وسط أجواء من الغموض والصمت الرسمي، تتوالى التداعيات المرتبطة بالانفجار المروع الذي هز طريق الواحات البحرية بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة، في 30 أبريل الماضي، وأسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 14 آخرين، بعضهم في حالات حرجة، وسط غياب الشفافية بشأن الجهة المتسببة بالحادث.
صمت رسمي يثير الشكوك
رغم مرور أكثر من أسبوع على الحريق الهائل، لم تُفصح أي جهة رسمية – سواء حكومة الانقلاب أو النيابة أو حتى نقابة المهندسين – عن اسم الشركة التي نفذت أعمال الحفر وتسببت في كسر خط الغاز، ما أدى إلى تسربه واشتعاله لاحقاً. هذا الصمت دفع مراقبين للتساؤل حول ما إذا كان هناك تعمّد في إخفاء هوية الفاعل، خصوصاً مع تواتر شهادات تربط الشركة المتورطة بالمؤسسة العسكرية.
شهادات تربط الحادث بالمؤسسة العسكرية
نائب برلماني عن دائرة السادس من أكتوبر – رفض الكشف عن اسمه – صرح لموقع "العربي الجديد" أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة كانت تشرف على أعمال الحفر في الموقع وقت وقوع الحادث. وأشار إلى أن الشركة المنفذة تعمل من الباطن لصالح الجيش، وهو ما يعزز فرضية أن علاقاتها بالمؤسسة العسكرية وراء عدم الكشف عن اسمها أو إحالة مسؤوليها للتحقيق حتى الآن.
وتتطابق هذه الإفادات مع شهادات عدد من سكان المنطقة، الذين أكدوا أن الشركة تعمل لصالح "الوطنية للطرق"، وهي إحدى الكيانات التابعة للجيش والمسؤولة عن تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية والطرق السريعة في محيط مدينة السادس من أكتوبر.
نقابة المهندسين ترصد مخالفات جسيمة
وفي أول تحرك شبه مستقل، أعلنت نقابة المهندسين الفرعية في الجيزة عن تشكيل لجنة فنية لتقييم موقع الحادث، مشيرة إلى غياب لوحات التحذير أو الإشارات الدالة على وجود خط غاز، وهو ما وصفته بـ"الإهمال الجسيم". كما كشفت شهادات جمعتها اللجنة أن أحد المقاولين تسبب في كسر خط الغاز مساء 29 أبريل، ثم قام بردمه دون إبلاغ الجهات المختصة، ليتسرب الغاز ويشتعل لاحقاً مع حرارة الجو وكثافة المرور، ما أدى إلى تفحم 15 سيارة وسقوط الضحايا.
الضحايا: من مشاهير التواصل إلى أبناء الصحفيين
وتضم قائمة الضحايا أسماء بارزة مثل "التيكتوكر" الشهير حذيفة المولي المعروف بـ"ساحر الآيفون"، بالإضافة إلى إسلام سالم، نجل الصحفي الرياضي المعروف عصام سالم. فيما لا يزال عدد من المصابين في غرف العناية المركزة بين مستشفى الشيخ زايد و6 أكتوبر، ويعانون من حروق شديدة.
تكرار الحوادث… ومصير واحد: الإهمال دون حساب
اللافت أن الحادث لم يكن الأول من نوعه، إذ سبقته حوادث مماثلة في الخانكة ومدينة نصر خلال السنوات القليلة الماضية، ارتبطت جميعها بأعمال حفر غير مرخصة أو دون تنسيق مع الجهات المعنية، وغالباً ما تمر دون محاسبة حقيقية، خصوصاً عندما تكون الجهات المنفذة على صلة بالمؤسسة العسكرية.
تحقيقات شكلية أم تعتيم ممنهج؟
وفي الوقت الذي أعلنت فيه نقابة المهندسين عن نيتها رفع تقرير فني مفصل إلى الجهات المختصة، تتعزز الشكوك بأن هذه التقارير ستواجه المصير ذاته الذي طال تقارير سابقة في حوادث مشابهة، ما لم يكن هناك قرار سياسي بمحاسبة الفاعل أياً كان انتماؤه.
يبقى السؤال المطروح: هل هناك طرف أعلى من المحاسبة؟ وهل التعتيم المستمر هو لحماية شركة تعمل لصالح الجيش، في بلد باتت فيه الشفافية استثناء لا قاعدة؟