عسكرة القضاء.. دورة عسكرية للقضاة الجدد تُنهي استقلال النيابة العامة وتحوّلها إلى ذراع أمنية

- ‎فيتقارير

في مشهد غير مسبوق بتاريخ القضاء المصري، أثار تخريج دفعة جديدة من المعينين في النيابة العامة، عقب استكمال دورة تأهيل عسكرية استمرت ستة أشهر داخل الأكاديمية العسكرية المصرية، عاصفة من الغضب داخل الأوساط القضائية.

الدورة، التي شملت تدريبات على استخدام السلاح والاصطفاف والرياضات العنيفة، إلى جانب محاضرات في الأمن القومي والشئون الحربية، اعتبرها كثير من القضاة محاولة صريحة لفرض تبعية معنوية ورمزية للقضاء لصالح المؤسسة العسكرية، على حساب استقلاله التاريخي ودوره في حماية المجتمع.

 

الشرط الذي فرضه مجلس الوزراء في أبريل/نيسان 2023 كمتطلب أساسي للتعيين في جميع الهيئات والقطاعات، بما في ذلك القضاء، مثّل نقطة تحول خطيرة في العلاقة بين السلطتين القضائية والتنفيذية. ورغم التبريرات الرسمية بأن الهدف هو “تعزيز الانضباط

والانتماء الوطني”، يرى معارضو الخطوة أنها خطوة مُمنهجة لعسكرة الجهازالقضائي وإفراغه من حياده.

 

المستشار محمد ناجي دربالة، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق، وأحد رموز تيار استقلال القضاء، وصف الأمر بأنه “إهانة مهنية وتاريخية لمنظومة القضاء المصري”، محذراً من أن إدخال القضاة الجدد في منظومة تأهيل عسكرية يعني عملياً إلحاقهم بجهاز تنفيذي خارجي، ما ينسف جوهر استقلالهم ويضعهم في موقع التبعية منذ لحظة دخولهم

السلك القضائي، مضيفا : “نحن أمام لحظة فارقة، والصمت جريمة مهنية وتاريخية”.

 

ويرى محللون أن هذه الخطوة ليست مجرد تدريب عابر، بل جزء من سياسة أشمل لإعادة تشكيل مؤسسات الدولة بما يضمن ولاءها التام للسلطة التنفيذية، عبر إخضاع قياداتها

المستقبلية لعملية تشكيل ذهني وأمني داخل مؤسسات عسكرية وأمنية. وإذا ما استمر هذاالنهج، فإن النيابة العامة، التي يُفترض أن تكون خط الدفاع الأول عن المجتمع

والحقوق، ستتحول تدريجياً إلى أداة ضبط أمني، تفقد استقلالها ودورها كسلطة قضائية حامية للعدل.