بالتزامن مع عدوانها على غزة الذي وصل إلى اليوم السبعين، انسحب جيش الاحتلال من جنين بعد أيام من حصارها وقتل عدد من أبناء المخيم وتجريف أراضي المخيم، بالإضافة إلى عمليات دهم واعتقالات موسعة.
وطالب عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران اليوم الجمعة، بضرورة توسيع رقعة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، “نظرا لأهميتها”.
وقال بدران المبعد إلى خارج فلسطين في كلمة مسجلة له تم بثها في مسيرة بمدينة رام الله بذكرى انطلاقة حماس، “نعلم أن ظروف الضفة الغربية صعبة وليست سهلة، وأن الاحتلال يمارس أبشع أنواع القهر والقتل وهدم البيوت والاعتقالات بالآلاف، كما نشاهد، لكن حراك الضفة مهم ومطلوب، ونحن مطالبون دوما برفع المستوى وزيادة العمل وتوسيع رقعة المقاومة وتعدد أشكالها وأساليبها وأنواعها”.
وتابع بدران، “ان الاحتلال يخشى أكثر ما يخشاه من تحرك الضفة الغربية وانتفاضتها وازدياد عملها وتصاعد فعلها المقاوم في مختلف المجالات والأماكن، وهذه أمانة علينا جميعا، نحن محاسبون عليها كفصائل وحتى أفراد”.
وأضاف: “نقول للجميع القريب والبعيد الصديق والعدو أن شعبنا لن ينكسر ومقاومتنا لن تتراجع ولن نرفع الراية البيضاء، وأن التهجير أمر مستحيل والتراجع أمر مستحيل، والثبات هو طريقنا الواحد والوحيد الذي يؤدي إلى تحقيق طموحاتنا وعلى رأسها التخلص من الاحتلال وتحرير المسجد الأقصى”.
وانتفاضا من أبناء الضفة الغربية انطلقت مسيرات بعد صلاة الجمعة، في عدة مدن بالضفة الغربية، نصرة لغزة ومقاومتها، وكذلك إحياء لذكرى انطلاقة حركة حماس.
ورفع المشاركون رايات حماس وصور زعيم جماعة الحوثيين في مسيرة انطلقت من مسجد البيرة الكبير (جمال عبد الناصر) لدوار المنارة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية.
وخلال وقفة على دوار المنارة قبل إكمال المسيرة فعالياتها، ألقى القيادي بحماس حسام بدران المبعد إلى الخارج، كلمة مسجلة عبر مكبرات الصوت.
وفي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، خرجت مسيرة رفعت فيها رايات حماس وسط هتافات للحركة ومقاومتها، ومن بين الهتافات “يا اللي عندك بارودة، ومخبيها للأعراس، يا بتطخ اليهودي أو تعطيها لحماس”.
كما خرجت مسيرة دعت لها حركة حماس في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية ورفعت فيها رايات الحركة الخضراء، وجابت شوارع المدينة على وقع الهتافات المؤيدة للحركة ومقاومتها.
وفي سياق الاعتداءات الصهيونية اندلعت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بعد ظهر اليوم الجمعة، في عدة مناطق بالضفة الغربية بعد انطلاق مسيرات نصرة لقطاع غزة.
واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنطقة الشرقية من مدينة نابلس وبالقرب من مخيم بلاطة، شرق المدينة، وسط اندلاع مواجهات بين الشبان وتلك القوات.
وقالت مؤسسات أسرى فلسطينية، في بيان صحفي، إنّ قوات الاحتلال الإسرائيليّ اعتقلت منذ مساء أمس وحتّى صباح اليوم الجمعة، 16 مواطنًا على الأقل من الضفة الغربية، وتوزعت الاعتقالات على محافظات نابلس، الخليل، طوباس، قلقيلية، والقدس.
ورافقت حملة الاعتقالات عمليات اقتحام وتنكيل واسعة واعتداءات وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات تخريب وتدمير واسعة في منازل الفلسطينيين، وهدم منازل الأسيرين حامد صباح وزياد الصفدي.
وبذلك ترتفع حصيلة الاعتقالات بعد السابع من أكتوبر إلى نحو 4420 حالة، وهذه الحصيلة تشمل من جرى اعتقالهم من المنازل وعبر الحواجز العسكرية ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط ومن احتجزوا كرهائن.
وأشارت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير إلى أنّ المعطيات المتعلقة بحالات الاعتقال تشمل من أبقى الاحتلال على اعتقالهم ومن تم الإفراج عنهم لاحقًا.
ونجا ثلاثة فلسطينيين كانوا داخل سيارة استهدفتها طائرة مسيرة إسرائيلية بصاروخين اثنين في مخيم بلاطة بمدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية.
وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن طائرة مسيرة استهدفت مركبة يستقلها ثلاثة شبان قرب شارع عمان، بصاروخ أول ولم تصبها، ثم عادت وأطلقت صاروخا آخر أثناء هروبها إلى مخيم بلاطة بالقرب من شارع السوق، وتمكنت من الهرب مرة أخرى ولم يصب أحد.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن أضرارا لحقت بأحد المباني في شارع عمان وفي الشارع نفسه نتيجة القصف.
وانسحب جيش الاحتلال الصهيوني عصر الخميس، وبعد عمليته العسكرية من مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، مخلفا دمارا بمنازل الفلسطينيين تفجيرا وحرقا، وقتل 12 فلسطينيا، حسب مصدر رسمي، فيما أصيب 34 بالرصاص الحي بينهم 3 بحالة خطيرة”.
ودمرت الآليات العسكرية شوارع المخيم بما فيها بنيته التحتية، من شبكات صرف صحي وكهرباء ومياه واتصالات عوضا عن تفجير 20 منزلا، واعتقال 700 فلسطيني أفرج عن غالبيتهم بعد تحقيق استمر لساعات وفق تصريحات كمال أبو الرب، القائم بأعمال محافظ جنين.
ومع انسحاب قوات الاحتلال من المخيم عاد مئات السكان والمواطنون الفلسطينيون لتفقد منازلهم وممتلكاتهم، وتشييع جثامين الشهداء الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الاحتلال في جنين في مواكب شعبية.
وصباح الخميس، أعنلت وزارة الصحة، استشهاد شاب متأثرا بجروحه جراء عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على جنين ومخيمها لليوم الثالث على التوالي، ما يرفع عدد شهداء العدوان إلى 11 شهيدا.
وشاركت فصائل المقاومة في جنين، سرايا القدس وكتائب القسام وكتائب الأقصى وكتائب أبو علي مصطفى، التصدي البطولي لاقتحام الاحتلال المتواصل لمدينة جنين ومخيمها، ويخوضون في الأثناء اشتباكات عنيفة معها.
من جهتها، قالت صابرين عارف (33 عاما) من سكان حي الدمج في مخيم جنين، وهي تتفقد منزلها المحترق بعد الانسحاب الإسرائيلي، إنها “نزحت منه جراء العملية العسكرية التي استمرت نحو 3 أيام”.
وأضافت في تصريحات صحافية: “أطفالي أصيبوا بالخوف والهلع جراء التفجيرات والرصاص والاقتحامات، والآن منزلي المكون من 3 طوابق، لا شيء فيه، احترق بشكل كامل”.
بدوره، قال ماهر نافع (70عاما)، وهو يقف على ركام منزله المدمر: “منذ الساعات الأولى للاقتحام، حوّل الجيش الإسرائيلي منزلي إلى نقطة عسكرية، وتم التحقيق معنا، ثم أجبرنا على الرحيل منه”.
وتابع أنه “بعد ساعات من إخلاء البيت، تم تفجيره بشكل كامل، ثم تحول إلى كومة ركام”.
وأشار إلى أن “عددا من المنازل المجاورة تضررت جراء تفجير منزلي”، متسائلا: “لأي سبب تم تفجير المنزل؟”.
وتقول الفلسطينية سميرة أبو غبارية (55 عاما)، إن “القوات الإسرائيلية تهجمت على عائلتها، ودمرت محتويات المنزل”.
وأردفت: “تم التحقيق معنا لساعات، ولدي ولدان رهن الاعتقال، حيث طلب منا إخلاء المنزل، وخرجنا مع قليل من المتاع”.
ويسرد سكان آخرون في المخيم مشاهد من الاقتحام، والتحقيق الميداني الذي أجرته القوات الإسرائيلية مع السكان، وسط تدمير ممتلكات السكان وتفجير بعض المنازل.
يتزامن ذلك مع حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة خلّفت حتى الخميس، 18 ألفا و787 شهيدا و50 ألفا و897 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.