“السادات الثعالبة الأيوبيّة” .. أقدم مدرسة في المذاهب الفقهية السُنيّة أصبحت مرتعا للإهمال

- ‎فيتقارير

اهتم علماء آثار بأقدم مدرسة باقية في مصر لتدريس المذاهب الفقهية ترجع للعصر الأيوبي، وهي "مدرسة السادات الثعالبة"، حيث تقع بقايا هذه المدرسة خلف ضريح الإمام الشافعي، وتطل واجهتها الشمالية على شارع سيدي عقبة بن عامر الجهني بقرافة الإمام الشافعي يعود إنشاؤها لعام 1216م.
 

وقال الباحث محمد شعبان أيوب معلقا على مشاهد إهمال المدرسة والضريح في آن: "نحن الدولة التي تسحق الآثار الإسلامية في قرافة القاهرة وهي أقدم مقابر إسلامية في العالم، عائلة الشريف ثعلب كان لها دور علمي وسياسي كبير في العصرين الأيوبي وبداية المملوكي، وثورتهم على السلطان أيبك ـ لأنه مملوك وعبد ـ مشهورة متواترة في كتب التاريخ المملوكي، وهم أول من شكك في الشرعية المملوكية".

وأضاف "هذا الإيوان الجميل الذي يُعد أقدم مدرسة إسلامية باقية منذ أكثر من 800 سنة كما ترى مرتعًا للزبالة والإهمال".

وقال أثاري آخر: إن "السادات الثعالبة أقدم مدرسة باقية في مصر وسط المخلفات، وإنه وفق تخطيط المدرسة كان عبارة عن إيوانين و صحن أوسط مكشوف على غرار المدارس الأيوبية، وألحقَ الأمير بها مدفنا لنفسه عليه قبة، لكن اندثروا و لم يتبقَ من المدرسة سوى كتلة المدخل و الإيوان  وحالتهم تسوء يوما بعد يوم -خصوصا أن كل جمعة بيكون فيه سوق للدواجن، بتتنضف و بتترمي بواقيها جنبه، و بتمنى أنه  ميتمش إهمالهم أكتر من كدا، ونقدر نحافظ على اللي باقي من تاريخنا ونعرفه للي حوالينا".

وأشار رمضان محروس ضمن منصة (الموسوعة الشاملة للحضارة الإسلامية) إلى  أن مدرسة السادات الثعالبة  هي جزء من عمارة المدارس في العصر الأيوبي وقال: إنه "اندثرت كل المدارس التى شُيدت في القاهرة والإسكندرية والفيوم في أواخر العصر الفاطمي وخلال العصر الأيوبي، وتقع بقايا هذه المدرسة بقرافة الإمام الشافعي خلف ضريح وقبة الإمام الشافعي".
 

وأشار إلى أن "هذا الأمير قد تولى إمارة الحج في عهد  العادل الأيوبي، حيث شيّد هذه المدرسة بالقرافة وجعل بها تربة، حيث أشار السخاوي في كتابه تحفة الأحباب إلى المدرسة فقال: أنها "تربة كبيرة بها السادة الأشراف أولاد ثعلب، وكانت وفاته عام 613 هجرية، ودُفن بهذه المدرسة واندثرت أجزاء كثيرة من المدرسة، ولم يبق منها سوى إيوان واحد ومدخلها ".

ونقل عن العالم كريزويل إشارته إلى أنها كانت مدرسة تتكون من إيوانين بينهما صحن، وكان يوجد على واجهة مدخل المدرسة نص كتابي تأسيسي للأسف فُقد أو سُرق، وكان نص الكتابات على عضادتي المدخل  (بسم الله الرحمن الرحيم إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ، قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القُربى).
 

كما كان يعلو عتب المدخل منطقة غائرة ذات عقد منكسر به نص تأسيسي مكتوب بالخط النسخ نصه "بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا، أمر بإنشاء هذه التُربة المباركة لنفسه الشريفة السيد الأمير الحسيب النسيب فخر الدين أمير الحاج والحرمين ذو الفخرين أمير المؤمنين أبي منصور إسماعيل بن الشريف الأجل حصن الدين ثعلب يعقوب بن مسلم بن أبي جميل الجعفري الشربيني، وكان الفراغ منها في رجب سنة ثلاث عشر وستماية رحمه الله ".
 

وأضاف أن المدرسة المهملة أثر مُسجل في الآثار الإسلامية بالقاهرة برقم 282.

 

وقالت منصة (قبة وإيوان): إن "المدرسة شيّدها الأمير الكبير الشريف فخر الدين أبو نصر إسماعيل بن حصن الدولة فخر العرب ثعلب بن يعقوب بن مسلم بن أبي جميل الجعفري الزينبي أمير الحاج والحرمين، وأحد أمراء مصر في الدولة الأيوبية، والذي شغل وظيفة أمير الحاج في سنة 1195م".
 

وعن ملامح المدرسة قالت المنصة: إنه "صدر هذا الإيوان محراب جصي مُجوّف يُتوّجه عقد منكسر كان يستند على عمودين لا وجود لهما في الوقت الحالي، تذكرنا بمحاريب المشاهد الفاطمية، ويعلو هذا المحراب ست نوافذ على شكل القمريات القندلية وزعت على ثلاثة صفوف من أسفل إلى أعلى :ثلاث-اثنان-واحد.".

ويتوسط أرضية هذا الإيوان تركيبة قبر مستطيلة الشكل شُيّدت من الآجر وطُليت بالجير الأبيض كان مثبتا على أحد جوانبها اللوح الرخامي الذي قامت لجنة حفظ الآثار العربية بوضعه أعلى مدخل هذه المدرسة وعليه نص كتابي بخط النسخ الأيوبي جاء فيه:

"بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا، أمر بإنشاء هذه التُربة المباركة لنفسه الشريف السيد الأمير الحسيب النسيب فخر العرب أمير الحاج والحرمين ذو الفخرين نسيب أمير المؤمنين أبو منصور إسماعيل بن الشريف الأجل حصن الدولة ثعلب بن يعقوب بن مسلم بن أبي جميل الجعفري الزينبي، وكان الفراغ منها في رجب سنة ثلاث عشرة وستمائة(1216م) رحمه الله".

وتقع المدرسة والإيوان المهمل ضمن جولات المرشدين في الآثار الإسلامية بالمنطقة، وتشمل آثار وتاريخ وعمارة منطقة الإمام الشافعي وما بها من آثار منها قبة وجامع الإمام الشافعي وحوش الباشا (مقابر أسرة محمد علي ) وقبة الحصواتي ومدرسة السادات الثعالبة وقبة يحيى الشبيه (شبيه الرسول صلى الله عليه وسلم) وقبة أبو القاسم الطيب ومسجد الإمام الليث ومدفن ابن حجر العسقلاني وزيارة مسجد سيدي عـُقبة.

والأمير الشريف فخر الدين أبو نصر إسماعيل بن حصن الدولة ثعلب بن يعقوب، من نسل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه الجعفري الزينبي الذي ينسب إلى آل البيت، وكان فخر الدين من أمراء الدولة الأيوبية "أمير الحج" ومن الواجبات الرئيسية لأمير الحج هي تأمين الأموال والمؤن للقافلات وحمايتها طول الطريق حتى نزولهم في مكة أو المدينة لأداء المناسك أو زيارة قبر الرسول، وكذلك الاهتمام بالكعبة وإكسائها اللباس اللائق بها، ولا يتولى هذا المنصب إلا أكابر الناس.
 

واهتم صلاح الدين بإنشاء المدارس وأقام عدداً كبيراً منها في الفسطاط، كما أقام خلفاؤه في القاهرة عدداً منها والتي كانت ضرورية لإتمام الإصلاح السني ومحاربة الدعوة الفاطمية، وقد بلغ عدد المدارس التي أنشأها الأيوبيون في القاهرة والفسطاط نحو 23 مدرسة لم يُحافظ عليها الزمن، وإن أبقى على بعض بقايا منها متمثلة في دار الحديث الكاملية والمدارس الصالحية ومدرسة السادات الثعالبة،حيث أشار الآثاريون إلى أنها أقدم إيوان ما زال قائما وباقيا من عمارة المدارس في مصر، حيث يعود تاريخها لعام 613 هجرية.

 

 

https://www.facebook.com/guards21/posts/pfbid02icnFSYLjC8CbN1MJKuGTjGZhxz8sBsE9t2Qt1Wy6V2f3sjcrda4YoLHELGzBBFZol