محللون: انخفاض الدولار مؤقت.. واحتفاظ البنوك بتدفقات الأموال الساخنة لن يمنع تكرار السحب المفاجئ

- ‎فيتقارير

قال مراقبون:  "من جديد استقبلت مصر من خلال البنك المركزي النقد الأجنبي فيما يسمى "الأموال الساخنة وإننا "لم نتعلم الدرس" وهو السقوط المفاجئ للعملة المحلية وتآكل قيمته للحد الأدنى، وساهمت زيادة تدفقات الأموال الساخنة في انخفاض الدولار 2.1 جنيه خلال يوليو الماضي، وتعد مصر أحد أكثر الدول الجاذبة لمستثمري "الأموال الساخنة" بسبب العوائد المرتفعة حتى الآن لأذون الخزانة (أدوات الدين) التي وصلت إلى 27.7%، خلال الأسبوع الفائت.

وقال رئيس قطاع البحوث في الأهلي فاروس هاني جنينة لنشرة "إنتربرايز": "ما دام صافي الأصول الأجنبية يرتفع، فهذا يعني أن البنوك لا تصرف تدفقات النقد الأجنبي. وبدلا من ذلك، تحتفظ البنوك بها تحسبا لخروج محتمل لهذه الأموال مرة أخرى، مضيفا أن هذه الاستراتيجية توفر الأمان وتحمي الدولة في حالة وقوع أحداث مماثلة لما شهدناها في 2022.".

ووصل صافي الأصول الأجنبية إلى مستوى قياسي في مارس، متجاوزا الذروة السابقة البالغة 14.3 مليار دولار المسجلة في مايو 2024 — بفضل الشريحة الثانية والأخيرة من اتفاقية رأس الحكمة البالغة 35 مليار دولار.

في جين كانت مصر تعاني من عجز دام مدة طويلة في صافي الأصول الأجنبية منذ فبراير 2022، عندما أدى اندلاع الحرب في أوكرانيا إلى تدفقات رأسمالية خارجة بنحو 20 مليار دولار.

صافي الأصول الأجنبية

وأعلن البنك المركزي عن ارتفاع صافي الاحتياطيات الدولية ليصل إلى 49.036 مليار دولار أمريكي في نهاية يوليو 2025، وأشار البنك في بيان صادر عنه إلى ويعد ذلك تطورا ملحوظا في احتياطي النقد الأجنبي لمصر، حيث شهد زيادة بقيمة 336 مليون دولار بنهاية يوليو 2025، ليسجل 49.036 مليار دولار أمريكي في نهاية يوليو 2025، مقابل 48.7 مليار دولار في يونيو 2025.

 

وتوقع البنك المركزي في أحدث تقاريره عن السياسة النقدية في الربع الثاني أن يسجل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4.8% في السنة المالية 2025/2026 و5.1% في السنة المالية 2026/2027، مدعومًا بتوقعات مواصلة دورة التيسير النقدي، مما سينعكس بشكل إيجابي على النمو الحقيقي للقروض الممنوحة للقطاع الخاص، والذي يعزز بدوره من الطلب والاستثمار في القطاعات الاقتصادية، وخاصة الصناعات التحويلية والخدمات.

 

كما قدر البنك المركزي أرصدة الذهب المدرج باحتياطي النقد الأجنبي نحو 13.639 مليار دولار بنهاية يوليو 2025، مقابل نحو 13.586 مليار دولار بنهاية يونيو 2025. وأضاف المركزي، أن قيمة العملات الأجنبية المدرجة في الاحتياطي النقدي ارتفعت إلى 35.216 مليار دولار مقابل 35.076 مليار دولار، كما ارتفع رصيد حقوق السحب الخاصة إلى 183 مليون دولار، مقابل 41 مليون دولار.

قيمة الدولار
ويبدو أن الآمال التي تضعها حكومة السيسي كبيرة متناسية ارتفاع الدولار خلال اليومين الماضيين أمام العملات الأخرى وأبرزها اليوان الصيني وهو ما يعني عودة جديدة للشعر القديم وربنا تزيد.

وكان رئيس حكومة السيسي مصطفى مدبولي، الثلاثاء الماضي أشاد بتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه مؤخرًا، وطالب رجال الأعمال بخفض أسعار السلع استجابة لهذا التغير حتى يستفيد المواطنون.

 وارتفعت قيمة الجنيه أمام الدولار بنحو 4% في يوليو الجاري مقارنة بالشهر الماضي؛ إذ تراجع سعر الدولار من 50.80 جنيهًا إلى 48.7 جنيهًا، إلا أنه وبحسب محللين " رغم إيجابية الخبر، فإن هذا الانخفاض جاء محفوفًا بالمخاطر؛ إذ يرجع أساسًا إلى زيادة تدفق الأموال الساخنة (استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة)، وهي أموال كثيرة المساوئ سبق أن أضرت مصر بشدة خلال السنوات الأخيرة. فقد أدى خروجها المفاجئ عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، إلى التسبب في الأزمة الاقتصادية التي ما زلنا نعيش تبعاتها حتى اليوم".

تدفق الأموال الساخنة

وبلغت قيمة تدفقات المستثمرين العرب والأجانب في أدوات الدين الحكومية 186.3 مليار جنيه (نحو 3.7 مليار دولار)، خلال الفترة من 29 يونيو الماضي وحتى 24 يوليو الجاري، بحسب بيانات البورصة المصرية.

و"التدفقات"، تعني صافي شراء "المستثمرون الأجانب"، لأدوات الدين، ويحسب عن طريق تحديد الفارق بين عمليات البيع والشراء، على سبيل المثال، لو اشترى "المستثمرون" أدوات دين قيمتها 30 مليار جنيه خلال أسبوع، وباعوا أخرى بـ20 مليار جنيه، يكون هنا حجم التدفقات 10 مليار جنيه.

وبحسب "متصدقش"؛ يُشكل ذلك الرقم 4 أضعاف حجم تدفقات "المستثمرون الأجانب"، في الفترة السابقة المماثلة، من 1 إلى 26 يونيو الماضي، التي سجلت فيه 45.7 مليار جنيه (914 مليون دولار) كما تُظهر تعاملات المستثمرين في البورصة المصرية خلال شهر يوليو الماضي هيمنة أدوات الدين الحكومية على تداولات البورصة اليومية بنسبة وصلت 93%، في حين كانت نسبة التداول في الأسهم ومؤشرات الشركات المدرجة 6% فقط.

 

وبحسب خبراء "المنصة" فإن الأموال الساخنة هي رؤوس أموال أجنبية تدخل الأسواق المحلية للاستفادة من ظروف اقتصادية مؤقتة، كارتفاع أسعار الفائدة أو انخفاض قيمة العملة.

وتوفر الأموال الساخنة تدفقات مالية سريعة وتحسنًا ظاهريًا في المؤشرات الاقتصادية، إلا أنها تُعد مصدرًا لعدم الاستقرار، إذ يميل المستثمرون في هذه الأموال إلى سحبها فور ظهور أي مخاطر (داخلية أو خارجية) أو توفر عوائد أعلى في أسواق أخرى. وهو ما يعني بحسب محللون يظل "سعر الصرف مُعرض للارتفاع مرة أخرى، في حال هروب تلك الأموال مجددًا".

وعادت حكومة السيسي للاعتماد على "الأموال الساخنة" عقب التعويم الأخير للجنيه في مارس 2024، ورفع سعر الفائدة بواقع 600 نقطة أساس حتى بلغت 27.25% على الإيداع، و28.25% على الإقراض، وشجع هذا مستثمري الأموال الساخنة، إلى العودة للاستثمار في أدوات الدين المصرية خاصةً توصية مؤسسات مالية عالمية.

ورغم تباطؤ التضخم على مدار الأشهر الماضي، إلا أن البنك المركزي أبقى سعر الفائدة عند مستويات مرتفعة، هي 24% للإيداع، و25% للإقراض، وشهدت حيازة الأجانب من أدوات الدين الحكومية ارتفاعًا كبيرًا، لتصل في نهاية 2024 إلى نحو 2.1 تريليون جنيه، ما يعادل 41.3 مليار دولار، وفقًا لبيانات وزارة المالية، فيما لا تتوفر أرقام مُحدثة حاليًا.

وهو ما يقف أمام دعايات كاذبة للجان الإلكترونية للشؤون المعنوية التي تداولت تغريدة موحدة  قالت: "متخافوش على مصر ..  خافوا ع اللي يجي عليها ..  ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لمصر بمقدار 12 مليار دولار خلال 2024 وهي أكبر زيادة سنوية حققتها الدولة المصرية خلال عام واحد، كما سددت مصر 7 مليار دولار خلال شهري نوفمبر وديسمبر ليصل إجمالي ما سددته خلال 2024 الى ما يقارب الـ 39 مليار دولار.".

بداية الأموال الساخنة

وبدأت حكومة السيسي في الاعتماد بشكل مكثف على "الأموال الساخنة" بعد تعويم الجنيه في عام 2016، حين اتجهت إلى تمويل عجز الموازنة من خلال إصدار أدوات الدين المحلي، مثل أذون الخزانة قصيرة الأجل (من 91 إلى 364 يومًا) والسندات التي تمتد آجالها حتى 30 عامًا، مقابل فوائد مرتفعة.

وعزت حكومة السيسي خروج الأموال الساخنة في 2022 إلى الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب في خروج 25 مليار دولار من الأموال الساخنة دفعة واحدة من مصر في العام ذاته، بحسب تصريحات لـ"مدبولي"، في أكتوبر 2022، وكانت هذه بداية الأزمة الاقتصادية التي لا تزال مصر تعيش تبعاتها حتى الآن.

 وقال وزير المالية محمد معيط وممثل المجموعة العربية الحالي في صندوق النقد الدولي: إن "الاعتماد على هذا النوع من الأموال كان خطأ"؟!

وفي يوليو 2022، قال معيط في تصريحات تلفزيونية: "تعلمنا درس الأموال الساخنة من 3 مرات متتالية في 2018 و2020 و2022، وإستراتيجية الدولة الآن أن هذا النوع من الأموال لا يتم الاعتماد عليه مرة أخرى على الإطلاق".