في ظل تصاعد التحذيرات من تداول الأدوية منتهية الصلاحية في السوق المصري، قررت هيئة الدواء المصرية مد مبادرة سحب تلك الأدوية لمدة 45 يومًا إضافية، تبدأ عقب عطلة عيد الأضحى مباشرة، وسط مطالبات بضغط أكبر على الشركات المُوزِّعة وتحذيرات من التلاعب بتاريخ الصلاحية. استجابة محدودة.. وضغوط لتمديد المدة قال مصدر مطلع بالهيئة: إن "القرار يأتي استجابة لطلب شعبة أصحاب الصيدليات التي كانت تقدمت رسميًا بتمديد المبادرة لمدة شهر، فيما أكدت الشعبة أنها طالبت بمدها لثلاثة أشهر على الأقل، نظرًا لحجم الأدوية المتداولة منتهية الصلاحية في الأسواق". ورحّب الدكتور حاتم البدوي، أمين عام الشعبة وعضو لجنة متابعة السحب، بالتمديد الجديد، مشددًا على ضرورة استغلاله بشكل فعّال، وقال: "هذه فرصة أخيرة، والمبادرة لن تتكرر مرة أخرى"، مطالبًا الهيئة بممارسة ضغط أكبر على شركات التوزيع التي لا تزال تتباطأ في أداء دورها. أرقام مقلقة ومشاركة محدودة حتى الآن، انضمت أكثر من 40 ألف صيدلية فقط من أصل نحو 85 ألفًا على مستوى الجمهورية، بينما تشير بيانات الهيئة إلى سحب 3.4 مليون عبوة دوائية منتهية، والسير في إجراءات سحب 1.5 مليون عبوة إضافية، وهي أرقام تعكس حجم المشكلة ومدى الحاجة لرقابة صارمة وسرعة في التنفيذ. شكوك حول التلاعب وتقصير الشركات مصادر داخل الهيئة كشفت عن مخاوف من تلاعب بعض الأطراف بتاريخ صلاحية الأدوية، في ظل حالات سابقة تم فيها تصنيع أدوية عبر نظام "التصنيع لدى الغير"، ثم توقفت الشركات عن إنتاجها لاحقًا، ما خلق عبئًا دوائيًا معقدًا لا تجد شركات التوزيع استعدادًا لتحمله. في هذا السياق، أشار رئيس شعبة الأدوية علي عوف في تصريحات سابقة إلى وجود تجارة رائجة في الأدوية المنتهية، وحمّل الهيئة والمصانع المسؤولية، بسبب التراخي في سحب الأدوية والمماطلة في الالتزام بالقرارات التنظيمية. مبادرة متعثرة.. وتأخر في التنفيذ المبادرة التي أعلنت عنها الهيئة للمرة الأولى في سبتمبر/أيلول الماضي لم تدخل حيّز التنفيذ الفعلي إلا بعد عدة أشهر، مع صدور قرار رسمي في فبراير/شباط 2025، ألزم الشركات العاملة في سوق الدواء بقبول المرتجعات من الصيدليات والمخازن خلال 90 يومًا. وأتاحت الهيئة لاحقًا نماذج إلكترونية على موقعها لتسجيل الكميات والأصناف المطلوب سحبها، لكنها لم تصدر أي بيان شفاف يوضح حجم الالتزام من الشركات أو مصير الأدوية التي لم يتم سحبها. نداء لتحرك شامل قبل فوات الأوان يُذكر أن آخر محاولة جادة لسحب الأدوية المنتهية من الأسواق تعود إلى عام 2017، حين تم التوافق على حملة تنظيف دون شروط، لكنها لم تشمل جميع الأصناف، واليوم، بعد ثماني سنوات، يتجدد التحدي نفسه مع ازدياد المخاطر التي تهدد صحة المواطنين. نقيب صيادلة القاهرة محمد الشيخ أكد في وقت سابق أن تلك الحملات ضرورية لضمان سلامة المرضى، لكنه شدد على أن التجارب السابقة أظهرت أن الشركات لا تسحب إلا ما يناسبها، وتترك أصنافًا أخرى بلا معالجة، وهو ما يعيدنا إلى المربع الأول. مخاطر منتظرة في ظل استمرار وجود ملايين العبوات منتهية الصلاحية داخل الصيدليات والمخازن، يظهر تمديد المبادرة كخطوة مؤقتة، لكنها غير كافية وحدها دون تفعيل حقيقي للرقابة، ومعاقبة المتقاعسين، سواء من الشركات أو التوزيع، لتجنب تحوّل الأسواق إلى بيئة خصبة للتلاعب والإتجار بأدوية قد تهدد حياة المصريين.