فيما تستمر المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في المدخل الشرقي لمدينة “ود مدني” عاصمة ولاية الجزيرة، والتي تبعد نحو 186 كيلو مترا جنوب العاصمة الخرطوم.
واستيقظ سكان ود مدني يوم الجمعة، على هجوم قوات الدعم السريع على المدخل الشرقي للمدينة، فيما ردت قوات الجيش سريعا عليها عبر الطيران الحربي والقصف المدفعي، وساد التوتر بين سكان المدينة التي لجأ إليها مئات الآلاف سابقا فرارا من الحرب في الخرطوم.
وأعلنت السلطات المحلية في المدينة، فرض حظر التجوال في المدينة من السادسة مساء حتى السادسة صباحا، فيما بدأ الآلاف من نازحي الخرطوم رحلة نزوح جديدة تقودهم المخاوف من انزلاق المدينة في أتون المعارك.
وقالت الأمم المتحدة: إن “14 ألف شخص فروا من المنطقة حتى الآن، فيما وصل بضعة آلاف بالفعل إلى مدن أخرى”.
جبهة جديدة
وجاء الهجوم استمرارا للمعارك الدائرة من ثمانية أشهر، كمحاولة من الدعم السريع لفتح جبهة جديدة، لكن الجيش استطاع وفقا لتصريحات قائد الفرقة الأولى مشاة بالجيش، التصدي للهجوم وتشتيت القوات، لكن الدعم السريع، حصلت على تعزيزات قادمة من الخرطوم عن طريق منطقة البطانة، وعاودت الهجوم لليوم الثاني،
واستخدمت قوات الدعم السريع في هجومها مركباتها القتالية سريعة المناورة، المحملة برشاش الدوشكا والمدافع الثنائية والرباعية وراجمات الكاتيوشا، بالإضافة إلى عشرات العربات المدنية ومئات المقاتلين الذين يقودون الدراجات النارية، بحسب شهود عيان.
وبالمقابل، استخدم الجيش الطيران الحربي في غارتين قصف خلالهما تحركات الدعم السريع في منطقة أبو حراز، كما استخدم المدفعية.
وتركزت المعارك في الناحية الشمالية الشرقية لمنطقة أبوحراز، بالإضافة إلى قرية أم عليلة التي يوجد بها مستودع ضخم للوقود، وامتدت الاشتباكات إلى أحياء الإنقاذ والرياض وحنتوب.
وتسعى «الدعم السريع» للاستيلاء على كوبري حنتوب الرئيسي بالمدينة كمرحلة أولى، على أن تتبع ذلك بمهاجمة رئاسة المقار العسكرية (الفرقة الأولى مشاة) ومؤسسات الدولة التي تقع في الضفة الأخرى للنهر.
وقال شهود عيان: إن “القذائف تساقطت على أحياء الدباغة والعشير في الضفة الغربية، وحنتوب بالضفة الشرقية”.
وشهدت ود مدني موجات نزوح ضخمة للسكان، الذين تحركوا في جماعات كبيرة في الطرق الرئيسية صوب الميناء البري والسوق الشعبي ومواقف الحافلات التي تقلهم جنوبا، نحو مدينة سنار.
ورغم موجات النزوح الكبيرة، إلا أنه ما زال هناك آلاف العالقين في الأحياء التي تشهد اشتباكات مثل الرياض والإنقاذ وقرى الشرفة وأم عليلة وأب شانق.
فيما تساقطت قذئف عدة على السكان بمنطقة الرياض، نجم عنها اصابات عديدة بين السكان، فيما اضطر نازحون في أحد مركز إيواء حي الدباغة بالناحية الغربية من المدينة إلى إخلائه بعد تساقط الرصاص عليه.
وفي السوق، نقل عدد من التجار بضائعهم و أغلقوا محالهم التجارية تحسبا لأي عمليات نهب وسطو.
بينما خرج آلاف السيارات المدنية من ود مدني، تحوطا من نهبها من قبل أفراد الدعم السريع حال أحرزوا أي تقدم.
وفي الخرطوم، وبعد تدمير جسر شمبات، الذي كان يمثل خط إمداد عسكري رئيسي لـ«الدعم السريع»، ويربط خطوط إمدادها الموجودة في غربي العاصمة بشرقها، بدأت في البحث عن مسارات جديدة.
البحث عن مسارات أخرى
لاحقا حاولت «الدعم السريع» اتخاذ جسر خزان جبل الأولياء أقصى جنوبي الخرطوم معبرا لها إلا أنه دُمر أيضا، وعندما بدأت صيانته، دُمر مرة أخرى بعدما استهدفته مُسيرات يرجح أنها تتبع للجيش.
وقال مصدر عسكري لـ«مدى مصر»: إن “تضييق الخناق على قوات الدعم السريع في الخرطوم والتقدم الذي حققه الجيش في محاور شمالي العاصمة بالخرطوم بحري وفي غربها بأم درمان، أجبر الدعم السريع على البحث عن مصادر إمداد مختلفة لقواتها الموجودة في شمالي الخرطوم وجنوبها”.
وحاولت «الدعم السريع» إيجاد خطوط إمداد جديدة، وتوجهت نحو الشرق 150 كيلومترا نحو الشريط الذي يربط ولاية كسلا التي تقع على الحدود مع إريتريا، بالإضافة إلى ولاية القضارف التي تقع على الحدود مع إثيوبيا، فيما شهدت الأسابيع الماضية استيلاء الجيش على مجموعة من الأسلحة والذخائر التابعة لقوات الدعم السريع.
ورجح أحد القادة العسكريين السابقين ، أن هجوم «الدعم السريع» على ود مدني يعد محاولة لكسب انتصار عسكري خارج الخرطوم لتثبت موقفها العسكري ميدانيا وللضغط على قيادة الجيش من أجل الوصول إلى حلول سياسية تؤمن موقفها السياسي، خصوصا أن ود مدني لا تمثل موقعا إستراتيجيا عسكريا مهما، بل هي مدينة اقتصادية أصبحت بديلة للخرطوم، والأهم أنها تعتبر معبرا يربط الولايات الوسطى بالولايات الشرقية والغربية بعد توقف الحياة في الخرطوم.