لهذه الأسباب” المنقلب “السيسي من أكبر الخاسرين في الشرق الأوسط الجديد؟

- ‎فيتقارير

قالت مجلة "الإيكونومست": إن "زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي من أكبر الخاسرين في الشرق الأوسط الجديد، وإنه لم يكلف أحد نفسه عناء دعوته عندما عاد ترمب إلى الرياض، كما أنه دمّر الاقتصاد المصري، وتسبب في ديون عامة لا يمكن تحملها وحطم آمال القادة العرب فيه".
 

 

وخلص تقرير المجلة إلى أن العديد من حلفاء السيسي العرب كانت لديهم آمال كبيرة فيه، قبل عقد من الزمان، مستدركة "لكن تلك الآمال تبددت".

وأنه "على مدى عقود من الزمن، كان الشرق الأوسط منقسمًا على أسس أيديولوجية، وربما أصبح الانقسام الآن بين حكومات قادرة على الوفاء بوعودها، وحكومات أخرى غير قادرة على ذلك".

وفي المقال الأخير المنشور في 30 مايو الماضي، على موقع المجلة البريطانية واسعة الانتشار عالميا بعنوان "الخاسرون في الشرق الأوسط الجديد" أنه قبل 8 سنوات، كان عبد الفتاح السيسي محط الأنظار، وأنه استقبل دونالد ترامب الديكتاتور المصري بحفاوة في البيت الأبيض في أبريل 2017.

وأوضحت أنه بعد أسابيع قليلة، زار ترامب الرياض، ودعا السعوديون السيسي للانضمام إليهم وحظي وزير الدفاع السابق، الذي استولى على السلطة بانقلاب عام 2013، بمكانة مرموقة إلى جانب الرئيس الأمريكي والملك السعودي في حفل افتتاح مركز مكافحة الإرهاب.

وأكد موقع المجلة أنه لم يكلف أحد نفسه عناء استدعائه عندما عاد السيد ترامب إلى الرياض في مايو الماضي، كان حكام الخليج حريصين على التحدث مع الرئيس الأمريكي حول رؤيتهم للشرق الأوسط، ولم يكن السيسي من بين هؤلاء، وبدلاً من ذلك، سافر إلى بغداد لحضور قمة جامعة الدول العربية غير المنظمة، حيث كان واحدًا من خمسة رؤساء دول فقط حضروا القمة (معظم أعضاء نادي الدول الـ 22 أرسلوا وزراء فقط).
 

وأشارت المجلة إلى أنها "لحظة تحول في الشرق الأوسط، إيران ضعيفة، والحكومات الجديدة في سوريا ولبنان تريد إبقاء الوضع على هذا النحو، يحرص ملوك الخليج على تحقيق وفاق مع كل من إيران وتركيا، منافسيهم الإقليميين، ويتحدث السيد ترامب بأمل عن "يوم جديد مشرق"، وشرق أوسط يركز على التجارة بدلاً من الصراع".
 

 

واعتبرت أن "المنطقة مكان صعب للمتفائلين، قد لا تدوم هذه اللحظة، وسواءً دامت أم لا، فإنها تُظهر كيف تغير الشرق الأوسط بالفعل، دول الخليج، الغنية والمستقرة ظاهريًا، هي محور الأحداث، بينما أصبحت بعض الدول التي كانت مؤثرة في السابق مجرد مُتفرجة.".
 

ونبهت إلى أن مصر تتصدر هذه القائمة، ويتحمل السيسي مسؤولية ذلك فقد دمّر الاقتصاد المصري، وتراكمت عليه ديون عامة لا يمكن تحملها (حوالي 90% من الناتج المحلي الإجمالي) لتمويل مشاريع تافهة، ورفض الإصلاحات المنطقية التي قد تُعزز القطاع الخاص الراكد.

وأوضحت أن هذا دفع مصر إلى الاعتماد على عمليات الإنقاذ، حيث تلقت مصر ما لا يقل عن 45 مليار دولار مساعدات من دول الخليج منذ عام 2013، وفقًا لبيانات (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية).

وأضاف أن مصر 3 أكبر مدين لصندوق النقد الدولي، لكنها الآن تواجه منافسة، سيحتاج لبنان إلى 7 مليارات دولار على الأقل لإعادة الإعمار بعد حرب العام الماضي مع الكيان تل أبيب، وستحتاج سوريا إلى أضعاف هذا المبلغ".
 

.

وأضافت أنه "على الأقل في الوقت الحالي، يبدو كلا البلدين استثمارًا أفضل من مصر، حكومتاهما تعدان بإصلاحات اقتصادية وسياسية جادة، تريد الحكومة السورية المؤقتة خصخصة الشركات الحكومية وجذب المستثمرين الأجانب".

وأفصحت المجلة عن نية الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون بـ "نزع سلاح حزب الله"، الميليشيا القوية المدعومة من إيران بحسب التقرير، وأن ذلك تساعد المساعدات المقدمة لتلك الدول في تحقيق تلك الأهداف؛ أما المساعدات المقدمة لمصر فلا تزيدها إلا عن كسب الوقت حتى أزمتها المالية القادمة.
 

وعن العراق فأوضحت أنه يجد نفسه على الهامش أيضًا، حيث فقدت إيران أقرب حليف لها (نظام الأسد في سوريا) وأقوى ميليشياتها التابعة (حزب الله)، هذا يجعلها يائسة للحفاظ على نفوذها في العراق، حيث تدعم مجموعة من الجماعات المسلحة.

وقالت: " يصف بعض المسؤولين في الخليج العراق بأنه قضية خاسرة، فالميليشيات قوية جدًا ومتشابكة مع الدولة لدرجة يصعب معها اقتلاعها، لم يتمكن أحمد الشرع، الرئيس السوري الجديد، حتى من حضور قمة جامعة الدول العربية في بغداد بسبب تهديدات الميليشيات الموالية لإيران".

وعن لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي وعن تفضيله السفر للرياض، أضافت أنه حصل على وعد من ترامب برفع أمريكا عقوباتها، موضحة "السعوديون يحرصون على دعم الشرع جزئيًا لأن سوريا القوية ستشكل حصنًا منيعًا ضد النفوذ الإيراني، يقول مسؤول سعودي، مشيرًا إلى فترة كان فيها نظام الأسد خصمًا لديكتاتورية صدام حسين في العراق: "كانت سوريا تُسهم في تحقيق التوازن في العراق، ربما تستطيع لعب هذا الدور مجددًا، هذه المرة مع إيران".
 

 

وأضافت أنه "لطالما كان الفلسطينيون عديمي الدولة في قلب الشؤون العربية منذ عام ١٩٤٨، لكن هناك ما يدعو للاعتقاد بأنهم هم أيضًا يفقدون مركزيتهم، لم يفعل محمود عباس، الرئيس الفلسطيني الأبدي، شيئًا لتطهير إدارته الفاسدة في الضفة الغربية المحتلة، وتقدم حماس نموذجًا أكثر قتامة في غزة، فقد سمحت لإسرائيل بتدمير القطاع بدلًا من التنازل عن السلطة.".
 

وقالت: "لا يزال القادة العرب يُقدمون وعودًا لفظية للقضية الفلسطينية، لكن عمليًا، يحاولون تقليص نفوذها".

وفصل التقرير عن رغبة "عون" بنزع سلاح الميليشيات الفلسطينية في مخيمات اللاجئين بلبنان ، وقد أبدى بعض أعضاء حزب الله موافقتهم، وتعهد الحكومة السورية الجديدة بفعل الشيء نفسه، ويدور حديث جاد في كلا البلدين حول السلام مع "إسرائيل" ليس تطبيعًا كاملًا، بل على الأقل إنهاء عقود من الصراع " بحسب ايكونوميست".

 

ورأت أن "هذا يُحدث تحولًا ملحوظًا، فقبل عام، بدا لبنان وسوريا قضيتين خاسرتين أيضًا، كانت الأولى تحت سيطرة حزب الله، وفي حالة حرب مع إسرائيل؛ وكان اقتصادها لا يزال يعاني من أزمة مالية قلصت ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 40%، أما الثانية فكان دولة مخدرات لا تزال في قبضة نظام الأسد الذي كان يبدو صامدًا، والآن، تعتبرها دول الخليج وأمريكا قلب شرق أوسط أكثر ازدهارًا، وللحفاظ على هذا الوضع، سيتعين على حكوماتهم تحقيق نتائج.

وليست المرة الأولى التي تنتقد فيه ايكونوميست السيسي، بل ربما هي الأخف انتقادا ففي 4 أكتوبر 2023 قالت مجلة الإيكونوميست في تقرير إن رفع عبد الفتاح السيسي، الدكتاتور العسكري في مصر، شعارا قاتما لانتخاباته المقبلة، وقال: إذا كان ثمن تقدم الأمة وازدهارها هوالجوع والعطش، فلا نأكل ولا نشرب".