خنق وحرق 37 معتقلا مصريا.. الذكرى الـ 12 لمجزرة سيارة ترحيلات سجن أبو زعبل كادت تتكرر مجددا!

- ‎فيتقارير

بعد ظهر يوم شديد الحرارة، 18 أغسطس 2013، نفذت داخلية السيسي وقوات الانقلاب العسكري واحدة من أبشع الجرائم بعد انقلاب 3 يوليو، حيث قتلت 38 سجينًا بدم بارد داخل عربة ترحيلات، معظمهم من أنصار الشرعية وأول رئيس منتخب الشهيد د.محمد مرسي.

وصل عدد المحتجزين: 45 شخصًا

الوسيلة: إلقاء قنابل غاز داخل عربة مغلقة

المدة: احتجاز لمدة 6 ساعات في درجات حرارة قاتلة

النتيجة: وفاة 38 شخصًا اختناقًا، ونجاة قلة قليلة

 شهادات الناجين تكشف القتل العمد

كشفت شهادات الناجين الموثقة، عن ابتزاز مهين للمعتقلين، حيث طلب منهم سبّ الرئيس مرسي أو مناداة أنفسهم بأسماء نساء مقابل الإفراج عنهم، ثم رفضوا إخراجهم.

وأضاف شهود العيان أن الشهداء الكثرة والناجين القلة شهدوا تعذيبا نفسيا وجسديا حيث الضحك والشماتة من الشرطة وهم يرون المحتجزين يختنقون، في انعدام الإنسانية قال أحد الضباط :”نتمنى موتكم جميعًا” كانت الإجابة الوحيدة على صرخات الاستغاثة.

وبعد قتل المعتقلين كان مشهد الجثث في المشرحة منتفخة، بألوان حمراء وسوداء نتيجة الاختناق، وانتشرت الصور لتوثق واحدة من أفظع جرائم ما بعد الانقلاب.

جريمة بنفس المكان

وباعتبار أن جريمة القتل العمد لمعتقلي عربة الترحيلات لن تسقط بالتقادم، فصدقت على ذلك داخلية السيسي وقتلت خلال 12 سنة من المذبحة، العديد داخل سيارة الترحيلات، وأخيرا نقلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان استغاثة من عدد من المعتقلين المرضى وكبار السن، المحتجزين في سجن أبو زعبل، تفيد بتعرضهم لأحد أشد أشكال التعذيب، والمتمثل في الإهمال الطبي المتعمد ومحاولة تحويل حياتهم إلى معاناة دائمة، بما يؤدي إلى انتكاسات صحية خطيرة قد تفضي إلى الوفاة.

وأوضحت الاستغاثة أن إدارة سجن أبو زعبل تتعمد نقل المعتقلين المرضى إلى مستشفى المنيل الجامعي عبر ما يعرف بين السجناء بـ”سيارة ترحيلات الموت”، بدلاً من سيارات الإسعاف المجهزة طبيًا، وبدون مرافقة أي طبيب للتدخل في الحالات الطارئة، مما يعرّض حياتهم لخطر جسيم ويجعلهم في حاجة ماسة لتدخل طبي عاجل.

وبحسب شهادات حصلت عليها الشبكة من معتقلين مرضى، فإنه خلال الأسبوعين الأخيرين، وبأوامر مباشرة من ضابط الأمن الوطني المسئول عن المعتقلين المرضى المحولين إلى مستشفى المنيل الجامعي، يتم احتجازهم داخل سيارات الترحيلات المصفحة لفترات تصل أحيانًا إلى ثلاث ساعات قبل السماح لهم بالخروج لإجراء الفحوص الطبية في العيادات والوحدات المختصة.

وأشارت إلى أن ذلك يجري في ظروف قاسية، حيث تصل درجة الحرارة خارج السيارة إلى نحو 45 درجة مئوية، بينما قد تتجاوز داخلها 50 درجة مئوية، مع سوء التهوية والحالة المزرية للسيارة، وانبعاث روائح كريهة نتيجة العرق، وعدم السماح للمعتقلين المرضى باستخدام دورات المياه، والتكدس الشديد بداخلها، مما يؤدي إلى حالات إغماء واختناق ويعرّض حياتهم للخطر.

وأوضحت أنه لم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد، إذ حصلت الشبكة على معلومات من أحد المعتقلين المرضى تفيد بقيام ضابط الأمن الوطني بممارسة ضغوط على الأطباء المعنيين بالكشف الطبي، بهدف تغيير توصيف الحالات وتقليل درجة خطورتها، بل وفي بعض الأحيان إنكار إصابة المعتقلين بأي أمراض، الأمر الذي يحرمهم من تلقي العلاج اللازم في الوقت المناسب، ويتسبب في تدهور حالتهم الصحية ووفاة بعضهم.
 

ونقلت المنظمة الحقوقية عن أحد المعتقلين قوله إن زميلًا له مصابًا بمرض القلب أنكر الطبيب المعالج حالته تمامًا، ليتبين لاحقًا، بعد فحصه على يد طبيب آخر، أنه بحاجة إلى تدخل جراحي عاجل، وأن التأخير قد يؤدي إلى أضرار بالغة.

وأفاد المعتقلون بأن بعض الأطباء في أقسام الجراحة، والرمد، والباطنة، ووحدات مناظير الجهاز الهضمي والكبد بالمستشفى، يُعاملونهم بشكل سيئ ويمتنعون عن أداء واجباتهم الطبية والمهنية على النحو المطلوب.

وقال شهود عيان إن “مصلحة السجون المصرية” تتعمد تأجيل وتأخير نقل المعتقلين المرضى إلى المستشفى عبر سيارات الترحيلات (بدلاً من سيارات الإسعاف كما تقتضي الضرورة الطبية)، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى إلغاء مواعيدهم الطبية أو عملياتهم الجراحية، وبالتالي تدهور حالتهم الصحية.

تقرير الجارديان

وفي تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية نشر في فبراير 2016 أشار إلى أن المخرج المصري الشاب محمد الديب كان بين ضحايا سيارة الترحيلات، حيث كان من بين 45 سجينا محتجزين في الجزء الخلفي من شاحنة شرطة ضيقة وحارة في فناء سجن أبوزعبل، شمال شرقي القاهرة، كانوا في الشاحنة لأكثر من 6 ساعات، وكانت درجة الحرارة في الخارج أكثر من 31 مئوية، وبالداخل كانت أكثر سخونة بكثير.

وأضاف التقرير أنه لم يكن هناك مساحة للوقوف ولم يكن لدى السجناء أي ماء للشرب وأن بعضهم انتزع القمصان المنقوعة بالعرق وامتصهّا، وكان العديد منهم فاقدي الوعي.

وأشار إلى أن معظم الرجال في الشاحنة كانوا من أنصار الرئيس محمد مرسي. الرجل الجالس بجوار محمد الديب، المضغوط فيه من الزحام، اسمه محمد عبد المعبود، 43 عاما وعضو في جماعة الإخوان المسلمين.

ومن بين ذوي الضحايا نقلت الصحيفة البريطانية شهادة د.جمال صيام، خبير اقتصادي في جامعة القاهرة، الذي وصل إلى مكتب النائب العام في مصر، هشام بركات، وكان ابنه الأكبر، شريف، قد اعتقل يوم الأربعاء السابق، خلال اقتحام رابعة. ولكن كان “هناك خطأ” كما قال والده للنائب العام، طالبا المساعدة.

ولم يكن شريف صيام عضوا في جماعة الإخوان، ولا حتى من مؤيدي مرسي.، بل قال شريف عبر الفيسبوك أن الإطاحة بالرئيس ليست انقلابا، بل ثورة، كان قد زار المخيم في رابعة العدوية مرتين أو ثلاث مرات ، ولكنه شارك أيضا في المسيرات المناهضة لمرسي، وعندما وردت أنباء فض اعتصام رابعة، ذهب شريف – كما يقول والده- من أجل مساعدة الجرحى.

وبدرجة ما، تعاطف بركات -النائب العام- مع الأب، وأعطى والد شريف رسالة ممهورة منه إلى المسئولين إلى السجن، من أجل “(تسريع إجراءات شريف)، ولكن ما لم يعرفه بركات ولا صيام، هو أن الوقت كان قد تأخر جدا بالفعل.

فقبل دقائق قليلة، وفي الجزء الخلفي من سيارة الشرطة المكتظة على الجانب الآخر من القاهرة، اختنق شريف صيام و 36 آخرين- من بينهم الديب- بالغاز حتى الموت.

وفي اليوم التالي، ظهرت لقطات لـ37 جثة لدى وصولها إلى المشرحة الرئيسية في القاهرة، وكانت معظم الجثث منتفخة، وجوهها حمراء أو سوداء، وكان وجه ديب واحدا من الوجوه القليلة التي لم تتشوه. ولكن وجه شريف صيام كان متورما ومسودا إلى درجة تكاد تمنع التعرف عليه، بحسب الجارديان.

وأشار التقرير إلى أن مسئولي الشرطة قالوا “إن السجناء اختطفوا شرطيا كان قد فتح الباب للسماح لهم بالخروج، مما دفع زملاءه إلى اطلاق الغاز المسيل للدموع داخل الشاحنة لإجبارهم على تركه”.

ولفت التقرير إلى أنه “..ذهبت وسائل الإعلام الحكومية أبعد من ذلك، زاعمة أن مسلحين تابعين للإخوان قد هاجموا الشاحنة في محاولة لإطلاق سراح المساجين، وأن السجناء توفوا بسبب الاشتباكات الناتجة عن ذلك “.

شهادة شرطيين

ونقلت الصحيفة عن الرقيب عبد العزيز، أحد شهود الحادث، أنه كان واضحا أن الأوضاع داخل الشاحنة بدأت تتسبب في اختناق السجناء، لكن الضباط الأربعة ظلوا – حسب زعمه – يرفضون فتح الباب، في النهاية ساد الصمت في الشاحنة، وانهار معظم النزلاء.

بعد مرور بعض الوقت، في الواحدة ظهرا، السجناء الذين كانوا لا يزالون في وعيهم، سمعوا النداء عليهم بالخارج. كان دورهم للنزول، ويبدو أن الأصوات تطلب منهم الاستعداد لتسليم أي من الأشياء الثمينة الباقية لموظفي السجن. ولكن كان القليل من ركاب السيارة يستطيع الوقوف.

وعن رواية المقدم عمر فاروق ومعظم مرءوسيه قوله للمحققين إنه عندما فتحوا الباب أخيرا، تم سحب الملازم يحيى واحتجازه داخل السيارة من قبل السجناء، وأن الفوضى استدعت المزيد من رجال الشرطة من السيارات الأخرى في القافلة، وأن عبد العزيز وزميلا آخر أصيبا في محاولة لانقاذ يحيى، وأثناء ذلك، وفي محاولة إخضاع شغب السجناء، أطلق أحد رجال البوليس الغاز من عبوة محمولة ، تُصرف للضباط للدفاع عن أنفسهم، من خلال أحد نوافذ الشاحنة، ويضيف فاروق، أن الملازم يحيى واثنين آخرين أخذوا إلى المستشفى للعلاج من آثار الغاز، بينما عولج عبد العزيز من جروح في الوجه.

واستدرك تقرير الصحيفة أنه وفقا للناجين وللرقيب عبد العزيز، فهذه الرواية للأحداث هي محض تلفيق. “هذا لم يحدث”، يقول عبد العزيز، الذي ادعى أن ضابطا ضربه فيما بعد في جميع أنحاء وجهه كي يبدو كما لو كان قد وقع صراع.

وأضاف، “دعونا نكون منطقيين” يقول عبد المعبود (أحد مستقلي السيارة من المعتقلين الـ45) “كنا منهكين للغاية، لم نتمكن من مجرد السير ، معظمنا انهار داخل الشاحنة. فقط خمسة أو ستة منا كانوا قادرين على الوقوف. كيف كان يمكننا أن نهزم ضابطا؟”.

وأضاف، “لم تستجب وزارة الداخلية المصرية لطلبنا في الحصول على تعليق، أو لإجراء مقابلات مع الشرطة وموظفي السجن، ولكن شهادة الرقيب عبد العزيز تشير إلى أن السجناء لم يكونوا في أي حالة تسمح لهم بخطف أحد الحراس.. عبر النظر خلال النافذة الخلفية للشاحنة، كان المشهدا مروعا. “الجميع متراجع للداخل وملقون فوق بعضهم البعض” قال عبد العزيز.