموجب اتفاقية القرض الموقعة مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار في عام 2022.
وقال جيمس سوانستون هو خبير اقتصادي في الأسواق الناشئة في شركة الأبحاث الاقتصادية المستقلة كابيتال إيكونوميكس، لـ”المونيتور”: إن “خط المبادلة يضاف إلى الدعم المالي الذي قدمته دول الخليج لمصر في ظل ضغوط ميزان مدفوعاتها”.
وأضاف: “يأتي ذلك في وقت تأخرت فيه مدفوعات صندوق النقد الدولي لصفقة مصر، وسيزود البنك المركزي المصري بمزيد من الذخيرة إما لتعزيز احتياطياته من النقد الأجنبي أو لاستخدامها لدعم العملة قبل أي تحرك مقرر للعملة”.
وأشار سوانستون أيضا إلى أنه بالنظر إلى أنباء الانتخابات الرئاسية المصرية التي ستجرى في ديسمبر، قد يأتي تخفيض قيمة العملة بعد ذلك، ومن هنا تأتي الحاجة إلى المزيد من الموارد المالية لتوجيه صانعي السياسات الآن”.
ولم يكشف البنكان المركزيان في مصر والإمارات العربية المتحدة سوى عن القليل جدا من المعلومات حول هذا الترتيب، ولم يتم الإعلان عن بعض التفاصيل، مثل تاريخ استحقاقه.
ويبقى أن نرى نطاق الاتفاق، لأن خطوط المبادلة هذه يمكن أن تعمل ببساطة كشبكة أمان وتعزز قدرة أحد البنوك المركزية المشاركة في الترتيب على الاستجابة من خلال ضمان حصوله على العملة الصعبة ولكن دون الحاجة بالضرورة إلى استخدامها.
وفي البيان الصحفي الذي أعلن عن الاتفاق، نقل عن محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله قوله: إن “الخط سيساهم في تسهيل وزيادة حجم التجارة بين البلدين”.
واكتفى نظيره الإماراتي، خالد محمد بلاما، بالقول: إن “هذا الترتيب سيشكل فرصة لتطوير الأسواق الاقتصادية والمالية لكلا البلدين”.
ومع ذلك، يعتقد أبو الفتوح أن الإمارات ستستفيد من الاتفاق أيضا، وستعزز صفقة مبادلة العملات العلاقات الاقتصادية الإماراتية مع مصر ، التي كانت أكبر شريك تجاري عربي لها في عام 2022 ، حيث وصلت التجارة الثنائية إلى 10.3 مليار دولار، وستسهل الصفقة على الشركات العمل في كلا البلدين وستعزز المزيد من التجارة والاستثمار”.
تجدر الإشارة إلى أن الإمارات تعد مصدرا رئيسيا للاستثمار الأجنبي في مصر ، حيث استثمرت الشركات الإماراتية 9.4 مليار دولار في مصر في النصف الأول من عام 2023.
وجاء الإعلان عن خط المبادلة بعد قبول مصر والإمارات في كتلة بريكس في نهاية أغسطس خلال القمة الأخيرة للمجموعة في جنوب إفريقيا، حيث أكدت الدول الأعضاء عزمها على إلغاء الدولار في علاقاتها التجارية وزيادة استخدام العملات المحلية في معاملاتها التجارية.
وفي هذا السياق، أفاد البنك المركزي المصري أيضا في 27 سبتمبر، قبل يوم من الإعلان عن خط المبادلة مع الإمارات، أنه يناقش اتفاقية أخرى لمبادلة العملات مع البنك المركزي الصيني لتعزيز العلاقة بين البلدين.
كما أعرب بنك التنمية الصيني عن اهتمامه بمناقشة التوسع في استخدام اليوان في المشاريع المستقبلية وأنشطة التمويل المشترك مع مصر، وفقا لبيان ثالث للبنك المركزي المصري صدر في 28 سبتمبر.
وفي عام 2016، وقع البنك خط مبادلة عملة لمدة ثلاث سنوات مع بنك الشعب الصيني بقيمة حوالي 2.6 مليار دولار لتمكين الشركات المصرية من تسوية علاقاتها التجارية مع الشركات الصينية باليوان.
وعلى الرغم من الترحيب على نطاق واسع بالاتفاق بين مصر والإمارات العربية المتحدة، إلا أن تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2017 حول ترتيبات مقايضة العملات حذر من أن هذه الخطوط، إذا تم احتسابها كأصول احتياطية متاحة بسهولة من قبل البلدان المعنية، فإنها تخاطر بتزويدها بفرصة تلميع مؤشراتها الأكثر إثارة للقلق، مثل احتياطيات العملات الأجنبية، وتأخير التغييرات الهيكلية الأساسية، نظرا لقدرتهم على طباعة عملاتهم المحلية.
https://www.al-monitor.com/originals/2023/10/can-uaes-currency-swap-offer-egypts-spiraling-economy-some-respite
 
             
                 
                             
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
							                         
							                         
							                         
							                         
							                         
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                    