إفلاس السيسي يدفعه للتفتيش  في العقارات القديمة وبيعها للخليج  وسط تجاهل لحقوق المستأجرين

- ‎فيتقارير

 

في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بمصر،  في زمن الانقلاب وتحول نظام عبد الفتاح السيسي إلى البحث المحموم عن مصادر جديدة لـ"الرز الخليجي"، تتزايد المؤشرات على توجه السلطة نحو تصفية أصول عقارية مملوكة للمواطنين البسطاء، عبر تفكيك نظام الإيجار القديم لصالح بيعها إلى مستثمرين إماراتيين وسعوديين.

 

ورقة بحثية صادرة عن المفوضية المصرية للحقوق والحريات، أعدها الباحث العمراني إبراهيم عز الدين، كشفت عن مخاطر جسيمة تحيط بتحرير العلاقة الإيجارية، مشيرة إلى أن هيئات حكومية وشركات استثمارية كبرى تسعى للهيمنة على المباني الخاضعة لقانون الإيجار القديم، مستغلة ضعف الضمانات التشريعية لحماية المستأجرين أو لضمان عدالة توزيع الثروة العقارية.

 

ملايين الوحدات تحت التهديد

اعتمدت الورقة على بيانات تعداد سكان مصر 2017، موضحة أن نحو 7% من الأسر المصرية تقيم في وحدات تخضع للإيجار القديم، خاصة في محافظات القاهرة الكبرى، مع وجود حوالي 3 ملايين وحدة نصفها تقريبًا لأغراض سكنية، والنصف الآخر تجاري أو إداري.

 

ورغم أن هذا النظام وفر استقرارًا سكنيًا لملايين المصريين بإيجارات زهيدة، إلا أنه بات هدفًا رئيسيًا لشركات استثمارية وهيئات حكومية تبحث عن سيولة عاجلة عبر استغلال هذه العقارات، وإعادة بيعها بأسعار مضاعفة في السوق، بما يلبي تعطش النظام الحاكم لمزيد من الأموال.

 

نماذج استحواذ.. والبوابة إلى الرز الخليجي

رصدت الدراسة نماذج لعمليات استحواذ بارزة، مثل شركة الإسماعيلية التي سيطرت على نحو 15 ألف متر مربع من المباني التراثية وسط القاهرة، إلى جانب شركة مصر لإدارة الأصول العقارية، التي استعادت حوالي 9000 متر مربع من وحدات الإيجار القديم وأعادت تسويقها بعد تصفية عقود الإيجار مع السكان القدامى.

 

ولعبت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة دورًا حكوميًا خطيرًا، مستفيدة من صلاحيات نزع الملكية الممنوحة لها بموجب تعديلات 2018، ما يتيح لها الاستيلاء على أحياء كاملة وتحويلها إلى مشروعات عقارية تُعرض لاحقًا للبيع للمصريين بالخارج أو لمستثمرين خليجيين بالدولار، ضمن سياسة بيع الأصول لتعويض الإفلاس المتصاعد.

 

مخاطر اجتماعية وكارثة إنسانية تلوح في الأفق

حذرت الورقة من أن تحرير الإيجار القديم دون حماية المستأجرين قد يؤدي إلى موجة ضخمة من الإخلاءات القسرية، تدفع آلاف الأسر نحو العشوائيات، وسط فجوة مرعبة بين الإيجارات الجديدة والدخول الفعلية للمواطنين.

 

وطرحت الدراسة عدة توصيات للحد من الانفلات العقاري المرتقب، منها:

 

فرض رقابة على سوق العقارات لمنع المضاربة.

 

اعتماد سياسات ضريبية عادلة تضبط الأسعار.

 

تخصيص نسب من المشروعات العقارية للفئات الأقل دخلًا.

 

توفير تعويضات أو بدائل سكنية عادلة للأسر المتضررة.

 

إنشاء صندوق لدعم القيمة الإيجارية يموله جزء من عوائد التصالحات العقارية.

 

كما طالبت بحماية المباني التاريخية من الاستيلاء والهدم خلال الفترة الانتقالية، ومنع تفريط الحكومة فيها لصالح مضاربات السوق العقاري.

 

السيسي.. يبحث عن أموال مفقودة في عقارات المصريين

منذ أكتوبر 2023، دعا المنقلب عبد الفتاح السيسي إلى تحديث قانون الإيجار القديم، زاعمًا أن "مليوني وحدة مغلقة بلا استفادة"، وهو تصريح قرأه مراقبون كإشارة رسمية لإطلاق موجة تصفية لعقارات المصريين لصالح مستثمرين خليجيين، في إطار المساعي المحمومة للحصول على قروض وصفقات لإنقاذ النظام المفلس.

 

ورغم أن البرلمان لم يصدر حتى الآن قانونًا نهائيًا، فإن الإجراءات الجارية، ومنها حصر الوحدات القديمة ودراسة السيناريوهات التشريعية، تؤكد أن الخطة ماضية في طريقها، وسط تغييب الحوار المجتمعي الحقيقي، وإغفال حقوق ملايين المستأجرين.

 

وبينما تغرق البلاد في ديون متراكمة وتلهث السلطة خلف أي فرصة لبيع الأصول، تبقى العقارات القديمة واحدة من آخر ثروات المصريين المهددة بالاستيلاء تحت ستار "الإصلاح التشريعي"، في وقت ينزلق فيه ملايين المواطنين نحو حافة الفقر والعشوائية.