أعلنت شركة مدن القابضة الإماراتية، المُطوّر الرئيسي لمنطقة رأس الحكمة بمحافظة مطروح، منتصف يوليو الجاري، عن أولى مشروعاتها بالمنطقة تحت اسم "وادي يم"، ويضم شققًا سكنية وفيلات فاخرة تطل على ملعب جولف عالمي وشاطئ البحر المتوسط، بأسعار تبدأ من 15.9 مليون جنيه لأرخص شقة، وحتى 324 مليون جنيه لأغلى فيلا بمساحة (1047 مترا).
كما أعلنت شركة "سكاي أبوظبي" استثمار 1.6 مليار دولار في مشروع "سكاي نورث" بـ رأس الحكمة، على مساحة 430 فدانًا، والذي من المتوقع يضم 5500 وحدة تطل 80% منها على البحر، مستهدفة مبيعات بقيمة 240 مليار جنيه، بواقع ما يزيد عن 446 مليونا للوحدة.
ويعاني أهالي رأس الحكمة في الوقت نفسه، منذ العام 2024 وحتى الآن من ضغوط حكومية لإخلاء مساكنهم وأراضيهم من أجل المشروع الاستثماري، مقابل تعويضات يصفونها بأنها "هزيلة وغير عادلة"، إذ عرضت الحكومة دفع 2000 و 5000 جنيه لمتر المباني، و250 ألف إلى 300 ألف جنيه لفدان الأرض.
32 ضعفا للتعويض الحكومي
ووثقت منصة متصدقش أن متر "وادي يم" مجزر من أراضي رأس الحكمة يعادل 32 ضعف تعويضات الحكومة.
وتسلمت القابضة ADQ التابعة لحكومة أبوظبي، وصاحبة مشروع "تطوير رأس الحكمة"، المرحلة الأولى من أراضي المنطقة، في مارس الماضي، بعد أن "نجحت" حكومة السيسي في إخلائها من الأهالي في حين عينت "ADQ" مجموعة مدن، التابعة لها، مطورًا رئيسيًا لمشروع رأس الحكمة،
قبلها بأشهر، وبدأت في وضع المخططات الإنشائية التي كان باكورتها حي "وادي يم".
والحي هو المرحلة الأولى من المشروع، ويقع بمحاذاة شاطئ البحر المتوسط، ويضم وحدات سكنية فاخرة، وفنادق، ومرافق ترفيهية، بينها ناد وملعبا جولف، ومسرح مفتوح بسعة 10 آلاف مقعد.
وتبلغ مساحة أصغر شقة في "وادي يم" 99 مترًا، وتبلغ قيمتها 15.9 مليون جنيه، أي 160.6 ألف جنيه للمتر، وهو ما يساوي 32 ضعف قيمة أغلى تعويض لمتر المباني حصل عليه الأهالي (5 آلاف جنيه للمتر) و80 ضعف أرخص (2000 جنيه للمتر).
وبالمقارنة بأسعار الفيلات الفاخرة، التي تتراوح قيمتها بين 277 مليون جنيه إلى 324 مليون، لمساحة 1074 مترًا، بمتوسط 280 ألف جنيه للمتر، تُصبح قيمة المتر 56 – 140 ضعف سعر متر التعويض.
وحتى فبراير 2025، بلغ إجمالي تعويضات الحكومة لأهالي مدينة رأس الحكمة نحو 6 مليارات جنيه، بحسب أحدث الأرقام المعلنة من الحكومة.
وفي فبراير 2024، أصدر السيسي قرار رقم 55 لسنة 2024 بتخصيص قطعة أرض مساحتها 170.8 مليون متر مربع ناحية محافظة مطروح لصالح هيئة المجتمعات العمرانية لاستخدامها في إقامة مدينة رأس الحكمة وذلك نقلا من الأراضي المملوكة للقوات المسلحة، ونشر القرار في الجريدة الرسمية.
وبحسب (جريدة المال) التي تصدر في القاهرة فإن الإمارات اشترت رأس الحكمة مقابل ٣٠ دولار للمتر، والخطوة القادمة مطار للإمارات ومنفذ خاص بأرض مصر للدخول والخروج بلا رقيب أو حسيب حيث لم يخضع حاكم رأس الحكمة للرقابة والادارة المصرية، والأمر أن من يبني رأس الحكمة وفق التصور الإماراتي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة
وهو ما يعني أن التعويضات الحكومية تساوي 377 وحدة من الشقة ذات الغرفة الواحدة، أو 21.6 فيلا من التي تبلغ قيمتها 277 مليون جنيه، أو 18.5 فيلا من التي تبلغ قيمتها 324 مليون جنيه.
واحتفلت "مدن" على مدار الأيام الـ3 الماضية بإطلاق "وادي يم"، عبر منصة أقامتها في "رأس الحكمة"، شهدت فقرات غنائية، واستخدام مكثف للألعاب المضيئة والنارية، بحضور عدد من رجال الأعمال الإماراتيين والمصريين، ووسط تشديدات أمنية، بحسب بعض أهالي المنطقة الذين تحدثوا لـ "متصدقش"، وصور ومقاطع فيديو اطلعنا عليها.
وبدأت مفاوضات الحكومة مع السكان على إخلاء مدينة رأس الحكمة منذ نحو 8 سنوات. وفي عام 2018، بدأت دفع تعويضات 150 ألف جنيه لفدان الأرض، وبين ألفين وخمسة آلاف جنيه لمتر المباني.
وفي مارس 2024، وقعت مصر والإمارات صفقة تطوير رأس الحكمة والتي تبلغ قيمتها 24 مليار دولار بالإضافة إلى تحويل 10 مليار دولار ودائع إماراتية لدى مصر إلى جنيه واستخدامها في المشروع.
وكثفت الحكومة منذ ذلك الحين مساعيها لإخلاء الأراضي من أجل المشروع، وتولى وزير النقل والصناعة الفريق كامل الوزير التفاوض مع الأهالي على التعويضات التي زادت قيمتها لـ 300 ألف جنيه للفدان مع ثبات قيمة تعويض متر المباني، وهي قيم غير عادلة بحسب الأهالي.
وقال سكان المنطقة: إن "أجهزة المحافظة وبمعاونة الجيش في المنطقة الغربية للقوات المسلحة تلاحقهم لإخلاء بيوتهم (ملكية خاصة) إلى سكان بديل (إيجار شهري) بدعوى تطوير المنطقة مع الوعد بالعودة إلى بيوتهم من جديد على غرار ما يحدث في رأس الحكمة وجميمة وشاطئ عجيبة وشواطئ أخرى بالمحافظة".
وأضاف أحد السكان في مداخلة تلفزيونية مع قناة الشرق إن محاولات التهجير القسري المستمرة مرتبطة أيضا بانقطاع مستمر ولشهور لمياه الشرب، وهو ما شعر به ضيوف مطروح خلال مواسم التصييف في العامين الماضيين وبقوة ومن المتوقع أن يتكرر هذا العام.
وأشار متداخل آخر إلى أن بيوتهم يسكنون فيها وليدهم بها عقود مسجلة بالشهر العقاري وتريد أجهزة الدولة إزاحتهم إلى سكن بديل أقل حجما وبالإيجار وأنهم لا يجدون أذانا صاغية من المسؤولين الذي يعلنون أنها أوامر وأن أصغى المسؤول يكشف أنه عاجز عن اتخاذ أي إجراء أمام قرار التهجير بدعوى التطوير.
وفي أكثر من لقاء مع "الوزير"، أبدى الأهالي اعتراضهم، وقدم بعضهم تظلمات على قيمة التعويضات، إلا أن الأغلبية قَبلت بالأمر أملًا في تحسين واقعها الجديد والاستفادة من العمل في المنطقة عند تطويرها.
وكان آخر المرات التي شهدت اعتراضات من أهالي رأس الحكمة، عندما زار "الوزير" رأس الحكمة في مارس الماضي ثاني أيام رمضان، رفقة مصفحات وعربات شرطة مدرعة، ومعدات هدم، وطالب سكان نحو 20 منزلًا بالإخلاء تمهيدًا للهدم، لكنه قوبل باحتجاجات من الأهالي، ورُشق موكبه بالحجارة ما أسفر عن كسر زجاج سيارته.