ماذا لو حكم القضاء ببطلان التنازل عن تيران وصنافير.. هل يجرؤ السيسي على التنفيذ؟!

- ‎فيتقارير


جلسة مرتقبة في سبتمبر… وتحدٍّ جديد أمام نظام يصفه معارضون بـ"الخائن"

في تطور لافت، حددت محكمة القضاء الإداري في مصر جلسة التاسع من سبتمبر/أيلول المقبل للنظر في الشق المستعجل من الدعوى القضائية المطالِبة بوقف تنفيذ القرار الجمهوري رقم 67 لسنة 2016، الذي يقضي بالموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تنازلت فيه المنقلب السفيه السيسي 

​​​​​عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة.

الدعوى التي أقامها المحامي علي أيوب ، والسياسي مجدي حمدان، تطعن على الاتفاقية وتستند إلى مخالفتها للمادة 151 من الدستور المصري، التي تنص صراحة على ضرورة عرض أي اتفاقية تمس السيادة على استفتاء شعبي، وهو ما لم يحدث. كما أشارت إلى مخالفة القرار لقانون النشر في الجريدة الرسمية، وإلى انعدام قانونية الخطابات والبنود المرفقة مع الاتفاقية.

جزيرتان مصريتان "بيعتا بثمن بخس"

الطاعنون اعتبروا أن تيران وصنافير جزء لا يتجزأ من الإقليم المصري، وأن التنازل عنهما جرى في ظروف سياسية مضطربة، وبثمن بخس، مقابل وعود مالية من الرياض لدعم النظام المصري اقتصادياً. وبينما أقرت حكومة السيسي بالاتفاقية، وصدّق عليها البرلمان في يونيو/حزيران 2017، فإنّ المعارضة ما زالت تعتبرها بيعاً للأرض يرقى إلى الخيانة.

وقد أثارت هذه الاتفاقية موجة غضب غير مسبوقة في الشارع المصري، دفعت بمئات المتظاهرين إلى السجون، وتم إخراس كل الأصوات الرافضة لها عبر قبضة أمنية مشددة، وسط صمت تام من البرلمان والإعلام، الذي تحوّل -بحسب مراقبين- إلى "منصة لتبرير التفريط لا لمساءلة المسؤولين".

سيناريو "الحكم بالبطلان": هل ينفذه السيسي؟

إذا قرر القضاء المصري بالفعل بطلان الاتفاقية، فستكون الدولة أمام استحقاق دستوري وتنفيذي بالغ الحساسية: هل يجرؤ السيسي على تنفيذ حكم يعارضه تماماً، بعد أن وقّع الاتفاقية بنفسه وأحالها للبرلمان؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه ورقة ضغط على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للحصول على مزيد من الدعم المالي في ظل أزمة اقتصادية خانقة تمر بها مصر؟

يرى مراقبون أن النظام الحاكم اليوم لا يملك هامش قرار مستقل، وأن أجهزة الدولة -وعلى رأسها الجيش والبرلمان والإعلام- باتت أدوات لتجميل قرارات اتخذها رأس النظام مسبقاً. وفي ظل غياب مؤسسات رقابية فاعلة، فإن مصير القضية مرهون بإرادة سياسية أكثر منه بمسار قانوني مستقل.

القضاء في مرمى التساؤلات

ورغم أن القضاء الإداري سبق أن أصدر حكماً نهائياً بمصرية تيران وصنافير في عام 2016، فإن الحكم أُلغي لاحقاً بقرار من المحكمة الدستورية، وهو ما فتح الباب واسعاً للتشكيك في استقلال القضاء. واليوم، ومع تحديد جلسة جديدة في سبتمبر، يتجدد الأمل لدى معارضي الاتفاقية في استعادة السيادة، ولو رمزياً، وسط تشكيك واسع في نوايا النظام.

هل انتهت السيادة المصرية إلى الأبد؟

بينما تؤكد المستندات التاريخية أن تيران وصنافير كانتا تحت الإدارة والسيادة المصرية منذ عقود، وتثبت ذلك خرائط وقرارات رسمية عدة، فإنّ إصرار النظام المصري على المضي قدماً في تسليم الجزيرتين يطرح تساؤلات عميقة حول حدود التفريط، ومدى استعداد السلطة للتراجع في حال تغيّر ميزان القوى أو تبدّلت الحسابات الإقليمية.

وفي المحصلة، يبقى السؤال مطروحاً بقوة: هل ما زال القضاء المصري قادراً على إعادة الحق لأهله؟ أم أن المسألة حُسمت نهائياً، وباتت السيادة الوطنية مجرد ورقة مساومة في دفتر حسابات إقليمية ودولية؟