مايو شهر المراجعة النهائية قبل الامتحانات… الدروس الخصوصية تؤكد فشل تعليم الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

يشهد شهر مايو من كل عام انتشار الدروس الخصوصية بصورة أكبر من بقية شهور السنة، وهو ما يسميه الطلاب والمعلمون شهر المراجعة النهائية قبل الامتحانات، ما يمثل عبئا  ثقيلاً على كاهل الأسر المصرية.

 المعلمون يبحثون عن «أموال كثيرة» تعوّض تدني رواتبهم   وترفع مستوى معيشتهم، والأهالي يدفعون بحثاً عن فرصة أفضل للأبناء ، والسناتر  تتقاضى من هذا وذاك، ورغم   ذلك الدروس الخصوصية «ناقوس خطر» يستحق وقفة، حاسمة لإنقاذ الأهالي من هذا الوباء.

هذه الظاهر تكشف فشل وزارة تعليم الانقلاب التي تزعم أنها نجحت في تقليص الدروس الخصوصية،  في حين أن الواقع يؤكد أن مشكلة الدروس الخصوصية قائمة، وأنها تسببت في  تحول مهنة التدريس إلى تجارة للكسب السريع، وضاعت معها مكانة المعلم المرموقة مثلما ضاعت أموال أولياء الأمور، بحثا عن التفوق والمجاميع المرتفعة لأبنائهم.

 

  المراحل التعليمية

 

من جانبه قال الخبير التربوي الدكتور تامر شوقي : "ظاهرة الدروس الخصوصية إحدى الظواهر الملازمة للتعليم المصري منذ عقود بعيدة، مشيرا إلى أنها تتزايد من عام إلى آخر، و أصبحت تغطي جميع المراحل التعليمية والصفوف الدراسية من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية".

وأضاف «شوقي» في تصريحات صحفية : "المثير للدهشة أنها  لا تقتصر على فترة العام الدراسي فحسب، بل من قبل أن يبدأ بشهرين على الأقل، مؤكدا أن  الدروس الخصوصية في الثانوية العامة  تستنفد معظم دخل الأسر المصرية، وبصفة خاصة خلال شهور ما قبل الامتحانات، حيث يتم تكثيف عدد الحصص في الأسبوع الواحد، رغم   أن الطالب قد لا يكون في حاجة لها، حيث يتم تكرار شرح بعض الدروس السابقة أو حل أسئلة سبق للطالب حلها، أو حتى شرح دروس يفهمها الطالب جيداً".

وأشار إلى أن بعض المعلمين في تلك الدروس الخصوصية يجبرون الطلاب على حضور كل الحصص، حتى ولو لم يكن محتاجين إليها، وإلا سيتم حرمانهم من دخول باقي حصص المراجعة، مرجحًا أن السبب وراء ظاهرة الدروس الخصوصية في الثانوية العامة هو القلق المفرط من الامتحانات لدى الطلاب وأولياء الأمور، باعتبار أن الثانوية العامة هي السنة المصيرية التي تحدد مستقبل الطالب، مما يجعلهم يلجأون للدروس الخصوصية .

طوق نجاة

 

وأوضح «شوقي» أن غياب دور المدرسة في تعليم الطلاب وتغيبهم عنها طوال العام، وقلة وجود معلمين أكفاء لشرح الدروس داخل المدرسة، وصعوبة المناهج وتعقيدها، مما يجعل الطالب يواجه صعوبات في فهمها واستيعابها، وصعوبة امتحانات الثانوية العامة وقياسها لمستويات عقلية عليا، يجعل الأسر والطلاب تنظر  إلى الدروس الخصوصية باعتبارها طوق نجاة لهم للنجاح في الثانوية العامة، بجانب توافر مراكز الدروس الخصوصية وانتشارها في كل مكان، فضلاً عما يقوم به المعلمون من دعاية جذابة لهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ورغبة الطالب في مسايرة زملائه في أخذ الدروس، حتى ولو لم يكن في حاجة إليها.

وطالب بضرورة إعادة الطلاب إلى المدرسة مرة أخرى وحرمان الطالب المتغيب من دخول الامتحانات، وتوفير عدد كاف من المعلمين في المواد المختلفة داخل المدارس، وتطوير المناهج بحيث تكون أكثر حداثة وجاذبية للطالب وأكثر تكاملاً واتصالاً بالواقع، العمل على زيادة دخل المعلم بما يجعله يستغني عن الدروس الخصوصية، تجريم إعطاء الدروس الخصوصية وسن القوانين اللازمة لذلك، حتى لو وصل الأمر إلى فصل المعلم، إغلاق كافة مراكز الدروس الخصوصية، تغيير نظام الثانوية العامة بما لا يجعل تلك السنة فقط هي التي تحدد مستقبل الطالب.

 

التعلم الذاتي

 

وقالت داليا الحزاوي: إن "السبب وراء اعتماد الأهل على الدروس الخصوصية، هو أن الكثير من الطلاب يفتقرون إلى فلسفة التعلم الذاتي القائم على البحث والتحليل في جمع المعلومات، بدلاً من تلقيها بشكل آلى على يد معلم يتبع طريقة الحفظ والتلقين، مشددة على أن هذا هو ما يسمح لظاهرة الدروس الخصوصية بالاستمرار في مجتمعنا".

وشددت داليا الحزاوي في تصريحات صحفية على ضرورة  معالجة العقل الجمعي للطلاب وأولياء أمورهم؛ فبدلا من الاعتماد التام على المعلم في توصيل المعلومة، ينبغي السماح للطالب بالتفكير ومساعدة نفسه في فهم المواد الدراسية، ولا يعني ذلك تهميش دور المعلم في تلك العملية البناءة، فعلى مر العصور لم يستطع مجتمع أن يتقدم دون معلم، ولكن ينبغي تشديد الرقابة على المدارس ومتابعة العملية التعليمية بها، لضمان حصول الطلاب على الشرح الوافي واللازم لاستيعاب المناهج، دون الحاجة إلى الدروس الخصوصية.

 

ثقافة المجتمع

 

ولفتت «داليا الحزاوي» إلى أن   دور المدرسة اختفى  بشكل كبير، وأصبحت الدروس الخصوصية هي الطريقة لحصول الطالب على الخدمة التعليمية، مطالبة بتغيير ثقافة المجتمع بشأن الدروس الخصوصية سواء ولي الأمر والطالب، وعودة دور المدرسة والمدرس أثناء اليوم الدراسي، وزيادة أجور ومرتبات المعلمين لضمان حياة كريمة لهم، وتجريم نشاط الدروس الخصوصية ووضع عقوبات رادعة، وتغيير نظام الامتحانات لتعتمد على مهارات الأداء والمشروعات، وتبتعد عن أسلوب الحفظ والتلقين، وتطوير مهارات المعلمين وتغيير أسلوب الشرح، وتطوير   المناهج الدراسية لتعتمد على المهارات لتحقيق متعة التعلم.

 وأشارت إلى ضرورة تغيير نظم القبول بالجامعات بعد أن أصبح هدف الطالب هو الحصول على الدرجات فقط دون تحقيق التعلم المستمر، وربط التعلم بالتكنولوجيا الحديثة والتي أصبحت هدف الطلاب، وتغيير طرق وأساليب التقويم خلال العام الدراسي.