صحيفة صينية تحذر : الجنيه المصري يواجه انخفاضا تاريخيا أمام الدولار والعملات الأجنبية

- ‎فيأخبار

 

 

واصل الجنيه المصري في زمن الانقلاب تراجعه أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية ليسجل الدولار نحو 51.70 جنيهًا لأول مرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة جنونية، وتراجع مستوى المعيشة وزيادة معدلات الفقر بين المصريين.

في هذا السياق قالت صحيفة ساوث تشاينا مورننج بوست الصينية: إن "الجنيه المصري يواجه انخفاضًا تاريخيًا في قيمته، مؤكدة أنه وصل إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار الأمريكي، مما أثار مخاوف متزايدة بين المواطنين والمحللين الاقتصاديين".  

وكشفت الصحيفة أن هذا التراجع الحاد ليس نتيجة ظرف عابر، بل هو انعكاس لتحديات اقتصادية معقدة تجمع بين عوامل داخلية وخارجية، إلى جانب سياسات نقدية أثرت بشكل كبير على استقرار العملة المحلية.

 

تحديات هيكلية

 

وأكدت أن الاقتصاد المصري يعاني من تحديات هيكلية تُعد من أبرز أسباب تراجع الجنيه المصري في المقام الأول، موضحة أن الاعتماد الكبير على الواردات لتلبية احتياجات السوق المحلية، سواء في السلع الغذائية الأساسية مثل القمح، أو الوقود، أو المواد الخام الصناعية يرفع الطلب على العملات الأجنبية، خاصة الدولار، في وقت تعاني فيه البلاد من نقص في تدفقات النقد الأجنبي.

وأشارت الصحيفة إلى أن الميزان التجاري المصري يعاني من عجز مزمن، حيث تتجاوز قيمة الواردات بكثير قيمة الصادرات غير النفطية موضحة أن هذا العجز يستنزف احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري، مما يحد من قدرته على التدخل لدعم الجنيه في الأسواق.

وأوضحت أن القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة والزراعة، تواجه عقبات تتعلق بارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف القدرة التنافسية، مما يعيق زيادة الصادرات وتقليل الاعتماد على الواردات.

 

التعويم

 

ولفتت الصحيفة إلى أنه منذ قرار التعويم الأول للجنيه المصري في نوفمبر 2016، شهدت العملة المحلية انخفاضات متتالية في قيمتها، مشيرة إلى أن هذا القرار، جاء كجزء من اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، هدف إلى تحرير سعر الصرف وجذب الاستثمارات الأجنبية، لكن النتيجة المباشرة كانت خسارة الجنيه لأكثر من نصف قيمته مقابل الدولار في غضون أيام.

وقالت : "في مارس 2024، شهد الجنيه جولة أخرى من التعويم، حيث انخفضت قيمته بنسبة 43%، ليصل إلى حوالي 46 جنيهًا للدولار الواحد، موضحة أنه على الرغم من أن التعويم يُفترض أن يعزز مرونة الاقتصاد ويصحح اختلالات سعر الصرف، إلا أن غياب إصلاحات اقتصادية موازية جعل آثاره محدودة، وبالتالي أدى التعويم إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، مما زاد من تكلفة المعيشة وفاقم الأعباء على الأسر المصرية، خاصة محدودي الدخل".

 

الأموال الساخنة

 

وشددت الصحيفة على أن انخفاض قيمة الجنيه لم يكن منعزلًا عن السياق العالمي والإقليمي، حيث تأثر الاقتصاد المصري بشدة بالأزمات المتتالية التي عصفت بالعالم، بداية من جائحة كورونا (2020-2021)، التي تسببت في تراجع حاد في عائدات السياحة، ثم جاءت الحرب الروسية الأوكرانية (2022)، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالميًا، مما زاد من تكلفة الواردات الأساسية لمصر.

وأضافت : على المستوى الإقليمي، ساهمت التوترات السياسية والأمنية، مثل حرب الإبادة الصهيونية على غزة في أكتوبر 2023، في تفاقم الأزمة، فقد أثرت هذه التوترات على استقرار الأسواق المالية في المنطقة، مما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب استثماراتهم من مصر، وهو ما يُعرف بـ"هروب الأموال الساخنة".

 

ارتفاع الأسعار

 

وأكدت الصحيفة أن انخفاض قيمة الجنيه ألقى بظلاله على مختلف مناحي الحياة في مصر اقتصاديًا، أدى التضخم المتسارع إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما جعلها بعيدة عن متناول العديد من الأسر، وعلى سبيل المثال، ارتفعت تكلفة المواد الغذائية والوقود بشكل كبير، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين وزاد من الضغوط المعيشية.

وأشارت إلى أنه على المستوى الاجتماعي، تسبب هذا الوضع في تزايد الاستياء العام، حيث أصبحت الأزمة الاقتصادية موضوع نقاش يومي بين المصريين، مؤكدة أن القطاع الخاص يواجه تحديات كبيرة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما أدى إلى تقليص الاستثمارات وفقدان فرص العمل في بعض القطاعات.

وحذرت الصحيفة من أن انخفاض قيمة الجنيه تزيد من صعوبة سداد الديون الخارجية، مؤكدة أن هذا الانخفاض يجبر حكومة الانقلاب على تخصيص مبالغ أكبر من الموازنة لتغطية هذه الالتزامات.