في 11 نوفمبر الجاري، استضافت الرياض قمة عربية إسلامية غير عادية لمناقشة العدوان الإسرائيلي على غزة بعد أكثر من شهر على بدئه، ورغم أن الدافع لجمع القمتين العربية والإسلامية، كان توحيد الجهود بهذا الخصوص، إلا أن بنود القرار الختامي للقمة كانت أبعد ما تكون عن الفعل والتأثير، ما أثار إحباط الشارع العربي والإسلامي وأطلق مقترحا بهجرة العرب إلى دولة حرة تجمعهم على الإنترنت.
يقول صاحب المقترح الفنان المعارض عمرو واكد :” عندي اقتراح يبدو وكأنه ساذج، ولكنه قد يثمر نتائج في انجاح وحدتنا، يتم تأسيس دولة عربية جديدة في عالم الإنترنت الافتراضي، وأي شخص يحمل جنسية عربية يكون من حقه الحصول على هذه الجنسية العربية”.
وتابع واكد :”ونبدأ بكتابة دستور عربي ثم نسعى في انتخاب ممثلين لنا في حكومة هذه الدولة العربية الافتراضية، وهذه الحكومة تصدر قوانين يلتزم بها المواطنون”.
وختم بالقول :”ثم تدريجيا نبدأ في تحصيل ضرائب وفي يوم هذه الدولة العربية ستطيح بحدود سايكس بيكو وتنهض بالمنطقة بشكل ديمقراطي حقيقي، نحن لدينا التكنولوجيا والإمكانيات، ما رأيكم؟”.
ويرد الناشط سلطان بالقول :” أعتقد أن فكرة إنشاء دولة عربية افتراضية لها دستورها الخاص وحكومتها المنتخبة هي ثورة في الفكر السياسي والتكنولوجيا”.
وتابع سلطان :”ولكن، هناك تحديات كبيرة تحتاج إلى معالجة من القانون والسيادة، إلى الاعتراف الدولي والتمويل، وحتى الأمن السيبراني، إذا تم التغلب على هذه التحديات، فقد يكون لدينا نموذج جديد للحكم الديمقراطي في العالم العربي”.
القمة العربية أو “قمة الشلل” كما يطلق عليها النشطاء، أتت بعد أكثر من شهر كامل على العدوان على قطاع غزة، وبعد أن تجاوز عدد الشهداء 11100، والجرحى أضعاف ذلك، فضلا عن الحصار، ومنع دخول الغذاء والماء والدواء والوقود، بل قالت وزارة الصحة في غزة، يوم انعقاد القمة: إنها “لم تستطع إحصاء عدد الضحايا، بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت، ولا شك أن تأخر القمة كل هذا الوقت إزاء وضع كارثي بهذه الصورة له دلالاته التي سيكون لها انعكاس مباشر على مخرجاتها وقدرتها على التأثير،
كما أن مخرجات القمّة غلبت عليها الصياغات الكلامية والخطابية، مثل المطالبات والمناشدات والتأكيدات والدعوات وإعلان الدعم، في غياب شبه كامل لأي خطوات عملية يفترض أن تضطلع بها القمة التي جمعت قيادات 57 دولة عربية وإسلامية، إزاء قضية جامعة كالقضية الفلسطينية، وإجراءات الاحتلال التي وُصفت بكل ما سبق في المقدّمة والديباجة، فضلا عن الوقائع الميدانية”.
في المقابل، كان القرار العملي الوحيد والمتمثل في كسر الحصار وإدخال المساعدات فضفاضا لم تُشرح آليّتُه ولم تُطرح وسائل تطبيقه ولا كيف سيواجه التعنت الإسرائيلي القائم بخصوص إدخال المساعدات للقطاع، فكان أقرب للرغبة والدعوة منه لخطة عملية.
فيما أكد كتاب ومفكرون أن نتائج القمة العربية التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، لم ترق إلى ما هو مطلوب فلسطينيا وعربيا، وهو في حده الأدنى إنقاذ الجوعى والمرضى من أهل غزة.
ورأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة السوربون الدكتور برهان غليون، أن نتائج القمة العربية الإسلامية كانت تحت المستوى المطلوب، ولم يبينوا أنه يمكن أن يكون للعرب دور برسم مصير غزة والقضية الفلسطينبية.
وقال: “كان على الأقل أن يتم فرض إدخال المساعدات إلى غزة وأن ينقذوا حياة المرضى والجوعانين، وأن يبينوا أنهم غير مستسلمين للأمر الواقع، أو أن يظلوا مراهنين على استجابة الدول الكبرى لمناشداتهم، أي أن يكونوا طرفا فاعلا وليس مناشدا للآخرين سواء دول كبرى أو منظمات”.
وأشار غليون إلى أن الصراع اليوم عنيف بغزة وأن الرهانات أكبر من غزة، فالأمر يتعلق بموقع إسرائيل في الشرق الأوسط، إذا انهزمت إسرائيل سيكون للعرب موقع آخر، وإذا نجحت إسرائيل في تحقيق أهدافها وهي أخطر من إنهاء حماس، وهي إعادة السيطرة على غزة وطرد أهلها منها، إذا نجحت في ذلك ستكون هزيمة عربية”.
وأضاف: “وفق هذا المنظور فإن الرد العربي على حرب الإبادة في غزة ضعيف، وأعتقد أن توسيع الدائرة في اتجاه الدول الإسلامية لا تعزز من مصداقية العرب، وإنما تخفف منها كما لو أنهم يوزعون المسؤولية على دول عديدة كبيرة، وليس لها علاقة أحيانا بالحرب الدائرة”.
وحول الرأي القائل بأن ما يجري من معارك بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية يمثل انتصارا للمقاومة، قال غليون: “لا يجب أن ننادي بالانتصارات، إسرائيل وراءها الغرب، والغرب له قدرات موجودة فينا، ومتغلغل فينا، بسبب انتكاسة إسرائيل في غزة لا نعلم ردات فعله”.
وأضاف: “صحيح تحطمت أسطورة إسرائيل القوة الرادعة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يأتي شخص أكثر عدوانية من نتنياهو، ثم إن العدو ليس إسرائيل فحسب، والمواجهة ليست مع إسرائيل، إسرائيل هي القاعدة المتقدمة لتحالف غربي كولونيالي”، وفق تعبيره.
أما أستاذ العلوم السياسية خالد الدخيل فاكتفى بنشر تغريدة على صفحته على منصة “إكس” قال فيها: “كانت غولدا مائير، ثاني رئيسة لحكومة إسرائيل، تعترف أنهم يقتلون الأطفال، وكانت من الصفاقة لتبرير ذلك أنهم مجبرون على ذلك، من الذي أجبرهم؟ تجيب بقولها “لن نغفر للعرب أبدا أنهم أجبرونا على قتل أطفالهم” حسب الصحفي الإسرائيلي البارز جدعون ليفي”.