رأى الأكاديمي المصري د. رضوان جاب الله أن زيارة ترامب المقررة بين 13 و15 مايو الجاري للمنطقة العربية والخليجية تحديدا، ارتبطت حتى الآن بمستجدين خطيرين وهما تعيينه مندوبا ساميا في مصر والسودان ولبنان وأفريقيا هو "مسعد بولس"، وهو كبقية طاقم الرئيس الأمريكي الإداري من أصول عربية وعنصري، أما الأمر الثاني فهو مرور المنطقة وتحديدا مصر وسوريا ب#شحن_طائفي_غير_مسبوق وشحن عنصري في السودان وبلاد المغرب.
وقال جاب الله عبر "فيسبوك": إن "ذلك الشحن يتجلى في عدة نقاط أبرزها:
– استغلال جرائم اجتماعية وأخلاقية، لتفجير غضب طائفي في مصر.
– استغلال النزاع بين المكونات العسكرية في السودان، لإشعال حرب أهلية على أسس عرقية.
– تفجير جروح ما بعد رحيل بشار، لتقسيم سوريا وسرقة ثورتها، وهكذا تغذية الانقسام بشكل علني سافر.
وكشف أن "الشحن الطائفي والعنصري والعرقي والمناطقي حاليا في العالم العربي ليس قائما على أفراد، بل صارت وسائل إعلام السلطات الخاضعة للكيان الصهيوني والزعامات المرتبطة به المنطقة هي أداة إذكاء الصراع، وصارت ضالعة في عملية إشعال حروب أهلية في المنطقة، لتمكين الكيان الصهيوني والتحالف الأمريكي من تقسيم المنطقة طائفيا وعرقيا ومذهبيا، وجعلها كنتونات متضاربة متناقضة لإقامة دولة إسرائل الكبرى، وبقاء عملائها من جلادين ومفسدين وخانعين".
مسعد بولس
ومن جانب آخر اعتبر أن تعيين الرئيس الأمريكي مسعد بولس المندوب السامي الأمريكي الجديد له أهداف ومهمات تتعلق بكونه ممثل الرئيس ترامب لإدارة المنطقة، لبنان ومصر والسودان وأفريقيا.
ومن جانب السودان أوضح أنه بعد 4 سنوات من الانقلابات والإضراب صار جاهزا لكل ما تريده أمريكا بإضعاف العنصر العربي، ووقف التمدد الإسلامي في أفريقيا، وتقسيم السودان بما يخدم قيام مشروع إسرائيل الكبرى.
ومن جانب مصر، قال: إنها "بعد انقلاب 2013 والاعتداء على اختيارات الشعب، وضرب جميع عناصر القوة في المجتمع المصري بإذلاله وإفقاره وإغراقه في الديون، ونشر الفساد في مؤسساته والأكاذيب في إعلامه، وتغيير خريطته الجغرافية لأول مرة في تاريخ مصر القديم والحديث صار تحت التهديد الصريح".
وأشار إلى أن السيطرة على مصر تتمثل في عدة نقاط:
– منح امتيازات لدولة الاحتلال والولايات المتحدة في قناة السويس.
– قيام مصر بخدمات أمنية وسياسية علنية في جيبوتي واليمن والسودان وسوريا لدولة الاحتلال، باعتبارها القوة العظمى في المنطقة.
– تهديد مصر ببناء قواعد أمريكية صهيونية مشتركة في الجزر بالبحر الأحمر (ثيران) أو الأرخبيل اليمني (سوقطرة) على مشارف سيناء والسويس، بحجة حماية الملاحة البحرية في حال عجز مصر عن التعاون في البندين السابقين.
– قبول مصر بتهجير سكان غزة غرب القناة وإذابتهم في المجتمع المصري واقتطاع جزء عازل آخر من أرض مصر ١١٦٥ كيلو مترا مربعا من سيناء (أكبر من الجولان)، مساوٍ لما تنازل عنه جمال عبد الناصر ١٩٥٤ سرا عن مساحة مماثلة هي منطقة أم الرشراش (إيلات) بعد انقلابه على محمد نجيب.
الجانب الثالث وهو لبنان أشار إلى أن مجلس الدفاع الوطني اللبناني فاجأ الجميع، وطلب منهم توجيه تحذير شديد لحماس، مع أن حماس لم تحارب نهائيا في لبنان، إلا اشتراكا مع اللبنانين في حروبهم الدفاعية.
وأشار إلى مطلب آخر من لبنان، وهو البدء في وضع خطة لتجريد المخيمات من السلاح (سلاح دفاعي باتفاق عربي في القاهرة، بعد تعرضهم لمذابح مروعة في الثمانينيات).
السادات قرأ الرسائل الأمريكية
وعن المطلوب في المنطقة، كان (رضوان جاب الله) الأستاذ في جامعات قطر إلى قراءة عكسية من تصريحات اللقاء الأخير بين ترامب ونتنياهو، عندما أراد أن يشتم الحكام العرب، لكونهم يبدون أشد ضعفا مما يلزم، ويقول لهم أتفاوض مع إيران وأحب أردوغان لكونه رجلا قويا وذكيا ويتصرف بعقلانية.
والخلاصة أن ترامب وكأنه يريد من العرب أن "افهموا، اصنعوا مواقف، وأنا أحترمكم زي إيران وزي أردوغان!" وهو ما ربطه عبر حسابه مهع الرئيس السادات الذي فهم معادلة القوة.
وأوضح "جاب الله" أن "الوضع المعقد للسياسين الأمريكيين يجعلهم في حالة مولاة تامة للصهيونية، ولا يرغمون الحكام العرب على التخلي عن دعمهم غير العقلاني لدولة الاحتلال، والاستسلام لها بهذه الطريقة الحمقاء".
وأشار في قراءة عكسية أن لسان حاله يقول: "أما أنتم فجبناء وأغبياء ومنبطحون للبيبي، ماذا أصنع لكم؟ أطالبكم بحصار نيتنياهو مثلا؟ ".
ولفت إلى أن هذا التصور ليس قاصرا على ترامب، بل ربما الأمريكيون يفهمون العرب هكذا ضعافا، مبينا أن الرئيس كارتر سبق وقالها في مذكراته: "لما كنت أطالب العرب بشيء يقدمون أكثر والإسرائيلون يتمسكون، فكنت في موقف حرج، كلما أطالب الطرفين أجد طرفا يبادر بالتنازل، وكنت في نفسي لو حتى تمسكوا مرة واحدة وكنت متأسفا، لكن المستشارين يقولون هؤلاء أكثر وأغنى وغير ديمقراطيين ومعترفين بحاجات إسرائيل الأمنية، فهل نكون نحن عربا أكثر منهم؟"، بحسب المذكرات.
واستشهد أيضا بما قاله "وزير خارجية أمريكا قبل 73 ، السادات كيف يقف مجلس الأمن مع تحرير سيناء، وأنتم ضعفاء ولا تستطيعون حماية السويس ولا حتى القاهرة، مجلس الأمن هو من يحميكم في القاهرة، انتفض السادات غاضبا، مصر تستطيع أن تضرب إسرائيل وتوجعها".
وتابع: "صمت وزير الخارجية قليلا وقال: إذا "دخلتم في عمق سيناء وصارت مدافعكم خطر على المدنيين فسوف نساعدهم، وتدخل الدبلوماسيون من الطرفين لتهدئة الحوار".
مربط الفرس كما يقال هنا "السادات قرأ الرسالة، لا بد من دخول سيناء وأن أمريكا لن تدخل الحرب إلا في مرحلة متقدمة، ومن الحوار أن أمريكا تريد تشغيل القناة لكون إغلاقها يسبب خسائر فادحة لأمريكا ".
أما الخلاصة أنه "بعد تحليل الحوار تأكد السادات أنه لا مفاوضات قبل حرب تزلزل الكيان وأن أمريكا تقول لنا أنتم ضعفاء، أثبتوا قوتكم حتى نحترمكم وقد كان، وإن جرى الالتفاف على كثير من نتائجها بالسياسة الصهيونية الناعمة" بحسب رضوان جاب الله.
