بعد دعمها لدولة الاحتلال في حربها على غزة بكافة أنواع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة لإبادة أبناء غزة، وكان آخر أشكال الدعم إمداد تل أبيب بمنظومة الطائرات الألمانية المسيرة (4 طائرات) وفي الوقت نفسه حاصرت الشرطة الألمانية مظاهرة متضامنة مع غزة الأحد ومنعتها بمجرد أن بدأت، كما اعتقلت عددا من المشاركين بصورة مهينة.
ففي عصر الأحد 15 أكتوبر شارك المئات بفعالية غير متوقعة غير عابئين بقرارات الحكومة الألمانية، وضمت وقفتهم أطفالا ونساء أمام محطة قطارات برلين متضامنين مع غزة، هاتفين بالألمانية “تحيا فلسطين” و”أوقفوا جرائم الحرب في غزة”، وشهدت المسيرة تحرشا من الداخلية الألمانية وشقا للجنود الألمان لصفوف المتضامنين والرافعين لأعلام فلسطين غير المنتظمة مع توقعات باعتقالات بعد نهاية الوقفة.
وتحتاج مواقف الحكومة الألمانية الداعمة لإسرائيل منذ العدوان إلى تفسير؛ حيث تعتبر الحكومة الألمانية منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى أن ما فعلته حركة المقاومة الإسلامية حماس هجوما إرهابيا، فضلا عن تبني الإعلام الألماني للرواية الصهيونية بشكل كبير، وعلى هذا الوجه منعت التضامن وقالت إنها ستعتقل من يتضامن.
وعلاقات ألمانيا مع الكيان الصهيوني منتظمة وداعمة، فقبل نحو 3 أسابيع دفعت برلين نحو 3.5 مليار دولار مقابل منظومة الدفاع الصهيونية (حيتس 3) الدفاعية بعد ما ذهب وزير الحرب الصهيوني يواف جالانت في 27 سبتمبر الماضي لتوقيع الصفقة.
يوهان دافي فاديبول نائب الكتلة البرلمانية للحزب المسيحي الألماني الذي كانت تقوده ميركل قبل تنحيها عن منصبها كمسشتارة ألمانية، كشف في تصريح مبكر في 2018، يمدح فيه العلاقات السعودية الإسرائيلية، ويشدد على أن أمن اسرائيل ركن أساسي في السياسة الألمانية تجاه الشرق الأوسط، مضيفا لذلك ندعم السعودية في السعي لتحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل.
إيرن جوفرشين أحد مؤسسي “جمعية الحمراء”نسبة إلى قصر الحمراء بغرناطة الرامية إلى تشكيل منتدى إسلامي مستقل في ألمانيا غرد عبر موقع (X) أدان موقف أحد المجالس الإسلامية التي تدعمها دولة الإمارات في ألمانيا وتسمح لها السلطات الألمانية لمواجهة الإرهاب الذي تضع تحته ألمانيا حماس ضمنا، أدان ما يسمى المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا بعد إدانته إرهاب حماس في عملية طوفان الأقصى.
وقال “جوفرشين”: “من وجهة نظري كألماني مسلم، فإن موقف المجلس مخجل، هذا المجلس لا يتحدث نيابة عن المسلمين في ألمانيا، يتعين عليهم تغيير الاسم”.
تقول دويتشه فيله: إن “المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا تتبعه 300 رابطة للمساجد، واحتاج للكثير من الوقت حتى خرج ببيان عقب هجمات حماس الأخيرة”.
وأدان المجلس في بيانه هجمات حماس الأخيرة على المدنيين، داعيا إلى وقف فوري لأعمال العنف، وأضاف يجب على جميع الأطراف في الوقت الراهن وقف كافة الأعمال العدائية على الفور من أجل تجنب سقوط المزيد من الضحايا في صفوف المدنيين.
من هم المدنيون؟
بيد أن عبارة “من أجل تجنب المزيد من ضحايا المدنيين” أثارت الكثير من الانتقادات وصلت إلى حد اتهام المجلس بمحاولة إضفاء طابع نسبي على عنف حماس.
علي ميتي، الأمين العام لحركة ميلي غوروش الدينية والسياسية التركية في ألمانيا، على منصة إكس قائلا: “الصور ومقاطع الفيديو للهجمات وعمليات الاختطاف وتدنيس المقدسات التي نراها للأسف منذ سنوات عديدة وما زلنا نراها اليوم لا تُطاق”.
إلا أن “ميتي” استدرك قائلا عبر (X): “نصلي من أجل أن تأتي نهاية قريبة لعقود من المعاناة في إسرائيل وفلسطين، وكذلك في العديد من مناطق النزاع الأخرى، ومع ذلك، من غير الصحيح وغير المسؤول التلميح باتهام المسلمين هنا في ألمانيا بالتواطؤ في الجرائم في إسرائيل وفلسطين.”.
وتجمع في 10 أكتوبر نحو 50 شخصا في حي “نويكولن” في العاصمة الألمانية برلين في مظاهرة قالت الشرطة: إنها “مؤيدة لهجمات حماس فيما أظهرت مقاطع مصورة نشرتها شبكة صامدون المناهضة لإسرائيل على موقع إنستغرام، قيام المتظاهرين بترديد هتافات أثارت الجدل على منصات التواصل الاجتماعي في ألمانيا.
بالمقابل، وزير الزراعة الألماني جيم أوزدمير (يهودي) غرد مباشرة بعد هجوم حركة حماس على الكيان الصهيوني محرضا على الجمعيات الإسلامية في ألمانيا، وقال : “صمت مدوٍّ من قبل الجمعيات الإسلامية في ألمانيا تجاه الإرهاب ضد إسرائيل، وإن تحدثوا فبكلمات مخففة” ثم أضاف: “في الإرهاب والقتل وعمليات الاختطاف، يجب أن تنتهي أخيرا السذاجة في التعامل مع الجمعيات الإسلامية.”.
وأصدرت كافة الأحزاب في البرلمان الألماني، باستثناء حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي وحزب اليسار المعارض، بيانا مشتركا أكدت فيه على التضامن مع إسرائيل.
وقالت الأحزاب الألمانية في بيانها المشترك: “نؤكد على تعاطفنا مع كافة أطياف الشعب الإسرائيلي ودولة إسرائيل في هذه الساعات الصعبة، لا يوجد أي مبرر لمثل هذا الإرهاب الذي يجب أن يتوقف على الفور”.
معاداة متأصلة
ويعيش في ألمانيا حوالي خمسة ملايين ونصف مليون مسلم في ألمانيا يشكلون مجتمعا متنوعا للغاية على مستوى البلاد.
وقد ذكرت منصة Mediendienst Integration المعنية بتبادل المعلومات حول الهجرة واللجوء في ألمانيا وتكتب للعديد من وسائل الإعلام الألمانية حول العنصرية وسياسة الهجرة، أن حوالي 70٪ من المساجد وبيوت العبادة للمسلمين في ألمانيا تعمل تحت مظلة جميعات فيدرالية أو محلية على مستوى الولايات.
ويخضع القليل من هذه الجميعات للمراقبة من قبل المكتب الألماني لحماية الدستور – جهاز الاستخبارات الداخلية – فيما تعرضت عدة جمعيات لانتقادات جراء حصولها على تمويل من إيران وتركيا.
ورصدت تقارير انتشار ظاهرة معاداة المسلمين بشكل واسع داخل المجتمع في ألمانيا، التقرير الذي أعدته لجنة خبراء مستقلة، قدم مجموعة توصيات للتعامل مع هذه الظاهرة، ووزيرة الداخلية الألمانية تصف النتائج بـ”المريرة”.
ووفقا للتقرير فإن أكثر الأشخاص عرضة لمعاداة المسلمين هم من يظهرون انتماءهم الديني، والمحجبات أكثر عرضة بشكل خاص لأشكال قاسية من العداء.
وخلص تقرير نشر الخميس (29 يونيو 2023) في برلين، إلى أن المسلمين في ألمانيا غالبا ما يواجهون التمييز والأحكام المسبقة، وأوصى تقرير اللجنة المستقلة المكونة من 12 عضوا، بتسمية الحكومة الألمانية لمفوضة أو مفوض بهدف التصدي لهذه الظاهرة.
وتعود فكرة رصد ظاهرة معاداة المسلمين في ألمانيا لعام 2020 بمبادرة من وزير الداخلية وقتها هورست زيهوفر، الذي أطلق فكرة رصد هذه الظاهرة استنادا إلى دراسات وإحصائيات حكومية، وتم تشكيل لجنة لهذا الغرض تتكون من تسعة خبراء ينحدرون من أوساط علمية مختلفة.
ووفقا للتقرير فإن أكثر الأشخاص عرضة لمعاداة المسلمين هم من يظهرون انتمائهم الديني سواء عبر الملابس أو عبر الانضمام لمؤسسات معينة، وأضاف التقرير أن النساء اللاتي يرتدين الحجاب هن أكثر عرضة بشكل خاص لأشكال قاسية من العداء، أما بالنسبة للرجال فإنهم يواجهون اتهامات متزايدة بالعنف.
وأضاف التقرير أن مسألة معاداة المسلمين ليست غالبا مجرد وقائع فردية، ولكنها متكررة تشمل الإقصاء والتمييز وتصل إلى حد العنف والكراهية.
https://twitter.com/SupportProphetM/status/1713509041270358095