يفتح باب مناوشات مع تركيا مجددا.. طلب يوناني من مصر بترسيم الحدود البحرية مع “شرق” ليبيا

- ‎فيتقارير

قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أنه من المتوقع أن تطلب اليونان من مصر التدخل لإقناع الحكومة في المنطقة الشرقية المدعومة من خليفة حفتر بعدم التصديق على الاتفاقية البحرية مع تركيا.

ورجح تقرير للموقع أن يكون وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابتريتيس اثار قضية الاتفاقية البحرية الليبية التركية، مع نظيره بحكومة السيسي؛ بدر عبدالعاطي.
 

وقال الموقع إن أي تحرك من جانب شرق ليبيا لدعم موقف تركيا من شأنه أن يمثل تحولا كبيرا في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تأمل الجهات الفاعلة الإقليمية في تطوير رواسب الغاز الطبيعي المربحة المحتملة، وسيكون ذلك بمثابة دفعة قوية لجهود أنقرة لتأكيد نفسها كقوة بحرية مهيمنة في المنطقة، لأنه سيضع جميع الأطراف الليبية في صف واحد مع مطالبات تركيا.

وأوضح أنه إذا تم المضي قدما في هذا الاتفاق فقد يؤدي ذلك إلى إحياء التوترات البحرية في المنطقة التي شهدت اقتراب اليونان وتركيا من الصراع خلال عام 2020.
 

وأشار التقرير إلى أنه إذا صادقت المنطقة الشرقية على الاتفاق البحري، فقد يوفر ذلك غطاء للحكومة السورية الجديدة لإبرام اتفاقها الخاص مع أنقرة والذي يشمل شمال قبرص، وهي منطقة انفصالية لا تعترف باستقلالها إلا تركيا، وفق أحد المسؤولين الإقليميين.
 

وكشف التقرير أن شرق ليبيا سيجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الاتفاق البحري بين مصر واليونان، حيث لم تعترف القاهرة بجميع مطالبات اليونان بالمناطق الاقتصادية الخالصة عبر جزرها في اتفاقية عام 2020، لكن شريحة واسعة منها تتناقض مع الاتفاق بين تركيا وطرابلس.

وأخيرا ظهر ان خليفة حفتر وأبناؤه يهدفون حاليا إلى تعميق علاقتهم مع الحكومة التركية، ومن المرجح أن يبقوا هذه القضية في طي الكتمان بدلا من الموافقة على الصفقة البحرية أو رفضها في الوقت الحالي، بحسب تقرير الموقع البريطاني..

 

وخلال جلسة مجلس النواب الإثنين الماضي، دعا عقيلة صالح (رأس في نظام شرق ليبيا) إلى تشكيل لجنة لمراجعة الاتفاق البحري، بانتظار تحديد جلسة مخصصة لهذا الغرض.

ووقعت تركيا في نوفمبر 2019، اتفاقًا مع حكومة غرب ليبيا، بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط، إلى جانب اتفاق آخر؛ لتوسيع نطاق التعاون الأمني والعسكري.

وعقب توقيع الاتفاق، سمح البرلمان التركي في يناير 2020، بنشر قوات تركية في ليبيا لمدة عام واحد، وتم تمديد التفويض لمدة 18 شهرًا أخرى حتى يوليو 2022، قبل أن يتم تمديده أيضًا في يونيو 2022 لمدة 18 شهرًا أخرى.

 

وقال تقرير إن تركيا تدرك أن اتفاق النفوذ الاقتصادي البحري وترسيم الحدود البحرية الذي تم توقيعه مع حكومة الوفاق في نوفمبر 2019، لا يمكن تمريره أو توظيفه بفاعلية دون تفاهمات مع جبهة الشرق (طبرق ـ الرجمة)، وتقارب مع القاهرة الداعمة لهما، الطرف الأساسي في منتدى المتوسط المتعلق بغاز ونفط شرق البحر المتوسط.

وربط التقرير بين إدارك تركيا ونفط وغاز شرق المتوسط الذي كان المحرك الرئيسي لاندفاع تركيا ودخولها على خط الصراع الليبي، ولا يزال المحرك للتقارب التركي المصري وتطبيع العلاقة مع مجلس النواب الليبي، وربما قريبًا مع القيادة العامة التابعة لمجلس النواب (خليفة حفتر).

 

وأوضح أن أنقرة مستعدة لأي تفاهمات مع القاهرة تتعلق بالملف الليبي إذا ضمنت مصالحها ولو في الحد الأدنى من كعكة شرق المتوسط وفي المصالح الاقتصادية في ليبيا، لكنها لن تنجر إلى تنازلات كبيرة وسريعة تفقدها الأوراق التي تمسك بها والتي أهمها الحليف في الغرب الليبي والوجود العسكري هناك.

يُذكر أن اتفاقية نوفمبر 2019 بين ليبيا وتركيا كانت قد أثارت رفضًا واسعًا من "مجلس النواب" الليبي (شرق ليبيا بسيطرة حفتر -عقلية) ودول الجوار، على رأسها مصر واليونان وقبرص، التي اعتبرتها غير قانونية.

وبناءً علي هذا الاتفاق؛ قامت تركيا بنقل السلاح والخبراء العسكريين والمقاتلين السوريين لليبيا، وهو ما اعتبرته مصر تهديدًا لأمنها القومي. فضلًا عن الخلافات حول قضية غاز شرق المتوسط، في ظل ارتباط مصر باتفاقيات شراكة مع كل من اليونان وقبرص، طرفي النزاع الأكبر مع تركيا؛ بسبب الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية.

 

وتصر مصر على خروج القوات التركية من ليبيا، بينما ترى تركيا أن بقاء قواتها وخبرائها العسكريين هناك ضمانة لمصالح تركية كبرى، اقتصادية وأمنية وثروات غاز شرق المتوسط، ومؤخرًا أعلنت تركيا أنها ستفتتح قنصليتها في بنغازي لتصبح حاضرة ليس في الغرب الليبي فقط بل في ليبيا بكاملها من شرقها لغربها، وهذا هو أعقد ملف بين البلدين.

وتركز الخلاف المصري- التركي خلال السنوات من 2013 إلي 2020 حول احتواء تركيا لجماعة الإخوان المسلمين وعناصرها وقادتها، والسماح ببث قنوات إعلامية لهم معارضة لنظام السيسي. كما تدخلت تركيا في العديد من الدول العربية بمختلف الوسائل السياسية والعسكرية مثل سوريا والعراق. وقد وصل التوتر بين الدولتين إلي ذروته عقب التدخل التركي في ليبيا عقب توقيع اتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة فائز السراج

 

ومع مطلع عام 2021، بدأت العلاقات السياسية بين الجانبين المصري والتركي في التحسن، وبدأت سلسلة من الاتصالات السياسية بين الجانبين، تم الإعلان عنها من جانب تركيا في مارس 2021، وتم تتويجها في أبريل من نفس العام بمحادثة هاتفية بين وزيري خارجية كلا البلدين، ثم انعقاد الجولة الأولى من المباحثات الاستكشافية بين الجانبين في شهر مايو من نفس العام بالعاصمة المصرية، وهي الجولة التي حقق فيها كلا الطرفين تقدمًا كبيرًا في بحث آفاق توسيع وتحسين العلاقات بينهما. من ثم انعقدت الجولة الثانية من المباحثات بعد ذلك بثلاثة أشهر في العاصمة التركية، لكن لم تحرز هذه الجولة نفس النجاحات التي حققتها الجولة السابقة.

 

وما يزيد من إمكانية قيام مصر وتركيا بترسيم الحدود البحرية بينهما أن اتفاق تعيين الحدود البحرية الموقع بين مصر واليونان، فى أغسطس 2020، به ثغرات عمدت مصر إلى وضعها تفيد بإمكانية تعديل الاتفاق ودخول تركيا طرفًا فيه، وأن الاتفاق مع اليونان جزئي وأن تعيين الحدود ليس نهائيًا وسيتم استكماله لاحقًا بل وحتى تعديله إذا ما دخلت مصر أو اليونان في مفاوضات مع دول أخرى تشترك مع أحد طرفي الاتفاقية في مناطق بحرية. وفي هذا الإطار لا يخرج الطرف المقصود عن كونه تركيا، بحسب تقرير.
 

 

ومن الجدير بالذكر هنا، أن اتفاق ترسيم الحدود بين مصر وتركيا لن يكون بالضرورة على حساب ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان. وفى هذا السياق، فقد تحدثت تسريبات سابقة عن عقد اجتماع "مصري – تركي" بحضور مسؤولين من اليونان وقبرص لمناقشة ترسيم الحدود البحرية وحل الخلافات بينهم. وهو ما يتوافق مع الرؤية التركية التى سبق وأن دعت إلى مؤتمر يضم جميع الدول المعنية بشرق المتوسط للاتفاق على حل الخلافات العالقة باعتبار هذه الخطوة السبيل الوحيد لتجاوز التحديات الحالية والتوصل الى تسوية عادلة وتقاسم للثروات في المنطقة.