السيسي يطرح مستشفيات مصر للبيع: ويبيعُ معها حق المصريين في العلاج ؟

- ‎فيتقارير

 

في خطوة تعمّق خصخصة الصحة وتحوّل آلام المصريين إلى سلعة، تمضي حكومة المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي قدمًا في طرح أكثر من 40 مستشفى حكوميًا أمام المستثمرين المحليين والأجانب، وخاصة من دول الخليج، لإدارتها وتشغيلها، في ظل صمت مريب من البرلمان وتجاهل صارخ لأصوات الأطباء والمهنيين والمرضى على حد سواء.

 

فبينما تتدهور أوضاع المنظومة الصحية، ويعاني ملايين المصريين من تردّي الخدمات ونقص الأدوية وطوابير العلاج على نفقة الدولة، لا يجد النظام حلًا سوى تسليم ما تبقى من البنية الصحية الوطنية للمستثمرين، بدلًا من دعم المستشفيات العامة وتوفير الحد الأدنى من الرعاية للفقراء.

 

وبحسب مصدر حكومي مطلع، فإن المستشفيات المطروحة تشمل منشآت قائمة في مختلف المحافظات، بالإضافة إلى 15 مستشفى جديدًا في مدن مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وبني سويف والعاشر من رمضان، وتندرج هذه الخطوة في إطار تنفيذ قانون جديد أقرّه المنقلب السيسي في يونيو 2024، يمنح القطاع الخاص – المحلي والخارجي – حق تشغيل وإدارة المستشفيات الحكومية لفترات تصل إلى 15 سنة، قابلة للتجديد.

 

وبالرغم من تأكيد حكومة الانقلاب أن ما يجري ليس "بيعًا مباشرًا"، بل مجرد "منح التزام بالإدارة"، إلا أن الواقع يقول: إن "من يملك التشغيل يملك القرار، بما في ذلك التسعير وإعادة الهيكلة والاستغناء عن العاملين، إذ يمنح القانون الجديد الإدارة الخاصة صلاحية الإبقاء على 25% فقط من الطاقم الطبي والإداري، والتخلي عن الباقي".

 

وبرّرت الحكومة الانقلابية هذه الخطوة برغبتها في "تقليل الإنفاق العام على الصحة"، في وقت تتوسع فيه في بناء القصور الرئاسية وشراء الأسلحة الفاخرة وتمويل مشروعات استعراضية بلا جدوى اجتماعية، وهو ما يثير تساؤلات مؤلمة: إذا لم يعد للفقراء مستشفى عام يلوذون به، فإلى أين يذهبون؟ ومن يحميهم من جشع من يرى في المرض تجارة؟

 

اللافت أن مستشفيات ضخمة بحجم "الهرمل" كانت أولى التجارب التي تم تسليمها للقطاع الخاص، وسط صمت برلماني مخزٍ يعكس مدى تواطؤ المؤسسة التشريعية مع سياسات التفريط في أصول الدولة، والآن، مع دخول مستثمرين من الإمارات ودول الخليج على الخط، تتجه الدولة نحو تحويل القطاع الصحي بالكامل إلى سوق مفتوحة، تُمنح فيها الأولوية لمن يملك لا لمن يحتاج.

 

هكذا تُباع المستشفيات.. ويُباع معها حق المصريين في العلاج.

 

ولا تزال الأسئلة معلّقة: ماذا تبقى للمواطن الفقير من حق في العلاج؟ وأين نقابات الأطباء؟ وأين الشعب من قرارات تمسّ صحته وحياته؟ وهل تحوّلت مصر إلى سلعة في سوق الاستثمار الخليجي؟