قصف الصهاينة الاثنين الماضي مدرسة مصطفى حافظ (مركز إيواء لنازحي غزة) وموقعها بمدنية غزة أو غزة البلد، فقتلت غاراتهم 10 أطفال وبقي 20 تحت الركام لم يخرجوا حتى كتابة هذه السطور.
ومصطفى حافظ الذي سميت مدرسة غزة باسمه، هو الضابط المصري الذي ساعد الفدائيين في غزة بالمعلومات والسلاح، واغتيل وهو ابن 35 عاماً فقط، وسميت باسمه هذه المدرسة تخليداً له التي قُصفت قبل يومين بغزة باسمه.
وقال قائد الموساد السابق مردخاي شارون: إن اغتيال مصطفى حافظ ضابط المخابرات المصرية الأسطوري في غزة كان من أهم العمليات التي شاركت في تنفيذها
ونعى جمال عبدالناصر مصطفى حافظ في خطاب تأميم قناة السويس قائلًا: كان واجبه من أجلنا ومن أجل العرب. كرّس نفسه لتدريب الجيش الفلسطيني، وإحياء اسم فلسطين.
ولقب مصطف حافظ ب”أبو الفدائيين” هو اللقب الذي أطلقه الفلسطينيون على الضابط المصري مصطفى حافظ، إذ كان قائدا ملهما أخذ بيد الفلسطينيين الذين يتحرقون شوقا لتحرير أرضهم.
البداية كانت تخرج مصطفى حافظ من الكلية الحربية سنة 1940، وانتدب لسلاح الحدود في يوليو 1948، ثم عُين حاكمًا لبلدة بيت جبريل حتى عام 1949، كما عُين حاكمًا لـ”رفح”، فاكتسب وقتها معرفة بالأوضاع في قطاع غزة، وفي أكتوبر 1952 انتدب لإدارة المخابرات (مكتب مخابرات فلسطين) وتولى قيادة مكتب غزة.
وتناقل زملاء حافظ بإعجاب شديد قصة هروبه من أحد المعتقلات الصهيونية عام 1948، واشتهر في الجيش بأنه خبير بالبشر والسياسة، فضلا عن كونه ضابطًا محترفًا. ما أهله لقيادة العمل الفدائي ضد إسرائيل، بعد الغارة الإسرائيلية الشهيرة في 1955، التي ضربت مواقع للجيش المصري في غزة.
مواقع منها “كروم” أشار إلى أن الغارة كانت نقطة تحول وجرس إنذار للرئيس جمال عبدالناصر الذي قرر الثأر للجنود المصريين، فقامت الحكومة المصرية بتدعيم مكتب حامية غزة بعشر كتائب، وإيكال أمر تشكيل قوات الفدائيين للضابط الشاب مصطفى حافظ، الذي قدم إلى قطاع غزة، برتبة صاغ (رائد)، وتولى مكتب مخابرات قطاع غزة.
وشكّل حافظ الكتيبة 141 فدائيين، من الفلسطينيين الذين كان النظام المصري قد سجنهم بتهمة التسلل إلى الوطن المحتل، فأخرجهم حافظ من السجن وذلك لكونهم ملمين بطبيعة الأرض ومتمرسين على التسلل منها وإليها، وبدأ يحثهم على العودة للعمل الفدائي ويدربهم، حتى وصل عدد الكتيبة إلى 900 فدائي.
وفي أبريل 1956 تمكنت 200 خلية فدائية من دخول الأراضي المحتلة، ووصفت الجهات الإسرائيلية هذه العمليات بأنها كانت في غاية الخطورة، وأنها بلغت منذ أواخر 1955 وحتى بداية مارس 1956 نحو 180 هجومًا، وذلك بمتوسط هجومين لكل ليلة تقريبًا، ووصل عدد القتلى الإسرائيليين، إلى 253 إسرائيليًا.
وبثت أعمال الكتيبة 141 الرعب في إسرائيل، وقال عنها آرئيل شارون “إن الفلسطينيين المشهورين باسم الفدائيين، كانوا يزرعون الموت والدمار في جنوب البلاد”
ولم تتمكن إسرائيل لفترة طويلة من معرفة هوية قائد الكتيبة ومدبر عملياتها #مصطفى_حافظ، فأطلقوا عليه في الموساد لقب “الرجل الظل” وأنه بعد معرفة هويته، بدأت الاستخبارات الإسرائيلية تجمع عنه أي معلومات؛ متى ينام، ومتى يستيقظ، وماذا يأكل؟..
وقال المنصات إن هؤلاء جميعا كانوا يريدون أن يعرفوا أدق التفاصيل حتى يجدوا ثغرة تسمح لهم باغتياله، وحاولت “إسرائيل” اغتياله عدة مرات على يد الوحدة 101 بقيادة أرئيل شارون، إلا أن محاولاتها باءت بفشل ذريع.
وكلفت الاستخبارات العسكرية (أمان) واستخبارات الأمن العام (الشاباك) بوضع وتنفيذ خطة الاغتيال، ومن خلال معرفة #الموساد أن حافظ يحب معرفة كل التفاصيل استغلوا ذلك لوضع خطة اﻻغتيال، باستغلال أحد شيوخ القبائل في النقب، يدعى عامر الطلالقة، الذي كان عميلًا مزدوجا لمصر و”إسرائيل”.
وأعطى الموساد للطلالقة طردا ملغوما وطلبوا منه توصيله لقائد شرطة غزة لطفي العكاوي، وأوهموه أن العكاوي يتعاون معهم، وأن شفرة التواصل ستتغير، وستكون الشفرة الجديدة موجودة في كتاب ضمن الطرد، ويقول قائد الموساد السابق مردخاي شارون: كنا نعلم أن الطلالقة سيسلم الرسالة لمصطفى حافظ وكان “الإسرائيليون” واثقون أن الطلالقة سوف يسلم الرسالة لحافظ لاعتقاده أنه حصل على سر مهم، وعندما التقى الطلالقة بحافظ روى له ما عرفه عن العكاوي، لكن حافظ لم يصدق أن يكون العكاوي عميلا للاحتلال، فقد كان من أقرب أصدقائه، لكن الرسالة أثارت فضوله ففتحها، لتنفجر في وجهه على الفور.
وأُصيب حافظ إصابات بالغة جرّاء هذا الانفجار، فيما أصيب الطلالقة بالعمى وظل على قيد الحياة، وفي اليوم التالي 12 يوليو 1956 استشهد حافظ.