عبر أكاديميون عن تقدير موقف الجامعات الأهلية في مصر بعبارات يملأها الحزن والاعتراض والتحفظ (حيث لا يسمح لهم سوى بذلك وهو معروفون عند الأجهزة) وياتي ذلك بعد نحو 6 سنوات من إطلاق القوات المسلحة لها بنفس كادر الأكاديميين في الجامعات الحكومية في شكل أوسع من الأقسام الخاصة في الكليات الحكومية أو على غرار نظام الانتساب والانتساب الموجه حتى وقت قريب.
وقال الأكاديميون إن الجامعات الأهلية التي تعتبر منشآت عسكرية تشرف عليها القوات المسلحة من الألف إلى الياء وأنه حتى المسميات "الأهلية" تلاعبوا بها، فهي كجامعات مثل مدارس الجيش تمتص أعلى المصروفات من دم المصريين، وتمتص مرتبات هيئة التدريس بجملة (وإن كان عاجبك) وهو نمط إداري غاية في الانحطاط مع مستويات ثقافية بهذا الوزن.
وتحصل القوات المسلحة تحت عنوان الجامعات "الأهلية" على مبان شبه مجانية وأسعار لا تقارن بسعر السوق، وتعفى من الضرائب.
ورأى أحمد الجيزاوي Ahmed El-Gizawy أن "ما يحدث تسريع لوتيرة تخلى الدولة عن مجانية التعليم والخطوة التالية الصحة عن طريق فتح أبواب الاستثمار فى قطاع الصحة وهذا ما حدث بالفعل ويجرى الان الاعداد لاسناد ادارة بعض المستشفيات العامة للقطاع الخاص".
وأشار "شوقي دقينش" على فيسبوك إلى أن "الجامعات الأهلية يصدر قرار انشائها وتدخل الخدمة فورا "من دون أي تجهيزات وبما تحصله من الطلبه تبدأ الإنشاءات.. مثلا جامعة اسكندريه الاهليه تعمل منذ ثلاث سنوات وحتى الآن لم تستكمل".
واضاف "دقنيش" ، أنها "..ليست جامعات أهليه بالمعنى المفهوم للجامعه الاهليه بل أقرب لجامعات خاصه تابعه لجامعه حكوميه أو تمتلكها جامعه حكوميه.. حتى أن مجلس أمناء الجامعه لم يشكل لمدة عامين وهو المنوط به وضع اللوائح والاشتراطات.. بمعنى أصح ومن الآخر هي سبوبه حكوميه لتشارك الجامعات الخاصه في اليغمه التي تعيشها".
وقال عبر فيسبوك سامي الفيل Samy ElFeel: "طالما السيسي أصدر توجيهاته بكده 12 جامعه اهليه يبقي قضي الأمر الذي فيه تستفيان أنا مش .. ولا شيوعي ولا اي حاجه أنا مصري للنخاع وهو ( انا ربكم الاعلي ) هد طوبه طوبه لحد ما تبقي معطوبه وبناءً علي توجيهات سياده (…) السيسي علم وينفذ كويس يا مدبولي ..".
الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية مصطفى كامل السيد وعبر Mustapha El Sayed قال: ".. خبر إنشاء 12 جامعة أهلية في مصر بالحزن الشديد وطبعا لا يمكن أن اعترض أو اتحفظ علي إنشاء أي جامعة أهلية ، إذا كانت بالفعل جامعة أهلية، دفع المواطنون من أموالهم لإنشائها وتوفير هيئة التدريس اللازمة لها، وجعلوا الالتحاق بها ميسورا لكل المواطنين. ".
وأضاف، "أما أن تكون تلك الجامعات هي وليدة الجامعات الحكومية التي لا تكاد تكفي ميزانياتها لتوفير أماكن مناسبة لطلابها ولا تسهيلات مكتبية للعاملين فيها ولا تمكين هيئة التدريس فيها من المشاركة في مؤتمرات علمية، ثم يطلب منها مع ذلك أن تجتهد لتوفير ظروف أفضل لطلاب هم أقل بكل تأكيد من حيث هذا الاستحقاق بمعاملة متميزة لأنهم لم يتمكنوا أصلا من الالتحاق بهذه الجامعات الحكومية بسبب ضعف أدائهم في امتحان الثانوية العامة. ثم تأتي الجامعات الحكومية بأوامر من الدولة لتدللهم وتوفر لهم أوضاعا أفضل لا لسبب إلا لأنهم يدفعون مصروفات أعلي من زملائهم الذين دخلوا عن جدارة هذه الجامعات بحكم تفوقهم في الدراسة الثانوية".
وتابع: ".. من حقنا أن نسأل ومن أين تأتي هيئة التدريس في هذه الجامعات الموصوفة بالأهلية. العجب العجاب أنها ستأتي من نفس هذه الجامعات الحكومية، وهو ما يفترض أحد أمرين : إما أن هناك فائضا هائلا في أعضاء هيئات التدريس الحكومية وأن كثيرين منهم يعانون من الفراغ ، ومن ثم فستمنحهم هذه الجامعات الفرصة للتدريس، وطبعا هذا ليس بصحيح لأن أغلب أعضاء هيئات التدريس في الجامعات الحكومية يستكملون نصاب التدريس ، وما يزيد على ذلك يفترض أن يخصصوه للمزيد من التحصيل وللبحث العلمي".
وأوضح أن "..الافتراض الثاني وهو الأقرب للتصديق أن هذه الجامعات الأهلية ستمنح مرتبات أعلي لمن يقوم بالتدريس فيها، ومن ثم تجتذب أعضاء هيئات التدريس في نفس الجامعة الحكومية التي تنتمي لها هذه الجامعات الأهلية ".
وأشار إلى أن ذلك "يعني أن الطلبة المتفوقين في الجامعات الحكومية عليهم أن يرضوا بأعضاء هيئات التدريس الذين يعزفون عن العمل في الجامعات الأهلية إما لأنهم لايجيدون اللغات الأجنبية التي سيجري بها التدريس في هذه الجامعات أو لأنهم يملكون المعرفة بهذه اللغات ولكنهم راضون بقليلهم".
وعن رؤيته لجامعة أهلية تكون على مسمى حقيقي قال: ".. فليقم بإنشائها الأهالي ويوفرون لها كل ما تحتاج والأهالي أحرار في أن تكون بمصروفات أو بغير مصروفات مرتفعة ، واتركوا الجامعات الحكومية تنفق مواردها في تحسين ظروف التعليم والتدريس لطلابها المتفوقين ولأعضاء هيئات التدريس فيها الذين ما زالوا هم في طليعة أي إنجاز علي حقيقي في مصر، ولنتعلم من الصين وكوريا الجنوبية اللتين لم تعرفا هذه البدعة من جامعات أهلية تنشئها الحكومة، وكل إنجازها العلمي يأتي من جامعاتها الحكومية".
المعيدة السابقة بالكلية نفسها (اقتصاد وعلوم سياسية) إنجي خالد أحمد Engi Khaled Ahmed قالت إن 12 جامعة أهلية جديدة "كارثة بكل ما للكلمة من معنَى..!"، وبينت حقيقة ذلك بالإشارة إلى موقف شخصي..
فقالت: "لقد طُلب مننا نحن، أن نصنع توصيفات مقررات جامعة "القاهرة" الأهلية.. ويبدو أن ما تتحدث حضرتك عنه سيحدث.. سيتم الاعتماد علينا في التدريس.. وبالطبع هو أمر غير منصف أبدًا للطلاب المتميزين الذين وصلوا بجدارتهم وحدَها للجامعات الحكومية!".
وأضافت "كل شىء أصبح هُراءً وسيدفع المتفوقون المجتهدون الثمن وآثار ذلك القادمة ستكون مُذلة ومُهينة للجميع!".
أما الأكاديمي د.عادل قاسم D Adel Kassem فاعتبر أن التجربة هي "خصخصة .. وتسليع التعليم استاذنا المحترم والقدير….ممزوجا بفكر السماسرة والمقاولات .. بإنشاء كومبوندات تعليمية لخدمة ابناء الأثرياء ايا كان مستواهم العلمي ….توازيا وما يحدث ببعض البرامج الخاصة بالجامعات الحكومية صورة طبق الأصل..".
وكأنها أهلية
وصوب شريف حسن قاسم Shereef Hasan Kassem المصطلح فأشار إلى أنها "جامعات كأنها اهلية… ولما اتسأل المسئول: عمن الذي يملكها قال : مجلس امنائها.. فسأل: ومن الذى يعين مجلس امنائها.. قال : الدولة ..!!! .. علم وصف الأرض".
وأوضح "هناك تمييز في التعليم الجامعي وهي كلها أمور غير دستورية، ما تسمي بالبرامج المميزة داخل الكليات الحكومية وكأن البرامج العادية يجب أن تكون أقل جودة في نوعية المدرجات والقاعات، طالب يحصل على 91% فيلتحق بتمريض حكومي، وطالب آخر بـ50% يلتحق بالطب فى الجامعة الروسية".
ورفع محمد فوزي Mohamed Fawzy الحرج عن الأهالي وقال إنهم ".. لا يملكون لأنفسهم فى هذا الأمر شيئا، هم فقط يريدون لأبنائهم فرصا تعليمية محترمة وعادلة ، لو وجدوها فى التعليم الحكومى بأقل تكلفة لذهبوا اليها .. إنما وضع التعليم الحكومى من سيئ لاسوأ، لا يرضى به سوى قليل الحيلة .. أما عن الدولة فقد حولت التعليم إلى سبوبة لمن يدفع أكثر ، ولا مراعاة لأى شىء سوى جمع المال بغض النظر عن أى شىء ".
واعتبرتها سحر Sahar Abdel-Hakim أنه بمثل هذا التوجه "تتحول الجامعات الى هيئات لإصدار الشهادات، فلا بها طالب ولا استاذ جادين . التعليم هو مشروع لإنشاء البشر وليس لتوليد الاموال ". مؤكدة أنه "ما دام المنظور استثماريا في الأساس، تغيب فيه رؤية العامل البشري من هيئة تدريس وطلاب وهم المنوط بهم تنفيذ هذه المشروعات الاستثمارية..".