في خطوة جديدة لجمع أكبر قدر من الأموال من موسم الحج، فرضت السلطات السعودية عقوبات مالية مشددة على كل من يحاول أداء مناسك الحج دون تصريح رسمي، وسط أنباء عن استعداد ولي العهد محمد بن سلمان لدفع مبالغ طائلة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي يخطط لزيارة المملكة قريباً.
يأتي ذلك بينما تتزايد الضغوط على بن سلمان داخلياً لضمان تثبيته ملكاً على حساب عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز، الابن الوحيد الباقي للملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، والذي يعدّ الأحق بولي العهد شرعاً وعرفاً داخل الأسرة الحاكمة.
فرض غرامات ثقيلة لاستنزاف أموال الحجاج
أعلنت وزارة الداخلية السعودية فرض غرامة مالية تصل إلى 20 ألف ريال سعودي (حوالي 5.3 آلاف دولار) على كل من يتم ضبطه مؤدياً أو محاولاً أداء الحج دون تصريح. وذكرت أن العقوبات ستشمل كذلك كل من يحاول دخول مكة المكرمة أو المشاعر المقدسة بتأشيرة زيارة أو بدون تصريح حج، أو من يساعدهم عبر النقل أو الإيواء أو التستر.
كما نص البيان على غرامة تصل إلى 100 ألف ريال (نحو 26 ألف دولار) بحق من يتورط في إصدار تأشيرات زيارة لمن يحاول الحج دون إذن، إضافة إلى مصادرة وسائل النقل المستخدمة وترحيل المخالفين مع منعهم من دخول المملكة لمدة عشر سنوات.
وتبدأ هذه العقوبات من غرة شهر ذي القعدة وحتى منتصف ذي الحجة، وهي الفترة التي تشهد توافد ملايين المسلمين إلى الأراضي المقدسة.
ترامب وابتزاز السعودية: القصة التي لم تنتهِ
منذ وصوله إلى البيت الأبيض، مارس دونالد ترامب سياسة الابتزاز المالي العلني تجاه السعودية. لم يتردد في التصريح أكثر من مرة أنه "لولا حماية أمريكا للسعودية لما بقي النظام أسبوعين"، ملوحاً دائماً بأن البقاء في الحكم مرهون بشراء صفقات سلاح ودفع مئات المليارات.
في 2017، قاد ترامب قمة الرياض الشهيرة التي عاد منها بما قُدر بنحو 460 مليار دولار من عقود وصفقات واستثمارات سعودية، إضافة إلى مليارات أخرى دفعت عبر قنوات غير رسمية لضمان دعم إدارة ترامب لبقاء محمد بن سلمان ولياً للعهد، رغم المعارضة الشرسة داخل الأسرة الملكية.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن ترامب، وهو الآن في طريقه للعودة إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات حزبه التمهيدية، يسعى لتحصيل ما تبقى من "الشيك المفتوح" الذي وعدته به الرياض مقابل دعم استمرار بن سلمان ولياً للعهد ثم ملكاً، في مواجهة منافسه التقليدي الأمير أحمد بن عبد العزيز.
محمد بن سلمان: معركة البقاء على العرش
يواجه محمد بن سلمان تحدياً وجودياً داخل الأسرة السعودية، إذ يعتبر العديد من كبار الأمراء، بمن فيهم أنصار الأمير أحمد بن عبد العزيز، أن ولاية العهد يجب أن تعود إلى أبناء الملك المؤسس مباشرة، وليس إلى الأحفاد.
ولإحكام قبضته، يسعى بن سلمان لضمان دعم القوى الدولية المؤثرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة. ومع عودة ترامب إلى المشهد السياسي، يدرك بن سلمان أن أي تأييد علني أو ضمني من واشنطن سيسهم في تحييد معارضيه الداخليين، خاصة مع ترقب إعلان التتويج الرسمي ملكاً خلفاً لوالده المريض الملك سلمان بن عبد العزيز.
في هذا السياق، تبدو إجراءات موسم الحج هذه السنة ليست مجرد تنظيم إداري، بل جزءاً من خطة أوسع لسحب أكبر قدر ممكن من الأموال من الحجاج المسلمين حول العالم، وتحويلها إلى رصيد سياسي واقتصادي يدفع عبره محمد بن سلمان ثمن صمته وصموده.