حصار مزدوج: صهيونى وسيساوى.. آلاف النشطاء من العالم يزحفون نحو غزة لكسر الحصار وسط هجوم إعلام العار

- ‎فيتقارير

في لحظة عجز عربي مدوٍ، وتواطؤ رسمي بلغ حد الحصار المعلن من القاهرة، يتحرك نشطاء من مختلف أنحاء العالم لكسر جدار الصمت وإيصال صوت المحاصرين في غزة، التي تجاوز عدد شهدائها حاجز 54 ألفاً، وسط كارثة إنسانية مركبة من جوع وتشريد ودمار.

 

ورغم أن التحرك الإنساني يحمل طابعاً سلمياً خالصاً، تصدّى له الإعلام المصري المحسوب على نظام عبد الفتاح السيسي، متهماً المشاركين بمحاولة تهجير السكان، متجاهلاً حقيقة أن الهدف المعلن والميداني للمسيرة هو إغاثة الجوعى، الذين يساهم النظام نفسه في تجويعهم بإغلاق معبر رفح وعرقلة إدخال المساعدات.

 

في 12 يونيو الجاري، يُنتظر أن يحتشد ما بين 2000 و3000 ناشط من نحو 50 دولة في القاهرة، ضمن "المسيرة العالمية إلى غزة"، في محاولة للضغط على الحكومات وفتح ممر إنساني عاجل، بعد أن تحولت غزة إلى "سجن للموت الجماعي"، وفقاً لتقارير حقوقية. ومن المنتظر أن تتحرك القافلة إلى مدينة العريش، ومن هناك سيراً على الأقدام نحو معبر رفح، للمكوث على الحدود ثلاثة أيام.

 

تحالف ضم مئات المنظمات.. ومسيرة ضد الإبادة

التحرك، الذي يتبناه ائتلاف ضخم من أكثر من 400 منظمة عالمية، يحمل طابعاً مدنياً مستقلاً، لا يرتبط بأي أجندة حزبية أو دينية. ويشدد منظموه على أن الفعالية تمثل "صرخة ضمير أخلاقي" ضد الإبادة المستمرة في غزة، في وقت أصبح فيه الصمت جريمة شراكة.

 

ويقول رئيس اللجنة الدولية للمسيرة، سيف أبوكشك:

 

"لم يعد بوسع أحد الادعاء بعدم المعرفة. ما يجري في غزة هو تطهير جماعي، وصمت الحكومات لا يعفيها من المسؤولية. لذا، جاء وقت تحرك الشعوب".

 

النظام المصري في مرمى الانتقادات

ورغم محاولات المنظمين التنسيق مع السفارات المصرية في الخارج، لم يصدر أي موقف رسمي من السلطات الانقلابية في مصر، لا بالقبول ولا بالرفض. لكن الإعلام الرسمي المصري بدأ حملة هجوم على المسيرة واصفاً إياها بـ"الخطر على الأمن القومي"، و"محاولة إحراج الدولة".

 

وكان أبرز المهاجمين الإعلامي  السفيه أحمد موسى، الذي وصف المسيرة بـ"الفخ المحكم"، زاعماً أنها محاولة للضغط السياسي على القاهرة. وانتقد موسى سلوك القافلة، متسائلاً بتهكم:

 

"لماذا لا يذهبون إلى غزة عن طريق البحر؟ ولماذا مصر؟"

 

حصار مزدوج: إسرائيلي ومصري

تتعرض غزة منذ عام 2006 لحصار خانق فرضه الاحتلال الإسرائيلي، لكنه اليوم بات حصاراً مزدوجاً، إذ تغلق مصر المعبر الوحيد الذي لا تسيطر عليه إسرائيل بشكل مباشر. هذا الإغلاق، المتكرر أو الدائم، ساهم في وصول القطاع إلى حافة المجاعة. وتشير تقارير إلى وفاة 57 طفلاً جوعاً منذ مارس الماضي فقط.

 

وفي هذا السياق، قال أبوكشك:

 

"أكثر من 3 آلاف شاحنة مساعدات تقف على الحدود، لكنها ممنوعة من الدخول. هذه ليست أزمة لوجستية بل قرار سياسي واضح بتجويع غزة".

 

لا تعارض بين الاحتجاج والإغاثة

على عكس الانتقادات التي تصف المسيرة بأنها "مسرح سياسي"، يؤكد المشاركون أن تحركهم جزء لا يتجزأ من الفعل الإغاثي، حيث يحملون معهم مساعدات طبية وخياماً، سيتم التبرع بها بعد انتهاء الاعتصام الرمزي على الحدود.

 

وقالت الناشطة الأمريكية هانا كلير:

 

"لسنا هنا في سياحة نضالية. نحن نعمل مع جمعيات محلية، نلتقي بالعائلات، ونضع أقدامنا حيث تتجمد قرارات السياسيين".

 

صمت عربي، ورسالة من الشعوب

المسيرة تمثل بحسب المنظمين "رسالة من الشعوب إلى الحكومات"، مفادها أن الخذلان الرسمي لا يعبر عن الشعوب، التي ترفض جرائم الاحتلال، وترى في الصمت تواطؤاً أخلاقياً وسياسياً.

 

وتقول الناشطة البرتغالية آنا ريتا:

 

"العالم ينحدر نحو قاع أخلاقي مظلم، وغزة اليوم هي مقياس الإنسانية. إن لم نتحرك الآن، فمتى؟"

 

في الختام: غزة ليست وحدها

رغم المخاطر المتوقعة سواء من سلطات الاحتلال أو من أجهزة الدولة المصرية، يُجمع المشاركون في المسيرة على أن تحركهم واجب أخلاقي قبل أن يكون فعلاً سياسياً.

 

كما قال أبوكشك:

 

"حين تُكتب هذه اللحظة في التاريخ، سيكون السؤال بسيطاً: هل وقفت متفرجاً؟ أم حاولت أن تفعل شيئاً؟"