استمرار الارتباك في سوق المال والذهب .. الدولار يتراجع تحت ضغط سياسي لا إصلاحي

- ‎فيتقارير

 

رغم محاولات التجميل الإعلامي، لا تزال أسواق المال والعملات في مصر تعاني من اضطرابات عميقة، تُعزى بالأساس إلى تدخل المؤسسة العسكرية، وهي عصابة المنقلب السفيه  السيسي في مفاصل الاقتصاد، ما يخلق حالة من التوجّس وعدم اليقين لدى المستثمرين والمواطنين على حد سواء.

 

ففي تطور لافت، شهد سعر الدولار تراجعًا محدودًا في السوقين الرسمية والموازية أمس الثلاثاء، بالتزامن مع استمرار بعثة صندوق النقد الدولي في القاهرة لإجراء المراجعة الخامسة من برنامج التسهيل الممدد، ويُنظر إلى هذا التراجع كأحد ردود الأفعال المؤقتة المرتبطة بمساعي الحكومة لإظهار التزامها بالإصلاحات أمام المانحين، في حين تظل أسباب التراجع الحقيقية مرتبطة بإجراءات أمنية مشددة على السوق الموازية لا بحلول اقتصادية جذرية.

 

أسعار الذهب: استقرار هش يتأرجح على وقع الدولار والعوامل الخارجية

استقرت أسعار الذهب في السوق المحلية عند مستويات مرتفعة، مستفيدة من تراجع نسبي في سعر الأوقية عالميًا إلى 3226 دولارًا، وسجّل سعر غرام الذهب عيار 21 نحو 4545 جنيهًا (ما يعادل 91 دولارًا)، فيما بلغ سعر جنيه الذهب أكثر من 36 ألف جنيه، هذا الاستقرار لا يعكس قوة حقيقية في السوق، بل يعبر عن حالة من التوازن الهش نتيجة تقلبات الدولار وحركة الأسعار العالمية، وسط غياب واضح لسياسات نقدية مستقرة داخل البلاد.

 

سوق العملات: الدولار يتراجع تحت ضغط سياسي لا إصلاحي

تراجع سعر الدولار في البنوك الرسمية إلى أقل من 50 جنيها، مسجلًا 49.99 جنيهًا للشراء، و50.09 جنيهًا للبيع، وفق بيانات البنك المركزي، كما سجّل اليورو 55.84 جنيهًا للشراء، وبلغ الجنيه الإسترليني 66.38 جنيهًا، إلا أن هذه الأرقام تأتي على خلفية تدخلات مباشرة من البنك المركزي وأجهزة الدولة، ولا تعكس بالضرورة تحسناً في المؤشرات الاقتصادية أو زيادة في الإنتاج والتصدير.

 

أما في السوق الموازية، فقد انخفض سعر الدولار إلى متوسط 50.42 جنيهًا، مقابل أكثر من 51 جنيهًا الأسبوع الماضي، مع تفاوت بين 50.07 و50.67 جنيهًا حسب المناطق، ويعزو مراقبون هذا التراجع إلى حملات أمنية مكثفة وملاحقات لتجار العملة، لا إلى تحسن حقيقي في موارد النقد الأجنبي.

 

وهم الدعم الأوروبي ومخاوف المستثمرين

في الوقت ذاته، أعلن الاتحاد الأوروبي عن موافقته على حزمة مساعدات لمصر بقيمة 4 مليارات يورو، وهو ما روّج له النظام باعتباره انتصارًا دبلوماسيًا، غير أن مراقبين يؤكدون أن تلك المساعدات مرتبطة بشروط قاسية تشمل فتح الأسواق ورفع الدعم وتوسيع الخصخصة، وكلها خطوات يتحمل تبعاتها المواطن المصري.

 

آفاق غامضة وانتظار لتحركات المركزي

مع اقتراب اجتماع لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي، تبقى الأنظار معلقة على إمكانية رفع أسعار الفائدة مجددًا، ما قد ينعكس على أسعار الصرف وسوق الذهب، لكن الترقب لا يُخفِي حقيقة أن السياسات الاقتصادية تُدار بقرارات فوقية، خاضعة لحسابات السلطة لا للمصالح الوطنية أو قواعد السوق.

 

ويحذر خبراء اقتصاديون من أن أي تحسّن مؤقت في المؤشرات لن يغير من واقع الهيمنة العسكرية على الاقتصاد، الذي يطرد المستثمرين، ويشل القطاع الخاص، ويفاقم أزمات المصريين معيشياً ومالياً.