مثل عدوان إسرائيل.. إثيوبيا تستغل أحداث غزة وتطعن المصريين في ظهورهم

- ‎فيعربي ودولي

لم يطلب السيسي تفويضا من المصريين – لا سمح الله- لمواجهة الإجرام الإثيوبي في حق المصريين، ولم يطلبه أثناء التنازل عن الجزيرتين تيران وصنافير للسعودية مقابل عودة المجرم ابراهيم العرجاني من طائرة زامبيا، ولم يطلبه وهو يهدد الحكومة الشرعية في ليبيا، وجددت أنباء بشأن استعدادات في إثيوبيا لـ”الملء الخامس” لـ”سد النهضة”، تساؤلات حول استمرار أديس أبابا في “الإجراءات العقابية للمصريين” بشأن ملف سد النهضة.
وذلك في ظل انشغال مصر والمنطقة العربية بالحرب الصهيونية على غزة، وقبل أسابيع من جولة مفاوضات مرتقبة بين مصر والسودان وإثيوبيا في أديس أبابا حول “السد”.
ومع تصاعد أزمة سد النهضة الإثيوبي وفشل المفاوضات، يتخوف مصريون من المخاطر المائية المحتملة، محمّلين قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي المسؤولية، خاصة مع تأكيد أديس أبابا أن اتفاق المبادئ الذي وقعه السيسي أقر بحقها في بناء السد وملء الخزان.
وقبل أيام تداول خبراء جيولوجيا في مصر صوراً التقطت أظهرت “قيام إثيوبيا بفتح بوابة تصريف المياه الشرقية بشكل كامل لتمرير المياه الزائدة، استعداداً لتعلية الحائط الخرساني للسد وبدء الملء الخامس”.

وعد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، عباس شراقي، التحركات الإثيوبية الجديدة بأنها خطوات فنية معروفة لبدء الملء الخامس خلال أسابيع قليلة.
وقال شراقي إن سد النهضة به بوابتا تصريف للطوارئ، وقامت إثيوبيا الآن بفتح إحدى البوابتين لتصريف المياه، لأن التوربينات لا تعمل، وسوف يتم تصريف المياه الزائدة خلال نحو ثلاثة أيام، ثم يترك الممر الأوسط نحو أسبوعين ليجف، وتبدأ بعدها مرحلة التعلية الخرسانية تمهيداً للملء الخامس الذي يهدف إلى تخزين 64 مليار متر مكعب من المياه، وهي زيادة كبيرة عن المخزون الحالي منذ الملء الرابع وهو 41 مليار متر مكعب.
وتأتي التحركات الإثيوبية الجديدة قبل جولة مفاوضات رابعة حول سد النهضة تُعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في ديسمبر المقبل، بمشاركة الدول الثلاث، عقب الجولة الثالثة من المفاوضات التي عقدت بالقاهرة خلال 23 و24 أكتوبر الماضي، من دون التوصل لاتفاق.
ووفق شراقي فإن لجوء إثيوبيا إلى فتح إحدى بوابتي التصريف الخاصة بالطوارئ لتصريف المياه الزائدة، يؤكد أنها فشلت في تشغيل التوربينات والتي تسمح بمرور المياه الزائدة، كما أن المياه التي يتم تصريفها في الوقت الراهن بغرض التجفيف والتعلية، هي مياه مهدرة لا يستفيد بها أي طرف، واصفاً الإجراءات الإثيوبية الجديدة بأنها استغلال لانشغال مصر بحرب غزة، للمضي في كافة مراحل بشكل أحادي.

سد النهضة وما يحمله من مخاوف شعبية يجدد التساؤل عن تنازل السيسي عن المقدرات المصرية، كما حدث في قضية غاز شرق المتوسط التي تقول المعارضة المصرية ونشطاء إن السيسي فرط في حقوق مصر هناك، وتنازل لإسرائيل وقبرص عن حقول ضخمة للغاز الطبيعي، بينما تقول حكومة الانقلاب إن ترسيم الحدود البحرية الشمالية أتاح لمصر الاستفادة من ثروات الطاقة هناك.
وبرأي العديد من المصريين فإن القضية الأكثر وضوحا بشأن تنازل السيسي عن مقدرات الشعب المصري، هي التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية إثر اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، والتي تحل الذكرى السادسة لتصديق السيسي عليها، وبالتالي نقل السيادة على الجزيرتين إلى الرياض.
ويرى مراقبون أن السيسي قام بالتفريط في مياه النيل عبر التوقيع على اتفاقية إعلان المبادئ مع السودان وإثيوبيا، حيث اعترفت مصر بحق إثيوبيا في بناء سد النهضة على مياه نهر النيل الأزرق بشرط عام هو ألا يضر السد بمصالح دول المصب مصر والسودان، لكن الاتفاقية لم تحدد حصة كل دولة من المياه، كما أنها لم تضع أي بنود لكيفية حل النقاط الخلافية والعالقة بين البلدين.

ووفقا للخبير الاقتصادي المصري محمود وهبة، فإن توقيع السيسي على هذه الاتفاقية أبطل اتفاقية مودعة بالأمم المتحدة عام 1993، بين مصر وإثيوبيا تمنع بناء السدود.
وتساءل وهبة في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، “لماذا يتنازل السيسي عن اتفاقية دولية مودعة بهيئة الأمم المتحدة تحفظ مياه مصر وسيادتها ويوقع بدلا منها اتفاقية الخرطوم عام 2015، ويعطي لإثيوبيا الحق في بناء سد بلا شروط أو مواصفات ويلغي بذلك اتفاقية دولية عام 1993؟”.
ومنحت الاتفاقية قبلة الحياة لإثيوبيا كي تمضي نحو استكمال بناء السد وتحصل على تمويلات دولية لتنفيذ المشروع، وذلك وفقا لدراسة نشرت عام 2016 بمجلة السياسة الدولية الحكومية، تحت عنوان “الموقف التفاوضي المصري في أزمة سد النهضة.. التحديات والخيارات”.

وفي تلك الدراسة اعتبر الباحث عماد حمدي أن من أهم التحديات التي تواجه المفاوض المصري في أزمة سد النهضة، فقدان مصر النفوذ الذي مارسته لفترة طويلة على القوى المانحة التقليدية، مثل البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي، لمنع تمويل السد، بعد إعلان المبادئ الذي وقعه السيسي، والذي احتوى على اعتراف ضمني بالسد، حيث قدمت مصر والسودان شهادة الميلاد الحقيقية للسد الإثيوبي، الذي كان يعاني مشكلات الاعتراف والشرعية.