الرئيس “مرسى “منحهم البدل والمعاش الأكبر قيمة ..“بدل الصحفيين” بزمن السيسي: الفتات للصحافة والمليارات للعصابة

- ‎فيتقارير

 

مع بداية يوليو من كل عام، لا تُستأنف فقط الموازنة الجديدة في مصر، بل تتجدد أيضًا أزمة "بدل التدريب والتكنولوجيا" التي باتت علامة على خنق الصحافة وتحويلها إلى مهنة هامشية. البدل الشهري، الذي يُفترض أنه يُمول من حصيلة الضرائب على إعلانات الصحف، تحول إلى شريان حياة وحيد لغالبية الصحفيين، لكنه في زمن  المنقلب  عبد الفتاح السيسي أصبح رمزًا للاستخفاف بالمهنة وأهلها.

 

فتات للصحفيين وملايين للعسكر

اليوم، يقف الصحفيون في طوابير الانتظار على أمل زيادة ضئيلة لا تتجاوز 25–30%، بينما يتقاضى أي ضابط جيش أو قاضٍ عشرات الآلاف من الجنيهات شهريًا كـ"بدلات" و"حوافز"، إضافة لامتيازات لا حصر لها، من سيارات فارهة إلى مساكن فاخرة. كل ذلك في وقت يُصرف فيه على الصحفي، الذي يُفترض أن يكون "عين الشعب"، 3900 جنيه فقط، أي ما يعادل أقل من 80 دولارًا بالسعر الرسمي للدولار.

 

 

مرسي وحكومة الإخوان: المفارقة الصادمة

المفارقة الكبرى أن أكبر زيادة شهدها الصحفيون جاءت في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي. حينها،، حيث  نجح النقيب ممدوح الولي في إقناع الرئيس  مرسي برفع بدل التكنولوجيا والمعاشات من 800 إلى 1,200 جنيه،  بنسبة 50 ‰بالإضافة إلى 50 جنيه للموظفين، وبلغت تكلفة هذه التحسينات 70 مليون جنيه سنويًا، وقت كان الدولار أقل من 8 جنيهات، . ليس ذلك فحسب، بل كانت حكومة الحرية والعدالة هي أول من خصصت  بدل بطالة للصحفيين المتعطلين، حيث كان كل صحفي متعطل عن العمل  يحصل على ألف جنيه شهريًا  من النقابة بخلاف بدل التكنولوجيا ، قبل التضخم الجنونى فى الأسعار ، حيث كان مبلغ الألف زمن مرسى أفضل من 10 ألف جنيه على الأقل بزمن السيسى. بمقارنة بسيطة، كانت أول سلطة  منتخبة ديمقراطيًا فى تاريخ البلاد  أفضل ألف مرة للصحفيين من كل حكومات العسكر التي جاءت بعد الانقلاب العسكرى فى 3 يوليو 2013.

 

البدل.. أداة إذلال أم حق مكتسب؟

اليوم، ورغم حكم المحكمة الإدارية العليا بأن البدل "حق" وليس "منحة"، لا يزال الصرف خاضعًا لمزاج السلطة، التي تستخدمه لإخضاع النقابة وإسكات أي صوت معارض. تأخر الصرف أصبح وسيلة لمعاقبة الصحفيين على اختياراتهم، خاصة بعد انتخاب خالد البلشي، المعروف بمواقفه المستقلة، نقيبًا بدلًا من مرشح النظام عبد المحسن سلامة.

 

في المقابل، لا يُظهر مجلس النقابة الحالي سوى بيانات باهتة تعزو التأخير إلى "إجراءات روتينية"، بينما الصحف القومية سارعت إلى صرف البدل بلا زيادة، ما زاد من الغضب بين الصحفيين الذين باتوا يتندرون على شعار النقيب "ما زال في الحلم بقية"، متسائلين عن جدوى "حلم" لا يمنحهم حتى الحد الأدنى من الكرامة المعيشية.

 

أرقام تفضح الفقر في بلاط صاحبة الجلالة

دراسة حديثة للنقابة  أجريت برعاية النقيب الحالى خالد البلشى ،كشفت أن 72% من الصحفيين يعيشون بأقل من الحد الأدنى للأجور (6000 جنيه)، و40% بأقل من نصف هذا المبلغ، بينما يضطر 65% للعمل في مهن لا علاقة لها بالصحافة للبقاء على قيد الحياة. في نفس الوقت، يُهدر النظام مئات المليارات على قصور رئاسية، وصفقات سلاح، ومشاريع وهمية، تاركًا الصحفيين، الذين يفترض أنهم رقيب الشعب، تحت خط الفقر.

 

حريات غائبة وقمع متواصل

لكن أزمة البدل ليست سوى جزء من صورة أشد قتامة. فالصحافة في مصر تعاني أزمة وجود حقيقية، مع أكثر من 20 صحفيًا خلف القضبان، بعضهم تجاوز عامين في الحبس الاحتياطي، وأكثر من 780 انتهاكًا موثقًا ضد الصحفيين خلال عام واحد، بحسب المرصد المصري للصحافة والإعلام.

 

بين الماضي والحاضر: الصحافة التي أعدمها العسكر

إذا كانت حكومة الإخوان قد تركت إرثًا يُحسب لها في دعم الصحفيين، فإن حكومات ما بعد الانقلاب لم تترك سوى القمع والفقر والإذلال. بدل التدريب، الذي بدأ بعشرة جنيهات في عهد السادات وتطور تدريجيًا، أصبح في عهد السيسي لا يكفي لشراء كتب تدريبية أو حتى اشتراك إنترنت شهري، فضلاً عن أن يُعيد للصحافة كرامتها المسلوبة.