فى الوقت الذى تعلن فيه حكومة الانقلاب عن استراتيجية جديدة خلال الربع الأول من العام الجارى لتخفيض الديون الداخلية والخارجية طالبت وزارة مالية الانقلاب مجلس نواب السيسي بالموافقة على قرض بقيمة 2 مليار دولار بفائدة 8%وهو ما آثار انتقادات وهجومًا حادًا من أعضاء نواب السيسي على حكومة الانقلاب والتى وصفوها بأنها حكومة الاقتراض، وحذروا من أن سعى حكومة الانقلاب المتواصل نحو القروض الخارجية، تسبب في وصول الديون الخارجية إلى مستوى خطير.
كما حذر الخبراء من أن القرض الجديد الذى ستحصل عليه حكومة الانقلاب قيمته 2 مليار دولار سوف يتسبب فى انهيار اقتصادي وتدهور معيشة المواطن المصري في ظل التوسع في الاقتراض.
كانت بيانات وزارة التخطيط بحكومة الانقلاب قد أكدت عودة ديون عصابة العسكر الخارجية للارتفاع مجددًا خلال الربع الثالث من العام 2024 بنحو 1.4 بالمئة على أساس ربع سنوي.
وأكدت الوزارة ارتفاع إجمالي الدين الخارجي لنحو 155.204 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2024 مقارنة بنحو 152.885 مليار دولار بنهاية يونيو 2024، أي بزيادة بنحو 2.319 مليار دولار خلال 3 أشهر.
فيما كشفت بيانات البنك المركزي المصري عن تراجع حجم الدين الخارجي إلى 152.885 مليار دولار بنهاية يونيو 2024 مقابل 168.034 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2023.
وارتبط تراجع الدين الخارجي بالنصف الأول من العام 2024، عقب بيع السيسي مدينة رأس الحكمة لعيال زايد فى الإمارات بقيمة 35 مليار دولار بجانب تسوية ودائع إماراتية مستحقة على الانقلاب بقيمة 11 مليار دولار.
وسددت حكومة الانقلاب خلال العام الجاري التزامات خارجية بنحو 38.7 مليار دولار، منها 7 مليارات دولار في آخر شهري نوفمبر وديسمبر 2024 فيما وصل حجم الدين الخارجي مستوى قياسياً العام الماضي، ووفق بيانات البنك المركزي ازداد إجمالي الديون الخارجية في نهاية 2023 إلى 168 مليار دولار من بينها 29.5 مليار دولار ديون قصيرة الأجل ونحو 138.5 مليار دولار ديون طويلة الأجل مقابل إجمالي 96.6 مليار دولار في نهاية عام 2019.
قرض 2 مليار دولار
في هذا السياق أعلن عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس نواب السيسي، رفضه قرار السيسي رقم 574 لسنة 2024 بشأن اتفاقيات حصول مالية الانقلاب على تسهيلات تجارية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي.
وقال «إمام» فى تصريحات صحفية: الدين كان 79 مليار دولار، وحكومة الانقلاب أعلنت في مؤتمر صحفي كبير نزوله إلى 75 مليارا، مشيرا إلى أننا أمام قرض 3 مليارات دولار سددناه في نوفمبر الماضى، والآن نطلب قرض 2 مليار دولار بفائدة 8% سنويًّا.
وأوضح أنه مع تحرير سعر الصرف من الوارد أن تزيد نسبة الفائدة وهي نسبة مرتفعة لافتًا إلى أنه قبل ذلك كان المال الساخن 85% من الاحتياطي النقدي، بينما يمثل المال الساخن في الوقت الحالي إشكالية كبيرة.
وأكد «إمام» أن ديون حكومة الانقلاب كانت 168 مليار دولار، وتراجعت بعد صفقة رأس الحكمة إلى 153 مليار دولار، موضحًا أنه بعد القرض الجديد: “قفلنا السنة وإحنا رايحين لـ160 مليار، دولار احنا كده بنزود ولا بننقص الدين؟”.
حكومة الاقتراض
ووصف أحمد فرغلي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس نواب السيسي حكومة الانقلاب بأنها حكومة الاقتراض وأنها تناقض نفسها، فيما يتعلق بالتوسع في القروض.
وقال فرغلي فى تصريحات صحفية إن القرض الجديد الذى ستحصل عليه حكومة الانقلاب قيمته 2 مليار دولار بفائدة 8% وهي نسبة كبيرة، محذرًا من أن الاقتصاد المصري في انهيار، لا سيما في ظل التوسع في الاقتراض.
وأكد أن معيشة المواطن المصري في تدهور مستمر بسبب زيادة الاقتراض، قائلًا: “كنت أتمنى وزير مالية الانقلاب يقدم مشروع قانون لزيادة المعاشات بدلاً من الحصول على قروض وبيع أصول الدولة ورفع الدعم، وزيادة في أسعار الكهرباء، وزيادة في الضرائب.”
تحديات اقتصادية
كما شن ضياء الدين داوود، عضو مجلس نواب السيسي، هجومًا حادًّا على حكومة الانقلاب، بسبب سياسة الاقتراض.
وانتقد «داوود»، في تصريحات صحفية زيادة حجم الديون، مشيرًا إلى خطورة ذلك فى ظل الوضع الحالى، بالإضافة إلى خطورة ذلك على القرار السياسى لمصر.
وأشار إلى أن مصر فى زمن الانقلاب تواجه تحديات اقتصادية نتيجة تفاقم حجم الديون خلال السنوات العشر الماضية، حيث تضاعف الدين الخارجي من 46 مليار دولار في عام 2014 إلى ذروته عند 168 مليار دولار في ديسمبر 2023.
قرارات ترقيعية
وكشف الخبير الاقتصادي هاني توفيق عن زيادة الدين العام لدولة العسكر بنحو 800 مليار جنيه خلال 3 أشهر في الربع الثالث من العام الماضي مقارنة بالربع الثاني السابق له لافتًا الى أن 800 مليار جنيه زيادة فى الدين العام خلال 3 أشهر فقط معظمها لسداد ديون استحقت، لنصدر ديونًا جديدة كبديل لها، ويقفز الرقم إلى تريليون جنيه خلال الثلاثة أشهر القادمة.
وقال توفيق عبر صفحته على فيسبوك أن اختراق هذه الحلقة المفرغة يحتاج إلى اصلاحات اقتصادية هيكلية، وليس قرارات ترقيعية تتعامل مع النتيجة وليس السبب.
استراتيجية جديدة
فى المقابل قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمود الشريف: “رغم ارتفاع حجم الدين الخارجي، إلا أنه تم تقليصه إلى 153 مليار دولار بنهاية يونيو 2024، بانخفاض قدره 15 مليار دولار مشيرًا إلى أن الدين المحلي، شهد تراجعًا طفيفًا بنسبة 2.7% ليصل إلى 8.7 تريليون جنيه في يونيو 2024 مقارنة بـ8.9 تريليون جنيه في مارس من العام ذاته.”
وأوضح «الشريف» فى تصريحات صحفية أن حكومة الانقلاب إزاء هذا الواقع، أعلنت عن صياغة استراتيجية جديدة لخفض الديون، من المتوقع تنفيذها خلال الربع الأول من العام 2025 وذلك بهدف تقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 85% خلال العام المالي الحالي، مقارنة بالمستوى الحالي الذي يتجاوز 96%.
وكشف أن تراكم الديون يشكل أزمة على الميزانية المصرية، حيث تستهلك الديون وفوائدها أكثر من 80% من إجمالي المصروفات الحكومية.
وأضاف «الشريف» أن حكومة الانقلاب تسعى إلى خفض هذه النسبة إلى 30% من خلال تطبيق عدة إجراءات تشمل إدارة الدين بفعالية عبر إعادة هيكلة سياسة الاقتراض لتوجيه الدين نحو مسار هبوطي، وإطالة متوسط عمر الديون لتخفيف الضغط على المالية العامة كما تشمل تنويع أدوات التمويل من خلال إصدار أدوات دين جديدة، مثل الصكوك المحلية والسندات متغيرة العائد للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة، إضافة إلى حصر الاقتراض الخارجي على التمويلات الميسرة ذات الفوائد المنخفضة من المؤسسات الدولية.
وتابع: أهداف استراتيجية الانقلاب تشمل خفض تكلفة الفوائد عبر توجيه جزء من حصيلة بيع الأصول الحكومية لسداد الديون، وتخصيص 50% من إيرادات بيع الأصول لصالح وزارة مالية الانقلاب، مما يعزز جهود تقليل الديون ومن بين الأهداف تحويل الديون إلى استثمارات.