منذ 2022 تروّج حكومة السيسي لمشروع الدلتا الجديدة وإن المشروع هو من أجل زيادة الرقعة الزراعية، ومع تساؤلات واقعية عن من أين يحصل المشروع ومشروع المليون والنصف فدان ومشروع توشكى على المياه التي قلّت لدرجة كبيرة بحسب خبراء الهندسة والري، ومنهم وزير الري السابق د.م. محمد نصر علام.
وتخلصا من ترتيبات المشروع "الزارعي"، أعلن مصطفى مدبولي رئيس حكومة السيسي عن مشروع "جريان" يمثل أول مشروع عقاري في الدلتا الجديدة.
وأضاف مدبولي أن "المشروع سيقام على فرع جديد لنهر النيل تم مده لخدمة المشروعات الزراعية في الدلتا الجديدة بمساحة 1600 فدان وتكتمل خلال 5 سنوات"، وقبل أسبوعين تحدث السيسي عن خسارة 30 مليار جنيه من تعطل زراعة 600 فدان، ما يعني أن حجم الخسارة من تبوير 1600 فدان مفترض أنها للزراعة يتسبب في خسارة مصر ما يزيد عن 90 مليار.
وبدأ الحديث عن الدلتا الجديدة، بإضافة 2.2 مليون فدان للرقعة الزراعية في مصر في 21 مايو 2022، من المتحدث باسم رئاسة الجمهورية.
واستبق السيسي المشروع في مارس من العام ذاته، بفرض 200 ألف جنيه رسوم ري للأراضي الزراعية الجديدة تطبق في قانون الري الجديد مع إطلاق مشروع الدلتا الجديدة.
النيل للأثرياء
الكاتب الصحفي مصطفى عبد السلام في مقال بعنوان "مدن فارهة في قلب الصحراء… والنيل في خدمة الأثرياء" قال: "قبل سنوات قليلة بات النيل الخالد في خدمة الأثرياء وعِلية القوم قاطني العاصمة الإدارية الجديدة الواقعة شرقي العاصمة القاهرة، واليوم بات المجرى القديم، الذي تغنّى به الشعراء وكان مُلهماً للكُتّاب والأدباء على مر التاريخ، في خدمة ساكني الجزر وقاطني القصور والفيلات وأصحاب مراسي اليخوت في منطقة الشيخ زايد الواقعة غرب العاصمة القاهرة.".
وأضاف "ما بين المنطقتين تعيش مصر فترة قاسية من تاريخها، حيث تنتعش "النيوليبرالية" المتوحشة التي تحابي الأغنياء وتدهس الفقراء والطبقة الوسطى، ويصبح فيها الصوت الأعلى لطبقة الأثرياء الجدد، سواء من السكان المحليين أو المستثمرين ورجال الأعمال العرب والأجانب.".
وأضاف "عبدالسلام" عن مشروع نهر الشيخ زايد والذي ستقام عليه مدينة "جريان"، "وفق المخطط فإنه سيتم تحويل نحو 7% من حصة مصر السنوية من مياه نهر النيل من أراضي الدلتا الخصبة لتمرّ عبر المشروع الجديد الذي يضم وحدات سكنية راقية بواجهات زجاجية ومناطق تجارية ومرسى لليخوت ومنطقة اقتصادية حرة وجزراً منفصلة ذات إطلالات خاصة، قبل أن تصل في النهاية إلى مشروع زراعي ضخم، كما أن نحو عشرة ملايين متر مكعب من مياه نهر النيل ستتدفق يومياً إلى جريان البالغة مساحتها 6.8 ملايين متر مربع، ما سيساعد في ري مشروع الدلتا الجديدة على مساحة 2.28 مليون فدان.".
واعتبر أنه "الملفت في الأمر أن هذه المشروعات العملاقة المخصصة لأثرياء مصر تأتي في الوقت الذي تواجه فيه البلاد نقصاً متزايداً في المياه وندرة شديدة فيه، بسبب كارثة سد النهضة الإثيوبي، وعجزاً مائياً يصل إلى 20 مليار متر مكعب سنوياً، وهو ما دفع الحكومة إلى التوسع في سياسة تبطين الترع وفرض قيود على زراعات مهمة، مثل الأرز، لتوفير المياه".
وأشار إلى أن "المشروعات الفارهة المعتمدة على مياه النيل تأتي في وقت يتفشى فيه الفقر والغلاء وانهيار الطبقة الوسطى وزيادة غير مسبوقة في الدين الخارجي والداخلي وركود اقتصادي لا تخطئه العين وتضخم جامح لا تتوقف فيه الأسعار عن الزيادة".
وخلص إلى أن النهر الأخضر في العاصمة الإدارية والشيخ زايد وغيرها من المشروعات الفخمة عبارة عن تبديد للموارد المحدودة، سواء المالية أو المائية، وتعميق للفوارق المجتمعية التي زادت بشدة في السنوات الاخيرة.
فنكوش الدلتا
الدكتور محمد حافظ الأستاذ بجامعات ماليزيا أشار إلى أن مشروع الدلتا الجديدة فنكوش وسبوبة للجيش المصري حيث التكلفة الباهظة، المشروع يُكلّف مبالغ ضخمة، حيث قُدرت تكلفة المليون فدان في مشروع الدلتا الجديدة بـ 300 مليار جنيه مصري (بحسب تصريحات وزير الري)، مما يعني تكلفة تقارب 300 ألف جنيه للفدان الواحد.".
وأضاف سببا آخر وهو عدم كفاية المياه موضحا أن "كمية المياه المتوفرة من محطة مياه المكس (6.5 مليون متر مكعب يوميًا) غير كافية لري المساحة المخطط لها (2.2 مليون فدان أو 2.8 مليون فدان)، خاصة مع ضرورة رفع المياه لمسافة 130 مترًا، مما يتطلب بناء 6 محطات رفع باهظة التكلفة.".
كما أشار إلى أن "الهدف الأساسي من المشروع ليس خدمة الشعب المصري، بل هوخلق مصدر دخل إضافي للجيش المصري، الذي يستفيد من التعاقدات المرتبطة بالمشروع.".
وبمقارنة التكلفة لفت إلى أن "تكلفة الفدان الواحد في المناطق الصحراو ية (مثل منطقة الحمام) تتراو ح بين 30 إلى 50 ألف جنيه فقط، مقابل 300 ألف جنيه في مشروع الدلتا الجديدة".
وعن تأثير سد النهضة نقل إشارة إلى أن تشغيل سد النهضة سيُقلل من مخزون بحيرة ناصر (المخزون الاستراتيجي) من 70 مليار إلى 20 مليار متر مكعب، مما يُهدد مشروع الدلتا الجديدة.
وحذر من أن التكلفة الباهظة للمشروع قد تؤدي إلى انهيار الجنيه المصري، خاصة مع عدم وجود عائد اقتصادي كافٍ للمشروع.
ونشر فيديو تحليلي نقدي لمشروع الدلتا الجديدة والنهر الصناعي، مُشدداً على تكلفته الباهظة وشكوكه حول جدواه الاقتصادية، ويرى المتحدث أن المشروع يخدم مصالح ضيقة على حساب مصلحة الشعب المصري
شرح السبوبة
وبحسب مدبولي فإن المدينة الجديدة ستوفر 250 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وأعلن ذلك خلال إعلان توقيع جهاز "مستقبل مصر" وشركات "ماونتن فيو" و"بالم هيلز للتعمير" و"Nations of Sky" على اتفاق إطلاق مشروع مدينة عمرانية جديدة غرب القاهرة.
وتخطط حكومة السيسي لتكوين "الدلتا الجديدة" في شمال مدينة 6 أكتوبر، على بعد 42 كيلومتر غرب القاهرة، والتي من المقرر تحويل مجري للنيل بطاقة 7% من إجمالي حصة مصر من مياه النيل، وإنشاء مدينة جديدة تحت اسم "جريان" Jirian city…
و"جريان" أول مشروع عقاري في الدلتا الجديدة، بين جهاز "مستقبل مصر للتنمية المستدامة"، التابع للقوات المسلحة، وشركات: "بالم هيلز" و"ماونتن فيو" و"نيشنز أوف سكاي"، وشهد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، مراسم توقيع الشراكة.
ومدينة "جريان" ضمن مشروع الدلتا الجديدة، ومساحتها 1600 فدان، و325 فدانا مساحة النيل بالمشروع، وهو عبارة عن مدينة متكاملة بإطلالة مباشرة على النيل، في موقع استراتيجي بقلب الشيخ زايد، وعلى بعد دقائق من مطار سفنكس والمتحف المصري الكبير.
وسوف يساهم في توفير عوائد دولارية من خلال تصدير العقار بجانب الموقع الاستراتيجي للمدينة، وتوفير أكثر من 250 ألف فرصة عمل، ومن المقرر الانتهاء من المشروع خلال 5 أعوام.
وتخطط حكومة السيسي إلى أن يروي فرع النيل الجديد نحو 2.28 مليون فدان زراعة في الدلتا الجديدة، حيث ينقل نحو 10 مليون متر مكعب من مياه النيل يوميا.
