السيسي يجد “شماعة” جديدة لفشله الاقتصادي: حرب الهند وباكستان!

- ‎فيتقارير

في تكرار معتاد لتكتيك تحميل الخارج مسؤولية الأزمات الداخلية، بدأت وسائل الإعلام والمسؤولون في سلطة الانقلاب التلميح إلى أن التوترات المتصاعدة بين الهند وباكستان قد تكون سببًا جديدًا في ارتفاع أسعار بعض السلع في السوق المحلية، رغم تأكيدات تجار ومحللين على أن التأثير محدود ومؤقت.

 

ففي تصريحات إعلامية، حاول متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين، التهوين من تداعيات التوتر بين الجارتين النوويتين، مؤكدًا أن مصر تعتمد على تنوع في مصادر الاستيراد، لكنّه أقر في الوقت ذاته بإمكانية حدوث زيادات مؤقتة في الأسعار لبعض السلع الاستراتيجية، مثل اللحوم والحديد والأسمدة العضوية، وهي مواد تستوردها مصر بكميات كبيرة من الهند.

 

شماعة معتادة: من كييف إلى كراتشي

لم تكن هذه المرة الأولى التي تبرر فيها الحكومة أو الجهات القريبة منها أزمات ارتفاع الأسعار أو نقص السلع بأحداث خارجية. فمع اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، أُلقي باللوم على النزاع هناك في أزمة القمح وغلاء العيش، رغم أن مصر كانت تستورد القمح منذ سنوات من عدة دول أخرى.

 

ثم جاءت الحرب الإسرائيلية على غزة في 2023 لتكون ذريعة جديدة، استخدمتها السلطات لتبرير صعود أسعار المحروقات ونقص بعض السلع، رغم عدم وجود علاقة مباشرة أو تأثير فعلي على سلاسل الإمداد الأساسية في مصر.

 

والآن، مع اشتعال التوترات على الحدود الهندية-الباكستانية، يبدو أن السلطة وجدت في هذه الأزمة الخارجية "شماعة" جديدة تُعلّق عليها إخفاقاتها في ضبط الأسعار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

 

خبراء: الأسباب داخلية لا خارجية

يؤكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي أن تحميل الخارج مسؤولية الأزمات الاقتصادية بات أسلوبًا مكرّرًا من النظام المصري. ويضيف: "الأزمات العالمية تؤثر على الجميع، لكن الدول التي تمتلك اقتصادات قوية وسياسات رشيدة تعرف كيف تمتص الصدمات. أما في مصر، فالفشل في التخطيط والإدارة وسوء أولويات الإنفاق، مثل استمرار المشروعات العقارية غير الإنتاجية، هو السبب الحقيقي وراء الغلاء".

 

ويشاركه الرأي الباحث الاقتصادي عبد الخالق فاروق، الذي قال إن "السلطة الحالية تُمعن في تحويل كل أزمة عالمية إلى شماعة تُبرّر بها سوء أوضاع الداخل، بينما تهمل المعالجة الجادة للمشكلات البنيوية مثل ضعف الإنتاج، وتدهور التعليم، واستمرار هيمنة الأجهزة السيادية على الاقتصاد".

 

تنويع المصادر.. ولكن إلى أين؟

ورغم أن بعض المسؤولين يشيرون إلى نجاح مصر في تنويع مصادر الاستيراد منذ أزمة أوكرانيا، فإن الواقع يعكس اعتمادًا مفرطًا على الخارج، بسبب تدهور الإنتاج المحلي وغياب خطة صناعية واضحة. ويرى خبراء أن هذا التنويع ليس كافيًا طالما بقيت بيئة الاستثمار غير مستقرة، والقرارات الاقتصادية تدار من دوائر أمنية لا خبرات اقتصادية.

 

خلاصة

بينما يحاول النظام المصري تسويق الأزمة بين الهند وباكستان كأحد مسببات الضغوط السعرية القادمة، يرى مراقبون أن هذا مجرد فصل جديد من مسلسل "الشماعات الجاهزة"، التي تعكس عجزًا داخليًا لا علاقة له بما يحدث على بعد آلاف الكيلومترات. فالأزمة، كما يقولون، ليست في نيودلهي أو إسلام أباد، بل في القاهرة نفسها.