كتب رانيا قناوي:
وصف الكاتب الصحفي فهمي هويدي فضيحة خيانة قائد الانقلاب العسكري في زيارته السرية لتنتياهو العام الماضي بالعقبة خلال العام الماضي، بـ"القنبلة الصحفية" التى فجرتها صحيفة «هاآرتس» وأحدثت دويها فى مختلف أرجاء العالم العربى وفاجأت الإعلام المصرى وأربكته، حتى أن بعض الصحف التى صدرت يوم الاثنين 20/2 (التالى لإذاعة الخبر) ألجمتها المفاجأة فتجاهلت الموضوع على خطورته، وادعت أنها لم تسمع به (الجمهورية- اليوم السابع* البوابة).
وأشار هويدي خلال مقاله بصحيفة "الشروق" في عددها الصادر صباح اليوم الأربعاء، إلى أن البعض الآخر تلعثم فى نشر الخبر وحاول تمييعه وتخفيف وقعه على القارئ، سواء من خلال الإشارة إلى أن مضمونه مجرد «مزاعم» إسرائيلية، أو بالتركيز على أنه مسكون بالمغالطات، أو بإعطاء الأولوية لبيان التحدث الرسمى باسم الرئاسة الذى قال إن مصر لا تدخر جهدا للتدخل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية دون مزايدات، (الأهرام والأخبار والوطن)، وبعدما نشرت الخبر على عامود واحد فى الصفحة الأولى، ونسبته فى الداخل إلى مزاعم إسرائيلية، فإن جريدة «المصرى اليوم» أبرزت فى عنوان عريض بالداخل تعليق لأحد الذين يدعون أنهم خبراء فى الشأن الإسرائيلى قال فيه إن ما نشرته الصحفية الإسرائيلية «عار تماما عن الصحة».
وكشف هويدي أن خبر زيارة السيسي السرية قد يفسر لنا الآن لماذا فاجأنا السيسى يوم 17 مارس من نفس العام بحديثه عن «السلام الدافئ» مع إسرائيل، أثناء افتتاح بعض المشروعات فى أسيوط، ذلك أن استخدامه المصطلح لأول مرة تم بعد نحو ثلاثة أسابيع من اجتماع العقبة السرى، كما أن الملاحظة الشكلية الثانية أن الطرف الفلسطينى كان غائبا فى اجتماع بحث المصير الفلسطينى وهو ما يعد قرينة على الاتجاه إلى محاولة ترتيب الأمر عربيا وإسرائيليا أولا لفرض ما يتفق عليه على الفلسطينيين.
وقال إن هناك شكوكا فى أن لنتنياهو أو فريقه دورا فى عملية التسريب. وهو ما لا أستبعده لأنه أكثر المستفيدين من العملية، رغم أن معارضيه هاجموه واعتبروا أنه ضيَّع فرصة نادرة لإحلال السلام مع الفلسطينيين، وذلك لثلاثة أسباب، أولها أن الرجل أراد أن يخلط الأوراق ويقلب الطاولة على الجميع بعد عودته مستعليا ومنتشيا من اجتماعه مع الرئيس الأمريكى فى واشنطن، إذ اطمأن إلى أنه أصبح بمقدوره أن يتحلل من كل الوعود والتفاهمات التى طرحت فى السابق، سواء فيما يخص قضية الدولتين أو العودة إلى حدود عام 1967 أو القرارات والأحكام الدولية. كما أصبح فى موقف يسمح له بتحدى قرار منع الاستيطان والشروع فى ضم الجولان بعد الضفة الغربية. وقد شجعته على كل ذلك حالة الفوضى والانفراط المخيم على العالم العربى.
وأوضح هويدي أن السبب الثاني أن يكون قد أراد بالصدمة التى حدثت أن يمهد لفكرة الحل الإقليمى التى ترددت أخيرا، بتهيئة الرأى العام لمشروع تحالف إسرائيل مع بعض الدول العربية دون المرور بالموضوع الفلسطينى، كأنما أراد أن يقول إن الأمر ليس مفاجئا، وإن إجراءات التحالف حاصلة فعلا ولكن بعض القادة العرب يتحرجون من إعلانها، والثالث أن يكون قد أراد أن يصرف انتباه الرأى العام الداخلى عن اتهامه بالفساد والتحقيقات الجارية معه وزوجته بهذا الخصوص، وهى التى ينفخ فيها معارضوه ويطالبون بمحاكمته جراء ما نسب إليه.